جد لنفسك توأم الروح ومرآة الذات - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

جد لنفسك توأم الروح ومرآة الذات

  نشر في 19 يناير 2017 .


يخيل إلى الكثيرين أن عبارتي توأم الروح و مرآة الذات تعني دائما العشيقة و الحبيبة و الخليلة ، فالإطلاع السطحي على المعنى يوحي لصاحبه بذلك ، إلا أن جوهر العبارتين غير ذلك إطلاقا، إنها تعني نصفك الأخر و جزئك الثاني المكنون داخلك ، الذي يعطيك دون أن ينتظر منك شكر أو ثناء. ذاك المكمل لروحك و المهذب لنفسك ، الذي يجعلك تبحث في سويداء قلبك و أعماق وجدانك عن المعنى الحقيقي و السرمدي للحب، الذي به ستحيى حياة السعادة و الجمال ، و بدونه محال أن تصل إلى الحقيقة ومعنى الجلال.

و لسبب يجهله عقلك الصغير و يدركه قلبك السقيم ، لتزال تجهد نفسك في البحث الممل عن ذاك الرفيق، وترهق بدنك في السير الحثيث إلى ذاك الأنيس، غير آبه بوعورة المسلك و بحتمية المهلك.

لعمري إنها رحلة لا يملها إلا جاهل أو جاحد ، و لا يدرك مشاهد جمالها و لطائف أسرارها إلا من كان داخله رطب ما فيه عطب ، فهي رحلة تخرجك من كهف ذاتك المظلم لتنقلك إلى فضاء روحك المشرق، الذي ما فتئ يستمد زينته ونوره من مشكاة الخالق البديع العليم العظيم ، و ما فتئ يبحر في مقامات النور المبين على سفينة الأنبياء و الصالحين ، حيث الجميع موسومين بحلية الغر المحجلين راكعين ساجدين، يمشون على خطى مواكب العابدين الزاهدين ، في طواف لا نهاية و لا وداع له ، سائرين على إقاعات تحايا السلام، كأنهم مطلع الكوكبي الذري في منازل ناشئة الليل ، مبتغاهم الجلوس بين يدي الرب الرحيم في درجة الحمد و الثناء.

لعل الوصف تشابه عليكم يا أصحاب فضعتم في متاهات التفكير و التخمين، و لعلكم تسألون من يكون هذا النصف المكمل و هذا الرفيق المتمم.. و لعلكم بدأتم تقلبون صفحات مخيلتكم بحثا عن مكانه، فرحتم تقولون فلان أو علان ..

لا يا أصحاب.. إن رفيق دربكم هذا ليس بصديقكم و لا زميلكم ولا أخ لكم و لا حتى أستاذكم،.. فهو أعظمهم شأنا من ذلك.

إنه صوت داخلي ، عبارة عن كلام ذي معاني دقيقة، و إشارات عميقة، و طرقه رقيقة ، يناديك ألا تلتفت للشهوات الزليقة. هو همس تنفلق منه الأسرار والأنوار ، و فيه ترتقي الحقائق، لتتنزل العلوم و الفهوم فتعجز الخلائق. إن نفح جماله و زهر بهاء درره لمونقة، و من نور الخالق متدفقة، وزمام الأمر به منوط ، فإذا أدركت جوهر كنهه فلن تحتاج لا إلى واسطة و لا إلى موسوط.

إنه أقرب منكم إليكم ، إذ هو سركم الدال عليكم ، ومذكركم القائم بين يديكم.

حتما قد اكتشفتموه الآن ، إنه يسكن فيكم منذ وعيتم أنفسكم ، فتارة يوبخكم وتارة يعظكم و تارة أخرى يجعلكم تحسون بالفراغ و الضيق ..

إنه الضمير، المبصر لآيات الطريق التي ستسلكونها في مسيرة الكشف و التجلي بين الخلوات و الجلوات ، غير مكترثين للجروح و المكابدات، واضعين نصب أعينيكم درجة اليقين ، وممسكين بالحبل المتين، ومتخلقين بخلق سيد المرسلين.

فيا معشر الحيارى التائهين بين حدائق الروْحِ و الرياحين ، ايها الموقدون لفتيل التراتيل و المدلجين بمحارب السرى و الرياض و البساتين ، يا من أحرق لهيب الشوق و تباريح الجوى أفئدتهم العامرة بالفيوضات الربانية والسبحات الإلهية . امسكوا بأطراف خيوط النور الهادية إلى أقوم المسالك الموصلة لذي العزة و الملكوت، لتنهلوا من كرامات الأسرار الرحمانية، و تدركوا حكم البكاء بين يدي الذات العلية . ابقوا على صلة بأناكم الأخر أو قل الأعلى ، حتى يستعيد جناحكم المصاب عافيته ، و يفلت من أسر قيود الشرود عن وصال الحبيب المحبوب .



  • 1

   نشر في 19 يناير 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا