لئلا يموت الورد ..
" عندما أعود "
نشر في 06 ديسمبر 2016 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
" عندما أعودُ ... "
لعلَّ الدّنيا ستزهرُ من جديد، أو أنَّ تلكَ الياسمينة التي ذرفتْ أزهارها البيض على أدراج منزلنا ستلملمُ كلَّ زهرةٍ لتصنعَ لي طوقاً من ياسمينٍ مُحال أن يصفرَّ ..ربّما ستغني لي فيروز كلَّ الأغاني التي كنتُ أسمعها عندَ ذهابي إلى المدرسة.
جارتُنا ستعاودُ اختلاسَ نظراتها إلى منزلنا من نافذتها المليئة بحزم النعناع اليابس؛ لترى ماذا ستطبخ أمي اليوم !!
ربّما ستنهضُ دمشقُ عندما أعودُ إليها، ستنهضُ من وهْنها الذي حلَّ بها منذ الفِراق ..
أعلمُ أنّها ستنشرُ الشّمسَ في كانون في كلّ حدائق الشّام، أعلمُ أنَّ شجرةَ المجنونة ستصبحُ عاقلةً بعد مئةِ عامٍ من تسلّقها على جدران الجيران.
نعم .. ستحلُّ القيامةُ .. قيامة الفرح، وموت الكآبة التي احتلّتْ صدورنا لسنواتٍ
أيضاً رفيقُ عمري ستلمعُ عيناه عندما يراني بعدما اقحلّتْ كواحةٍ في صحراءٍ ميْتة
احضنيني يا دمشقُ قبل أنْ يتوقّفَ فؤادي، دعيني أرتعشُ حين ألمسُ جسدَكِ البرونزيّ الساحر على ضوء فانوسٍ في شارع من شوارع العمارة
دعيني أتوسّلُ إلى الأُمويّ أنْ يعقدَ قراننا إلى الأبد، دعي أبوابك الخشبيّة المليئة بالرسائل أن تفتحَ للغائبين
دعيني أحيا بما تبقّى لديّ من أملٍ ولهفة قبلَ أنْ تستلبها منّي الغربةُ اللعينة
امنحيني حفنةً من تُربكِ الطّاهر؛لأغفو به مثل طفلٍ هائمٍ في رحم أُمّه
لا تتركي غريباً ينامُ في الطرقات، بيوتكِ بالحبّ عامرة
أخبريني أنَّ بردى سيمسحُ بمياهه كلَّ تقاسيم الغربة التي رسمتها الغربةُ على وجهي
أَمَا سئمتْ عيونُ قاسيونَ الدّمعَ ؟
أَلمْ يجفُّ بردى بغيابنا ؟
أين أنتِ يا دمشقُ ..أين أنا منكِ ؟
لستُ أدري متى سيحدثُ كلُّ هذا !!
متى سيعودُ الوردُ إلى منابته، لئلّا يموت
آهُ يا قدّيستي كم سأبكي على صدركِ ليلاً !! تلوّع قلبي ...
" عبد الهادي "
-
Abdulhadi Al_Rakepمن الشآم التي عبثاً تحاول مهازل الحياة أن تبعدنا عنها