.

لازِلتُ باقية على العهد القديم الَّذي كنت أُرَدِّدُه دائماً "و سيبقى نبض قلبي يمنياً" حتى بعد إيقافهم لإعلاء النشيد الوطني في المدارس كما اعتدْت في مرحلتي.

كنت اُرَدِّد النشيد وكُلي سرور و إبتهال، لطالما وبعد إنتهائنا منه تُمسِك المديرة المايكرفون وتقول لي "رويداً رويدا ابقي قليلاً من الحماس لزميلاتك" 

لَمْ تكُن تعلم بطربي حينها وبأنني أول ما أسمع بداية نغمة النشيد الوطني كل شعرة في جسمي تهتِف "هَلُمّوا لنهتف ونُعلي مجد الأجداد" 

إضافة لذلك، كنت اُعاقب كُل يوم لأنّي أقف تلك الوقفة العسكرية، واضعةٌ يدي على رأسي تحية لما سأقول. 

لَمْ أشعر البتة بأن ما أُرَدِّده مُجرد كلمات خُطتْ لتُسرد سرداً عادياً، بالعكس كانت كُل كلمة أقولها تُنسج بماءٍ من الذهب وأُحاول جاهدةً ألا تضيع مني تِلك الدُرر.

لازلت في كل صباحاً وأنا مغادرة منزلي أمشي أمام مدرستي القديمة و كُلي أملٌ بأن أسمع صوت النشيد يُرفع ها هناك ولو بضربٍ من الصُدفة. 

لستُ أخجل من قولي إني أنتمي لليَمَنْ فبعكس من يشعرون بالتجَهُم والخِزي مِنْ بُلدانِهِم، أقول لهم: "مَنْ لا يفخر بأصلِه فهو مُهشٌ ولا أصل له."

رَدِّدي أيتُها الدنيا كلامي رَدِّدي وأعيديه وأخبري الجميع عن مقالي اخبريهم أن اليَمَنْ تُرفع ولا تُكسر وأنهُ مهما أُستُضعِفت لن تخضع وأنهُ لو غُلِبت على أمرها يوماً لن تُذل. 

أخبريهم جمعاً أم فُرادا بأن اليَمَنْ كانت يَمَنُ الإيمان والحِكمة وستضل كذلك رُغم أنف من أبى.

اليَمَنْ مِلكُ أمانينا الكبيرة بِذرةٍ تُغرس لتُنبِت عِزنا، سِراً وجهراً تبقى مصدرُ بأسٍ خالدةٌ مَرِّ العصور.

اليَمَنْ أهلُها أهل القلوب السمحة هم أرق القلوب وألين أفئدة ..

ذِكرنا لليَمَنْ لابُد أن يأخُذنا لذِكر الرُكن اليماني والأوس والخزرج، ذِكر الملِكة بلقيس ومملكة سبأ والأحقاف واسماء بنت عمير.

ولا ننسى شاعِر نبيُنا حسان وملك العرب النُعمان وسيد الوعاظ الخولاني، وهيهات أن ننسى خيرَ الملوك كرب ابن اسعد أول من آمن بالنبي وأول من كسى الكعبة وأمر قبيلة جرهم بكسائها كل عام. 

اليَمَنْ اُشتقت من اليُمْن واليمين والأيمان والأمانة.

يقرأ إبن عباس قوله تعالى: {وأذّن بالناس في الحج يأتوك رِجالاً} فيقوم إبراهيم عليه السلام فيقول "إن الله يأمركم بالحج" وكان اليَمَنيون أول من لبّى النِداء. 

وحين نزل قوله عز وجلّ: {يا آيها الّذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي اللَّه بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدن في سبيل اللَّه ولا يخافون لومة لائم} فَأشار النبي على أبي موسى الأشعري ويقول "قوم هذا" وكان أبي موسى يَمَني. 

يكفينا كرامة بأن يذود النبي الناس عند حوضه الشريف لكي نشربُ منه اولاً فيقول: "إني لبعقر حوضي أذود الناس لأهل اليَمَنْ أضرب بعصايا حتى يرفض عليهم ليشرب اولاً أهل اليَمَنْ." 

والسَّلام ثُمَّ السَّلام على بلدي الّذي لَمْ يجد السَّلام.