البرتوش...
البرتوش، عبارة عن غرفة صغيرة، أنيقة الأثاث والفرش والستائر، تضيء جنباتها قناديل خفيضة، وتتوسطها مائدة واطئة، مليئة بأشربة متعددة الأنواع والألوان.
غرفة فائقة الحميمية والألفة، تصلها متجاوبة متناغمة تغريدات طيور الحديقة، القاطنة منها والزائرة؛ تغريدات في غمرتها المكسرة أهدتني "الحبيبة" كأس عنب معتق، وقدمت لها مثله، فشربنا بتؤدة وتذوق على نخب تجالسنا وتجادلنا، فيها نغمات عزف قيثارة تنبعث على الأثير من مذياع مركون جنب ناصية الباب.
روحي كنز تليد وأنا ابن ملة لا رهبانية فيها، آخذ نصيبي من الدنيا، وبما عندي أجود.
في غمرة اللذائد، لا ينفع التحفظ، ورباطة الجأش لا تليق، بل الأحق أن أحرر العواطف الجياشة، وأهْـتـَبـِلـُها فرصة عزيزة لأمسك بزمام المـُبادأة، وأعيد إلى لسان الحبيبة طلاقته وذلاقته...
توكلت على الذي لا وكيل سواه، فحـُزتها إليَّ وضممتها ضمًّا حتى جلبني قربها وطيبها إلى ختم قبلات خفيفة على وجنتيها، وإذا لحظتها تلين وتروم تقصّدتُ فمها الرائق الشائق، وتعمقت في رشفه وملامسة لسانه ما وسعني الشوق والحنين.
وفجأة سكن المذياع والطير، فساد صمت لم توشيه إلا خفقات قلبينا الجامحين المتعالقين. لولا خوفي من سوء الطوارئ وتعديه حدود اللياقة والكياسة، لدفعت بأس البـُوس والتعنيق إلى قطوف الشهوة العظمى والخير العميم...
سعيد تيركيت
الخميسات - المغرب- 27 / 05 / 2015