بيت فؤاد ٨
يقال بأن الإنسان يندم على أشياء فعلها، لكنه يندم أكثر على تلك التي لم يفعلها! ويقال بأن الندم هو آفة .. وأنه يأتي دوماً متأخراً بعد أن يفوت الأوان .. فهل يقتلنا في نهاية الأمر ندمنا؟!
نشر في 01 غشت 2018 .
التقيت بشقيق "فؤاد" الذي كان يأبى بأي شكل أن يدخل إلى بيت "فؤاد" طلبت منه أن استأجر البيت لمدة سنة بعدها يمكننا أن نقرر مصيره، ربما أشتريه وربما يمكنه أن يعرضه للبيع على أشخاص آخرين.
كان فضولياً جداً بما يتعلق برغبتي في البقاء في هذا المنزل، أجبته بأنني ابحث عن إجابات لحياتي قد لا أجدها سوى ضمن هذه الجدران. ابتسم دون أن يعلق فسألته عن سبب كرهه للمنزل فأجابني والدموع تلمع في مقلتيه : " لقد كان فؤاد يكرهني .. لقد مات قبل أن يسامحني .. لكنه يشهد الله علينا أنه ظلمني، وظلمني كثيراً".
" إنه يظن أنني أكره لكنني لا أفعل، كريم سافر وأصبحت له حياته التي لا وجود لي فيها، وأنا أفهم تماماً شعوره اتجاهي، أريد أن أغادر العالم بصمت .. لا أريد أن أحدث المزيد من الضجيج".
قال لنا ذات يوم عندما طلبنا منه أن نخبر شقيقه "كريم" بمرضه. في الحقيقة أنا لم أقابل "كريم" إلا بعد وفاة " فؤاد" لكن صديقي كان يخبرني دوماً عن النزاع الذي شب بينهم منذ سنوات مضت عندما اعتقل "فؤاد" وكاد "كريم" يعتقل بسببه أيضاً، إلا أنه استطاع أن يسافر وينجو من ذلك المصير.
وضع فنجان القهوة من يده وراح يمسح الدمعة التي لم يستطع أن يكابر عليها بطرف قميصه، وقال لي وهو ينفث سجارته ..
" لم أتخيل يوماً أن يسبقني شقيقي الأصغر نحو الموت، لقد فعلت ما بوسعي حتى أخرجه حياً من المعتقل .. لقد ولد "فؤاد" متمرداً، لكنه أضاع نفسه وكاد أن يضيعني معه.. ".
ربما لو التقيا في وقت في الماضي وتعاتبا لنسي كل منهما موقفه اتجاه الآخر، لقد رأيت دموع "فؤاد" قبل هذا وهو يتأمل صور شقيقه وعائلته على الفيس بوك، قال لي حينها :" لقد اشتقت لهم كثيراً، لكن كريم قاسي .. لن يسامحني على غربته يوماً."
"لقد كنت أراقبه دوماً عن بعد، حاولت مرة التواصل معه لكنه رفض، وأعتقد أنه حينها كان يحتضر ورفض أن يتواصل معي حتى لا يودعني وهو على هذا الشكل، "فؤاد" كان يرفض الشفقة .. وأنا كنت أرفض التنازل، لكن لو أعادني الزمن للخلف لتبرعت له بما تبقى من عمري على أن أراه حي .. ".
أودع المفاتيح في يدي، طلبت منه أن يدخل إلى المنزل عله يجد من أثر شقيقه ما يود الاحتفاظ به، فقال لي بصوت بدت عليه ملامح الأسى والألم :" فؤاد بالنسبة لي ما يزال حياً، يعيش هنا .. يعزف هنا .. يمارس مجونه وجنونه هنا!. "
ودعني وراح يشق طريقه وهو يتلمس الجدران بيديه، شعرت للحظة بأنه سيفقد توارنه ويسقط، سألني إن كان شقيقه قد تألم كثيراً قبل أن يموت، فلم أجد ما أقوله له، لكن كان صمتي أشد عليه من إجابتي مهما تكن ..
"فؤاد" مات وحيداً، وحده الله يعلم كم تألم في تلك الليلة أم لم يتألم، وربما لم يكن وحيداً البتة، ربما كان يودع الحياة وهو يرى نفسه يعزف أمام جمهوره، أمام الناس الذين أحبهم لكنه مع الأسف فقد طريقه إليهم .. وفقدوه!
التعليقات
لكن الزمان لا يعود
سأقترح عليك أمرا طالما تكتبي بطريقة الفلاش باك. لتحكي الحكاية من أولها لتكن البداية بآخر لحظة، وأتركي مجالا لبعض الغموض والتشويق، الذي سيُفسر لاحقا في نهاية القصة. ومن ثم قومي بسرد الأحداث تراتبيا من الأحدث إلى الأقدم أي كتابة فقره رقم 2 يتم فيها تفسير ماحدث في الفقره رقم 1 وما آلت إلية الأمور وهكذا الفقره رقم 3 تفسر ماآلت إلية أمور الفقرة رقم 2 وصولا للنهاية. كنت اتمنى أن أكمل المتابعة... أتمنى أن تستمري بالكتابة ولا تتوقفي.