لا تتعامل مع ابنك هكذا

    يقوم مجموعة من الآباء بمجموعة من التصرفات ظنا منهم أنهم يقومون بتربية أبنائهم أحسن تربية وتشجيعهم على مواجهة الحياة؛ إذ ربما سيكون ذلك هو دفعهم إلى مسار خاطئ لا يعرفون نتائجه.

    نجد في المجتمع العربي مجموعة من الآباء يقومون بجلسات خاصة مع أبنائهم قصد توجيههم وتعليمهم. إن هذه الجلسات لا تكون مقررة ولا مخطط لها، وإنما هي وضعيات الصدفة حتى يجد الأب نفسه مع ابنه في حوار خاص. لنتابع هذا النموذج:

الأب: إنك يا بني صغير؛ عليك بمتابعة دراستك وستصبح موظفا إن شاء الله.

الابن: يدرس في السنة الأولى إعدادي: إن شاء الله يا أبي.

الأب: انظر إلى ابن خالك قد صار مهندسا، وانظر إلى ابن عمتك قد صار أستاذا؛ ها هو ابن عمك يقرأ في الجامعة ويعمل فيساعد عمك في أحيان كثيرة يرسل له النقود، وسيتخرج قريبا. وانظر إلى ابن جارنا غادر الدراسة فأصبح بلا دراسة وبلا عمل...

- اجتهد يا بني ما استطعت من أجل أن تنال وظيفة داخل الدولة وتُيَسّر حالتنا الضعيفة. ألا ترى أن اشتغالي كعامل في البناء لا يسد حاجيتنا، ففي آخر الشهر أجد نفسي أقوم بالسلف على الأصدقاء...

    هذا الحوار يوضح لنا مدى الشحنة الكثيرة التي يدفعها الأب على الابن فيحمله المسؤولية وهو في عمر صغير، قد يؤدي به ذلك إلى الإخفاق في الدراسة، وتحطيم متمنياته. إذ نجده بعد مدة يستغل العطل من أجل العمل وجمع النقود وتخفيف مصاريف الدخول المدرسي على أبيه ظانا منه أن الدراسة تبدأ مع الدخول المدرسي. فنجده ينتظر بفارغ الصبر ذلك المستقبل الغامض الذي لا يعرف عنه شيئا وظانا منه أنه سيصبح مثل ابن عمه وابن خاله يساعد أبيه ويعطيه النقود ويساعد إخوته الصغار ويشتري ملابس جديدة لأمه... ويذهب إلى السوق ويأتي محملا بجميع أنواع الخضر والفواكه...

    هذا الهم الكبير سيحبط، بنسبة كثيرة، مسار التلميذ لأنه تحمل مسؤولية لا تتناسب مع طاقته. لأن العطلة هي فترة الراحة من الذهاب والرجوع إلى ومن المدرسة وليس الانقطاع عن الدراسة، بل هي فترة للاطلاع واكتشاف أشياء جديدة وأسئلة مستعصية عن الفهم ستكون مقدمة لفتح النقاش مع الأساتذة. لذلك فهؤلاء الأبناء سيصيرون محرومين من هذه الفترة. بل وأكثر من ذلك ستجدهم يفكرون في أمور كثيرة داخل أوقات الحصص مهملين في ذلك انتباههم...

لذلك احرص على تربية ابنك على القناعة منذ البداية واحرص على تربيته على الدراسة ولا تنبهه للمستقبل في سنه المبكر لأن كل مرحلة ومتطلباتها. حاول أن توفر له جميع الحاجيات ولا تشعره بضعفك ونقصك، وحاول أن لا تقول له: انظر إلى فلان وإلى فلانة... انظر إلى ذاك ماذا صنع ... بل شجعه على أن يبتكر أمورا خاصة به... شجعه على اللعب كما تشجعه على القراءة والدراسة... حاول ألا تقول له قد صرفتُ كثيرا من النقود في هذا الشهر أو في الدخول المدرسي وحاول أن لا تشاركه همومك في عمره الصغير لأنه سيحمل همك أكثر منك. وللحديث بقة...