قصه قصيره

د. عبدالله البلتاجى

‏19-1-2015‏

‏"إجتهاد مع نص " ‏

من أغرب الأقوال التى سمعتها فى حياتى

قول بعضهم " لا إجتهاد مع نص‎ " .

كان ذلك محور خطبة الجمعه أمس الأول‎

ولما أنهى الخطيب الموقر الخطبه , وكاد أن ينصرف‎

سلمت عليه , وشكرته كما افعل كل جمعه‎

ثم سألته سؤالى ( الإسبوعى ) , ففى معظم أيام الجمع يكون لى سؤال , أو ‏تعليق مع الخطيب بعد الصلاه‎ .

قلت للخطيب " لا إجتهاد مع نص " .‏‎ "

قال متعجلا : " نعم " .‏‎

قلت متباطئا : ( هل هذا نص أم إجتهاد ) ؟‎

قال : " مش فاهم " , حضرتك بتسأل على أيه ؟‎

قلت متماكرا : الذى أنت سمعته‎ !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.

فهمت أن الرجل وقع فى حيص بيص‎.

فأجبت على نفسى السؤال : ( طبعا هذا ليس نصا قرآنيا , ولا هو حديث ‏للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ) .‏‎ .

قال : تمام‎

قلت متذاكيا ( إذن هو إجتهاد ) .‏‎ ) !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.

وكان الناس قد إلتفوا حولى , وحول الخطيب يسمعون ما يجرى من حوار‎ .

وكأن على رؤوسهم الطير‎ .

قلت للخطيب ( لأول مره فى حياتى أجد كلاما يحمل فى داخله ( طياته ) ‏نكرانه مثل هذا القول , ( فهو إجتهاد , وفى نفس الوقت يحرم الإجتهاد ) .‏‎ ) .

فتدخل أحد الحضور الكرام : " يعنى بتسأل على أيه يا دكتور عبدالله ؟‎ " .

هم تعودوا أنهم يقفون بين يدى الخطيب يسألون , وهو يجيب ( فقط ) , فلا رأى ‏‏, ولا نقاش .. فما هو سؤالى للإمام ؟‏‎

ورد آخر , فقال للخطيب : ( أنت مش ح تخلص مع الدكتور , دا أستاذ جامعه .. ‏مش أى كلام ) .‏‎

فقاطعته قبل أن يكمل الحديث عن شخصى ( بما أعرفه عنه من مديح لى ) .‏‎

قلت للخطيب : عارف ليه من قال هذا القول؟.... واستطردت مجيبا على نفسى ‏‏: قاله : " لأنه كان يريد أن إجتهاده يكون آخر إجتاد !!!!!!!!!!!!!!!!!!!.‏‎

وأكملت , ثم بعد ذلك يمسكنا من أذاننا , ويجر , ولا حس ,ولا خبر‎ .

واستطردت قائلا : ليس هناك ما أصاب هذا الدين العظيم فى مقتل , مثل ما ‏أصاب هذا القول‎ .

كل هذا وأنا أتحدث , والجميع يسمع‎ .

وأضفت قائلا : " منذ أن أغلق باب الإجتهاد , وأصبح لا مستقبل لهذا الدين " ز‎

وأضفت قائلا : " أعتقد والله أعلم .. أن الأصح من قول " لا إجتهاد مع نص " , هو ‏القول " كل نص محتاج إجتهاد‎ " .

فرد الشيخ قائلا : " كيف هذا ؟‎ " .

قلت لأن النص دائما يكونا نصا مقدسا , فهو فى أشد الدقه و البلاغه , وليس ‏فيه لا زياده , ولا نقصان ( كامل ) , ولذلك فهو يحتاج إجتهاد , للتفسير , والشرح‎ ‎‎.

قال : أعطنى مثالا‎ .

قلت .. كل شئ فى النص المقدس محتاج إجتهاد ( شرح , وتفسير ) فلعلك ‏تذكر أن البسمله ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فى تفسير القرطبى مثلا مجلد ‏خاص‎

وأضفت ومثلا فى خاتمة الفاتحه تقرأ علينا فى كل صلاه " غير المغضوب عليهم ‏ولا الضالين " , فما الفرق بين المغضوب عليهم , والضالين , ومن هم كل منهما ‏؟ .‏‎ .

واستشهدت بأية علق عليها طويلا فى الخطبه " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء ‏والمنكر , ولذكر الله أكبر"‏‎

قلت لو أننى أخذت هذا النص دون إجتهاد , وتفسير , وشرح , فإننى شخصيا " ‏لن أصلى‎ " !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

قال لماذا ؟‎

قلت : " لأنه إذا كان ( ذكر الله ) , أكبر من الصلاه , فسوف أكتفى بذكر الله , ولا ‏حاجة للصلاه‎ "

أضفت قائلا ( لأنهى الحديث ) : " إننا أولى بفهم القرآن والسنه من فهم ‏السلف الصالح‎

فكانت الطامة الكبرى , ورد عددا من الوقوف , يعنى أنت تفهم أحسن من الأئمه ‏الشافعى , وأبو حنيفه ؟‎ !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.

قلت : مع أننى لم أقل هذا , ولكن نعم نحن أولى بفهم الإطار الكامل للنصوص ‏المقدسه ( القرآن والسنه ) , أحسن من فهم السلف الصالح , وأضفت متحديا " ‏والصحابه " .‏‎

طبعا هناك من أنكر هذا الكلام كلية , ولكننى أستطردت موضحا‎

قائلا لسبب بسيط جدا " نحن لدينا أدوات عصرنا , كما كان لديهم أدوات عصرهم ‏‏, ونحن أصبحت علوم الدنيا متاحة تحت ضغطة أصبع ( أعنى الكمبيوتر , والنت ) ‏‏, كما لم يحدث من قبل فى التاريخ‏‎

كان الرجل ( الخطيب ) , رصينا , وحصيفا , ومقدرا للموقف, فأنهى النقاش‎

‎

وهو يجمع أدواته ( على العموم , الأمر محتاج مراجعه ) .‏‎

‎( ‎قد يكون يعنى , مراجعه منى , أو مراجعه منه , أو مراجعه من كلينا‎ )

وألقى علينا السلام , وانصرف‎

فجائنى أحدهم مسرا ( من قول السر )‏‎ "

قال : ( على فكره كان فيه ناس واقفه , قالت كلام الدكتور " صح " .‏‎

قلت له : وعلى فكره كثير من الناس كانت تريد أن تخنق الدكتور , لأنها لأول ‏مره تسمع مثل هذا الحوار النقدى " الجاد " وكل جديد " صادم " .‏‎

وكنا على باب المسجد‎

فألقيت عليهم السلام , وانصرفت‎ .

فهل حقا الموضوع محتاج مراجعه‎ .‎

د. عبدالله البلتاجى‎

الأحد 19-1- 2015‏‎

الساعه 6 صباحا