آدم من نطفة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

آدم من نطفة

  نشر في 06 ديسمبر 2021 .

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. اللهم صل على محمد واله الطيبين. ربنا اغفر لنا ولإخواننا المؤمنين.

وفق مبادئ الفقه اللفظي الاصولي السائد يكون من السهل القول ان ما دل على ان الانسان مخلوق من نطفة ومن ماء تخصص بما دل على ان آدم مخلوق من طين ومن صلصال وفخار. لكن هذا توهم اذ لا بد أولا من اثبات امكان تخصيص ذلك العام بذلك الخاص، وثانيا اثبات دلالة الخاص على ان ادم عليه السلام هو قالب من طين وصلصا وفخار.

اذ ليس كل عام يمكن تخصيصه بل إذا كان للعام رسوخ وانتشار ونفوذ كما في آيات الخلق من نطفة ومن ماء يصعب القول بتخصيصه بخاص يدل على خلافه. وهنا يتجه الامر الى ذلك الخاص فأما انه غير تام الدلالة أي غير ظاهر في ذلك او ان ظاهره غير مراد، وستعلم ان الخاص غير ظاهر فيما يخالف ذلك العام.

فهنا انا أقول ان الايات لخاصة بخلق آدم عليه السلام لا تخرج عن عمومات خلق الانسان من نطفة ومن ماء.

واما آيات الخلق من تراب وطين وصلصال وفخار فستعرف انها تتحدث عن أصل كل الانسان وليس عن جسد آدم عليه السلام، وسترى انه ليس منها اية تصرح انها في ادم بل كلها في الانسان كنوع، بل منها ما هو بصيغة المخاطب والذي لا يمكن الخروج عنه بوجه.

اذن نحن ليس فقط لدينا الدليل الاستقرائي بايات كثيرة في ان الخلق من نطفة وماء، بل لدينا الدليل الاستنباطي بان آيات الطين والصلصال هي في كل انسان ولا تختص بآدم.

ان أكثر الخلل الذي يحصل في البحوث الفقهية هو بسبب ادخال الظن في العلم، ولو ان الفقهاء اقتصروا على العلم لما حصل كل هذا الاختلاف. وفكرة (القالب) او الخلق اللامرحلي لجسد ادم عليه السلام جاء بسبب تفسير متعجل لآيات واعتماد مخل لروايات وساعده تسالم متوارث هو كالأجماع أساسه تقليد الأوائل. وهذا كله بسبب الفقه اللفظي الأصولي.

واما وفق الفقه العرضي التصديقي فالآيات هي ليست فقط متشابهة بل لا تدل أصلا على ما يدعى من نظرية القالب اللامرحلية. واما الروايات فهي ظن لا شاهد لها ولا مصدق واما الاجماع فأساسه التقليد والركون الى المشهور، كما انه لا عبرة به من دون قرآن او سنة.

اننا لو عرضنا فكرة القالب اللامرحلية في خلق ادم لوجدناها تصطدم بالوجدان والعرف والعلم والتجربة وآيات النطفة والماء، كما ان آيات الطين والتراب والصلصال لا تدل عليها. اذن لا مفر للفقه الأصولية من مراجعة هذه القضية بجدية.

وهنا دليل استقرائي على ان كل انسان بما فيهم آدم عليه السلام قد خلق من نطفة. وسأبين ان هذه المعرفة لا تتعارض مع الايات الخاصة في خلق آدم. فهنا دليل استقرائي عرضي في قبال دليل استنباطي لفظي ولا ريب ان الاستقراء المصدق أكثر ثبوتا وحقيقية وصدقا من الاستنباط الغريب، فتصبح المعارف الاستنباطية المتفردة ظاهرية ومتشابهة تحمل على المعارف الاستقرائية المصدقة. هنا مقابلة بين العلم المصدق والعلم الغريب، ولا ريب ان الحق مع ما له شاهد ومصدق، لان القران أسس هذا الأصل وهو مقصد من مقاصده ان الحق مصدق متوافق وما لا مصدق له ولا شاهد فهو ظن وباطل.

ان استقراء القرآن في هذا الشأن جاء موافقا للعلم التجريبي بان كل انسان اصله من عناصر ترابية، ويتكون عن طريق اختلاط ماء الرجل بماء المرأة (الامشاج) فتتكون البيضة الملقحة (النطفة) والتي تستقر في الرحم، ثم تنمو كجنين وبعدها بالولادة (الوضع) يخرج طفلا وخلال فترة نمو وتغذية يصبح بالغا (يبلغ أشده). ولا بد من التنبيه ان المصدق ان النطفة في القرآن هي البيضة الملقحة وليس المني ومكوناته كما يقول البعض.

القرآن صريح في ان كل انسان يمر بهذه المراحل، بل هو يؤكد ويكرر ذلك، ويحتج بذلك مرارا وتكرارا على الانسان، وهذا ما يحقق المقصد القرآني من ان كل انسان لا بد ان يمر بهذه المراحل بلا تخصيص، ولا يخرج عن هذا احد بما فيهم آدم وعيسى عليهما السلام. ان خلق كل انسان من نطفة هو مقصد قراني، واقصد بالمقصد كما بينت في موضع اخر (هو الأصل الذي لا يقبل التخصيص والتقييد) فكل ما يخالفه يكون متشابها يؤول. ومن هنا فكل ما يخالف هذا الأصل يجب ان يؤول. فحتى لو قيل ان الايات ظاهرة في ان ادم قالب من فخار -وهي لا تدل على ذلك- فان هذا الظاهر متشابه يحمل على المحكم الذي هو ان كل انسان بما فيهم ادم مخلوق من نطفة.

