بعض الكتب ممنوعة رقابيا، مرغوبة جماهيريا ومسموح بها خليجيا في بعض الدول، فضول القُرّاء يشدهم لقراءتها وعلى أكتافهم تكون شهرتها.
بالرغم أني مؤيد لسياسة منع الكتب، بنفس الوقت لا أوافق منعها إن لم تكن هناك أسباب معقولة ومقبولة، وعلى الملأ مُعْلَنة توضح للقارئ لماذا تم حٓظْرْ الكتاب الفلاني، المنع بالطريقة العلنية سيكون إيجابي بمثابة العقوبة للمؤلف عندما يُحْرم من نشر كتابه في دولة ما، كذلك سبب مقنع لِيَكُف القُرّاء عن اقتنائها فتصبح وسيلة لتغيير وجهة القارئ بعقلانية.
إليكم بعض الكتب المحظورة في معرض الكويت الدولي للكتاب: رواية مدن الملح لعبدالرحمن منيف التي تعتبر من أشهر الروايات العربية، سلسلة كتب جلال أمين ماذا علمتني الحياة، ومكتوب على الجبين بينما كتاب رحيق العمر الذي يعتبر مكمل للأجزاء السابقة موجود، أضف إلى قائمة المنع كتاب د.أحمد الخطيب الكويت من الدولة إلى الإمارة الجزء الثاني فقط، كتاب فئران أمي حصة للروائي سعود السنعوسي، وللكاتب السعودي عبده خال الذي مُنح جائزة البوكر سنة ٢٠١٠ ميلادية في رواية "ترمي بشرر" بل لا تجد بعض رواياته تباع في المعرض فضلا عن موطنه، كذلك بعض كتب المؤلف محمد حامد الأحمري بإستثناء مذكرات قارئ وملامح المستقبل، هذا ما يحضرني في حين قائمة المنع تطول .
قد تُصادف كتب نزل في حقها حكم المؤبد وهي الآن ممنوعة من الدخول ومحظور بيعها في دور النشر بينما هي مسموح بها لدى معارض الكتاب في الخليج، وما لا تجده في الخليج فهو متوفر في الدول العربية، أذكر أنني قمت بزيارة معرض الشارقة الدولي للكتاب واشتريت رواية مدن الملح (تتألف من خمسة أجزاء)، ثم سألت دار النشر عن كتب أخرى مظلومة لماذا لا تباع عندنا في الكويت ؟ فقيل لي: أحيانا تمنع بسبب صفحة، وأخرى لأجل سطر مكتوب دون إبداء أي أسباب واضحة من الجهة الرقابية !!
إليكم صنف آخر من الكتب كانت محرومة من النشر ثم رُفع عنها الستار مثل كتب د.علي الوردي منها وعاظ السلاطين، وقصة أشراف بني سعود، ولغازي القصيبي شقة الحرية، وثورة في السنة النبوية، وبوشلاخ البرمائي، ولنجيب محفوظ رواية أولاد حارتنا، ناهيك عن الكتب التي حارت بها القرارات السنوية حيث تجدها سنة ممنوعة والتي تليها مسموح لها بالنشر وسنة أخرى تباع بالخفاء، منها كتاب سأخون وطني لمحمد الماغوط الذي يحتوي على مجموعة مقالات سياسية ساخرة، وأخيرا وجدت كتاب لا بد من منعه وهو موسم الهجرة للشمال لمؤلفه الطيب صالح، محتواه لا يصلح لمن هم دون السن القانوني لقراءته كما هو الحال في أفلام الكبار.
على العموم ما ذنب الكتاب حتى يُمْنع سنوات من دخول البلد ثم يُفْرج عنه بعد انقضاء مدة النفي !! ، أليس من باب أولى محاربة الروايات الهابطة التي هي في صدارة الكتب من حيث المبيعات وضحالة الفكرة، وركاكة اللغة والإسلوب حتى العامية لا يجيدونها !، بعض عبارات الكتب مقززة، تعرف مؤلفيها بسيماهم لا يكتبون إلا الروايات، فهي أولا وأخيرا تمثل أصحابها ... على الرغم من هذا كله قد تجد مؤلفها لا يكاد يقرأ كتابا !
لا شك أن هناك قانون مطبق لدى الجهة الرقابية المسؤولة، لكن هل توجد قائمة منشورة مع ذكر السبب في حق كل كتاب حتى نُدْرك أن تلك الكتب تستحق المنع !؟
من الواضح عندما تحمل الصفحات وزر كلمات مكتوبة، فإن الكتاب يعاقب بالحرمان بسبب جريرة كلمة، سطر، صفحة أو فكرة، في المقابل أغلبها متوفرة كنسخ إلكترونية يمكنك البحث عنها وقراءتها في الإنترنت مجانا أو قم بتنزيل إحدى تطبيقات المكتبة الإلكترونية.
من المعلوم أن الإنترنت يحتوي على الغث والسمين صوت وصورة ومشاهد حية، فإن منع الكتب في هذه الحالة لا معنى له في ظل وجود وسائل التواصل الإجتماعي والإنترنت.
قد تجد الأفكار المسمومة منفذا للتأثير على عقلك من خلال الكتب وغيرها، لكن لا أحد يستطيع التحكم بقناعاتك ومعتقداتك غيرك أيها القارئ والمستمع، خصوصا إذا كنت تمتلك مهارة التفكير الموضوعي.
في نهاية المقال، نأمل في تغيير سياسة المنع المبهمة، فكل كتاب محظور من النشر أسبابه غير مُعْلنة للقُرّاء كأنه سرٌّ لا يُذاع. (للفائدة أرجو البحث عن مقال "عندما تُحارب الكتب" للكاتب حسين الراوي).
بالمناسبة ... ما هي آخر أخبار مسرحية "هذا سيفوه وهذي خلاجينه" !!
-
FAISAL ALMULLAمهتم في الاقتصاد ومحب للتفكير الناقد والإدارة
التعليقات
أن ينفذ الفساد حتى في الكتب؟..ذلك الفساد الذي أينما يولي الشاب وجهه يجده أمامه فاتح له ذراعيه.. يجدر بنا أن نبكي ونندب هذه الكارثة
التي حطت من قدسية الكتاب والمطالعة، إذ تجد الشباب يمسكون بأيديهم كتابا لا يكادون يفارقوه، فتحسبهم مثقفين محبين للعلم، وإذا بهم
يقرؤون الكتب الفاسدة التي تخلو من الثقافة والعلم إلى أبعد الحدود..
ولكن الحكومات لا يكثرون لذلك..فالكتب التي تعارض سياستهم، ولو كان ذلك بعبارة أو كلمة توحي إلى ذلك، هي الأجدر بالمنع لديهم..وأما الفساد فمرحبا به في كل مكان ليكمل مهمته من إفراغ أدمغة الشباب وتحطيمها..