بسم الله الرحمان الرحيم 

وصلاتا وسلاما  على أشرف المرسلين 

قارئي العزيز كيف حالك? عساك أفضل الآن 

قبل أن تقرأ لي شاركني قهوتي . لا تحب القهوة?  صنعتها خصيصا بحليب مكثف محلى  ونوتيلا و إسبريسو نسكافيه dolce gusto 

ليست قهوة تونسية هاته المرة

وضعت قطرات من زيت الصندل تحترق وشمعة عطرية برائحة الورد 

الحمام يأكل على الشرفة ويستحم في إناء الماء .. 

وبقية  الحمام تأكل في الشارع ... ما أجمل تجمعها .. 

أجمع الخبز اليابس وأرحيه وأخلطه بقليل من الماء وهكذا يسهل عليها أكله وآلتقاطه 

سأبدأ  قراءة رواية جديدة

لكني أردت أن أحكي لكم  قبلها عن لقاء لطيف ليلة البارحة

إنفجر المكان بالسياح . نقطن بضعة مئات آلاف في هاته المدينة وفجأة صار المكان يعج .. ربما ناهز المليون أو أكثر 

زحمة واكتظاظ .. فهربت بعيدا إلى هذا الشاطئ

المنتزه يطل على البحر من علي . وتحتنا شاطئ إصطناعي من الرمل والحجارة الصغيرة . لا توجد شواطئ طبيعية  كبلداننا إلا واحد فقط تركناه  خلفنا يعج  بضجيجه وهربنا لصخور 😂

تتناثر الصخور وسط الماء ..  تتجمع حولها الأسماك وغيره وتعج  بالأصداف.

فوق  حيث الجرف العالي تتلوى طرقات نحتتها أرجل المتجولين والمارة .

وترى هناك درجا بني من قديم زمن .. ربما هو كل ما تبقى من قصر كان يطل على هذا الجمال .

أعلى أين جلست بقايا غابات بلوط وشجرة زيتون عملاقة .. والكثير من أشجار شامخة تتعانق أغصانها .. وتتشابك .. طاولات لوح وكراسي مبثوثة هنا وهناك لمن أراد الجلوس.. أعمدة حديدية متوازية للعب الجمباز ..وألواح تسلق للأطفال .. أماكن لتزحلق عليها .. 

بقينا نتأمل المشهد مع الغروب .. صارت مياه البحر كالزيت .. صافية لامعة هادئة ..

كنت أقرئ وسمعت بجانبي شخرة 

رفعت رأسي ورأيت ثلاث خنازير برية تتمشى 

كانت متوسطة ربما أقل من سنة. وهذا يعني أن والديها بالقرب 

وقفت بمحاذاتنا تريد أكلا. ولأول مرة حمدت الله أني لم أجلب أكلا 

لا لشيء سوى أني كنت سأطعمها طبعا وأستسلم لتلك الغواية  وكانت طبعا  لتتبعنا وكنا سنقع بمأزق 

سرنا بلطف بمحاذاتها .. وددت لو كان عندي أكل .. 

لكني لست وحدي لأروض خنزيرا بريا 😂 

بات المكان مظلما بلا أضواء بداخله 

إستغربت بادئ الأمر .. لكن طارت وطاويط ليل وصاح بوم .. وعصافير أوت لبيوتها. الخنزير خرج يتمشى .. وغيره ما لم تره عيوننا .. وفهمت أنها مكانهم ليلا ومن حقهم بعض الأمان ولهذا أظن البلدية تركته نقطة مظلمة عمدا واكتفت بأضواء المنازل والشارع 

قارئي العزيز 

عدت للبيت ممتنة سعيدة بتلك اللقيا .. ووجدت شيىا جميلا بٱنتظاري .. كرسي أخضر مخملي .. سيكون جميلا بركن قراءتي 

هل أخبرتك? هنا يلقون ما فاض عليهم 

يضعونه جانبا ومن يحتاجه يأخذه 

أخذت الكرسي سعيدة. فهو ستايل لويس 14 أو شيء كهذا .. ومع قليل من الصيانة يصبح لركني رونقه الخاص

هل أتحدث كثيرا عني? 😊 فقط أنبهك لأهمية الركن الخاص .. هو كbulle de crystal .. تحميك من غدر الناس من جفاءهم  .. من الوحدة من الإكتئاب من الحزن... 

تذكر ذلك ..تدخل ركنك ..تشحذ طاقتك وتعود حيا ..المهم أن يكون ركنك دون أن تتشاركه كله مع الآخر حتى لا تخسره تماما 

في طريق عودتنا ..  تلوح لنا تلك الأسواق الصيفية  القابعة على الرصيف الممتد شاهقا على البحر..  تؤنس أنظارنا 

بكل مدينة أو قرية تجد تلك المعارض الصغيرة بكل حرفييها وسلعهم بألوانها روائحها حياتها.. كل عشية وتمتد لليل ..طيلة ليالي الصيف كلها 

تستيقظ القرى والمدن من سباتها هكذا وتحيا وتنبض فجأة وتتوهج .. وتمتلئ وتزدهر.. ثم تعود لسباتها في الشتاء 

قارئي العزيز .. 

أتساءل ..  لم لا أستفيق من سباتي? أقرئ أكثر من غيري .أعد أطعمة وحلويات  أكثر من بعضهن  .. أشتري أشياء كيوت و أملك مكتبة معتبرة ...  

لم لا أتحرك وأعمل من البيت مثلا ? لم لا أستغل مواهبي 

أراجع نفسي .. 

الظل .. الظل الكئيب الواهن   يلفني  يخفيني ..وهكذا أحس أمانا زائفا و أني بخير ..مادمت لا أرى ومادمت خفية ..لن أتأذى

لكن من بقي في الظل ماذا نابه?

هل للحظ دور?

لنرى ..حاولت صديقات لنا الإتصال بي .. للخروج في فسحات لكن للأسف لم تتحصلن علي .. لأن خط هاتفي لا يعمل  ..

هنا  يتم كراء فيلا بمسبح وقضاء فترة فيها.. وتلتقي الصديقات وتكون أجواء نسوية جميلة مع أطفالهن .. حلويات شواء سباحة ضحك ولعب ..

لست محظوظة 😭😭

تلك رواية ... 

رواية أخرى 

ما حاجتي بخط هاتف الآن? من سيتصل بي !!! كل أهلي ببلد آخر ولا أملك أحدا هنا .. لا لن أعيده الان فقد سرقوني كفاية .. حين أحتاج خطا سأعيده 

وهكذا ترى .. ليست علاقة حظ.. بل علاقة إستهانة بشيء ما كان يجب أن أستهين به .

قلت من سيتصل بي .. واتصلت بي كثيرات حتى ظن الناس أني بتونس .. وانا بركن أختنق ...

إنها الفرص التي يجب أن نهيئ لها مكانا عزيزي القارئ ..ليس للحظ أي علاقة بالأمر .بل سوء تقدير مني وتهاون وضيق أفق وتفكير محدود ..

دائما لصورة وجهان ... 

فلقائي الجميل مع الخنازير كان مثلا لينتهي بكارثة لو هربت وربما حتى لو أطعمتها ولحقتنا و و و 

إنتبه من الظل.. ولا تستسلم وليس كل ما نراه حظ عاثر أو شيء محزن يعني بالضرورة شر لنا .. وليس ما نراه قلة حظ يعني فعلا قلة حظ 

ربما نجانا الله من أمر كان الآخرون سيلحقون بنا أذى مثلا 

أو مثلي أنا إستخففت ولم أقدر الأمور ففقدت فرصا ..

كن بخير قارئي