صحيح أنه ساهم بشكل كبير في انتفاضات الشعوب ضد الديكتاتورية وصحيح أنه وسيلة للدعوة إلى الله، ونشر العلم وصلة الرحم الخ، لكن رؤية الغرب الصهيوني بالتحديد تتجاوز أحيانا آفاق نظراتنا السطحية للأمور، فقد يلجأ الغربيون المعادون للمسلمين إلى نهج سياسات 90 بالمئة منها إيجابية بالنسبة إلينا (نحن المسلمين) ويجعلون 10 بالمئة أو أٌقل منها سلبية وذلك كاف بالنسبة إليهم لتخريب 90 بالمئة ممن استفادوا من 90 بالمئة الأولى.
وهذا ما نلحظ في فايسبوك المغاربة، مليء بالصفحات التربوية والتوعوية ومزدهر بالصور والفيديوهات الحكيمة والحماسية وهلم جرا من دلالات ذات أثر محمود على عقليات المتصفحين؛ جميل ولكن بناء على ما جاء في المقدمة هناك حتما ألغام نفسية تتربص بالشباب، ودون التحدث عن لغم الإشهارات ولغم الألوان والرسائل المجهولة ولغم الأخبار غير الموثوقة ولغم الإدمان على الفايسبوك وكيف يختزل المشاعر في الأيقونات ويلبس المعاملات رداء البراغماتية الخ، دون تحليل كل هذه الألغام أقتصر على ما لحظته بكثرة على "بروفايلات" أغلب الشباب ممن يقضون معظم أوقات حياتهم أمام حواسيبهم:
وهي ظاهرة النفاق والكذب والقول دون الفعل وذلك نتيجة معادلة نفسية تحول نقائص المرء (العاطفية والمادية..) إلى عبارات جميلة تنال إعجاب الطرف الآخر فيضغط على "جيم"، وما جمال تلك العبارات والصور التي تزركش بروفايلات هذه الفئة من الشباب اليوم إلا مؤشر على نفسية مريضة، ألفت التنفيس عن نفسها لحظيا بالنطق من وراء حجاب بكلام عسلي، وواقع الأمر أن الاعتراف بالمرض أو بالعجز هو أولى الخطوات لعلاجه، حسب المختصين، ثم يلزم المرء خطوات عملية للخروج من ذلك طبعا، أما محل الشاهد هنا هو أن الفايسبوك تمكن من خلق نمط سلوكي مفاده الإفراط في القول دون الفعل، وتعجيز المرء عن مجاهدة نفسه وإثلاج صدره بالنفاق الذي هو على حد قول بديع الزمان النورسي (في المكتوبات) "النفاق كذب ضار جدا، والكذب نفسه إنما هو افتراء على قدرة الصانع الجليل"، ويصدقَ في هذا النوع من المتصفحين قول الله تعالى :"كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" (الصف، الآية 3).
بهذه الإشارة البسيطة آمل يا معشر الشباب أن تنفضوا عنكم أنماط الغرب السالبة لمبادئنا الهوياتية وتكسروا قيد الاستعمار الذائب في بيئتنا.
-
زكرياء حشلافخريج المدرسة العليا للأساتذة بفاس-المغرب، تخصص: التكنولوجيا التربوية والتطوير المتعدد الوسائط، مهتم بعلم النفس التربوي وبمهارات التطوير الذاتي