ولم نزل نحيا كأن الموت يخطئنا ،من اجود ما قال السيد محمود درويش ،جملة رغم بساطة تشكيلها الا انها تختزل عدة معاني حق للمرء إستنباطها،غير ان الواضح منها إشارتها لحتمية الموت ولعبة الوقت ،كم من عزيز كان بيننا بالامس ،خلال الساعة الماضية ،ليبقى من وجوده مجرد الذكرى في اليوم الموالي ،كم من غالي واريناه التراب ،على حين غرة ونحن على امل اللقاء به في دنيا الاحياء ،ليكتب اللقاء التالي بدله في عالم الموتى،وربما يكون الآخر المفتقد هو الآنا ذاتها،انه الموت ببساطة حتمية لا تخطئ بقدر ما نخطيء نحن في استغراق الوقت لذواتنا ،فتضيع لحظات العمر على غير نسق كأنها صفحات كتاب تطوى عبثا وبصفة ميكانكية مملة،فلا عيشا بمعنى العيش تمضي!
قيل قديما وفراق ذوي القربى اشد مضاضة من وقع الحسام المهند،فأغتنموا نعمة الحياة بجوار الاهل والاحبة والاصدقاء ،بعيدا عن السلوكيات المجتمعية المعقدة التي تطمس قيم حسن الظن و صلة الرحم ولين القول والجانب،التي ما تلبث ان تصير عديمة المعنى حين يخطف الموت احد المقربين ،وخير الذكرى ماكان جميل قول وفعل بدل السلوكيات السالفة الذكر،عطاء ا لا ينتظر منه المرء ردا ،إحسانا دونما مقابل ،فهاته المعاني تكفل للمرء حياة اخرى بعد الموت ،فبعض الاشخاص وان ماتوا مازالوا أحياء ا في اذهاننا بجميل افعالهم وخصالهم التي نابت عنهم حين غيابهم و لنعم الحضور هو ،والبعض اموات سلفا و ان كانوا أحياء لسواد افعالهم واقوالهم، ان المقصود مما قيل اننا في حضرة الوقت والموت ماضون لامحالة ،وليس السؤال الصعب متى؟ او كيف؟ او اين؟ بقدر ما يكون هل اديت واجبي في الحياة؟ ولهذا الواجب اوجه عدة اهمها إخلاص العمل والعبادة للخالق ، وكذالك مراعاة حقوق العباد ،من مودة وتراحم و تآزر ،فحين تعاش الحياة على هذا النسق ،تنتقل من سياقها الفردي المحض لتكون إنسانية في صفة أكثر شمولية ،وتكسبها معنى حين تضع لنفسها هدفا قد يكون خدمة للبشرية بعلم او عمل وقد يكون في ابسط حلة وابهاها خدمة بكون المرء قدوة بجميل الأثر الذي يخلفه في نفوس الاحياء وهو بين الاموات،لم نخلق عبثا و بالمثل لا يجب الموت عبثا ،و لا تذخروا جهدا في اخد القبس ممن يزرعون الخير من الاحبة و الاقارب فقد يرحلون على حين غرة ولا عزاء سوى الاثر الذي ينالنا منهم.