ومن هنا فلا يقال ان لدينا مثالين على التخصيص المدعى هما آدم عليه السلام وعيسى عليه السلام، فعيسى عليه السلام القرآن صريح بانه من غير اب، لكن هذا لا يتعارض ان يكون نما كنطفة من تلقيح صناعي بين حويمن اصطناعي صنعه الله تعالى بالطريقة التكميلية من دون اب استخلاصا من منشا، وبويضة مريم عليه السلام فتكونت نطفة طبيعية ونمت في رحمها الى جنين، فلا تخصيص هنا.

وآدم عليه السلام فالمعروف انه بلا اب ولا ام، وانه لم ينم كجنين ولا في رحم ولا مر بحالة طفولة، بل حينما بثت فيه الروح كان بالغا. ولكن هذا كله لا يخصص المقصد القرآني في خلق القرآن.

فكون آدم بلا آب ولا ام لا يتعارض ان يكون من نطفة طبيعية لقحت تلقيحا صناعيا من حويمن ونطفة صناعيين، انشا بطريقة تكميلية من دون ابوين فتكونت نطفة طبيعية، ونمت هذه النطفة كجنين في رحم اصطناعي. وان آدم بقي بلا حراك (ولا عمل دماغي) طيل فترة طفولته وصباه حتى بلغ ثم نفخت فيه الروح (عمل الدماغ). حيث ان الحياة (الروحية) في الطب هي ليس نبض القلب ولا التنفس بل هو عمل الدماغ ولا تحرر شهادة وفاة الا بعد موت الدماغ. اذن يمكن ان يكون آدم عليه سلام نما جسده نموا طبيعيا من الطفولة الى الصبا الى البلوغ في ذلك الجهاز الاصطناعي للنبض والتنفس والتغذية بلا وعي، الى ان نفخ الله في روحه فعمل دماغه ووعى وتحرك.

من المعلوم ان الآيات التي تشير الى ما هو سائد من فهم ومعرفة بخصوص خلق آدم عليه السلام معروفة دلالة بل هي كالمسلمات عند كثير الباحثين المسلمين لذلك لن اتطرق اليها أولا، بل سأتطرق الى الدليل الاستقرائي على ان ما جاء في القرآن بخصوص خلق الانسان من نطفة يشمل آدم عليه السلام فلا يخرج عنه. ولا بد من التأكيد وانا اطرح هذه الفكرة فأنى وجدت مناقشات الا انها لا تبلغ هذه الفكرة وان كانت تعد ارهاصات لها وسأشير اليها.

ولا يصح القول انني هنا استدل بالعام المخصص والمطلق المقيد لأنني بينت ان تلك البيانات القرانية الكثيرة والقوية والصريحة لا تجعل مجالات للتخصيص ولا التقييد بل هي تؤسس مقصدا من مقاصد الشريعة بان الانسان يخلق من نطفة فلا يشذ عن ذلك انسان، وكل ما يتصور انه مخصص او مقيد لذلك فهو من المتشابه. بل ستعرف ان تلك الأدلة الخاصة غير ظاهرة فيما يدعى من نظرية القالب الفخاري اللامرحلي.

وان ما يجعلني أصر على هذه الفرضية أمور:

الأول: الايات التي تتحدث بشكل قوي وصريح عن ان كل انسان خلق من نطفة، والتي لا تدع مجالا لإخراج آدم عليه السلام منها.

الثاني: ان هذه الايات المشيرة الى النمو الطبيعي لكل انسان موافقة ومصدقة للعلم التجريبي.

الثالث: ان آيات التراب والطين والصلصال والفخار تحمل بل تعني اصل الانسان والمبدأ البعيد الذي يكون في الأرض ومنه المواد اللاعضوية التي تتكون بعد في جسم الابوين. ولا دلالة فيها على قالب فخاري.

الرابع: ان الفكرة السائدة بالقالب قائمة على شبهتين:

الأولى: ان الخلق من تراب وصلصال وفخار هو مختص بآدم عليه السلام وانه خلق كقالب طيني ثم أحيي.

الثاني: ان القول بنمو آدم وخلقه من نطفة ومروره بحالة نمو الطفولة والصبا الجسدي مخالف لما هو سائد من فهم للقرآن.

وستعرف ان كل انسان مخلوق من تراب وطين وصلصال وليس الامر مختص بآدم وان الخلق من تراب هو إشارة الى عناصر توجد في الأرض هي أصول أولية لتكوين الانسان عبر مراحل منها مني الرجل والمرأة ومصدرها الغذاء والنباتات التي تأتي من الأرض. واما قضية نمو آدم ومروره بالنمو الطبيعي للإنسان فلا ريب انه من الصعب تقبله لكن حقيقة لا يوجد نص صريح يمنع من ذلك، ولأجل تلك الايات الكثيرة في ان كل انسان خلق من نطفة ويخرج طفلا، الحاكمة على نمو كل انسان بما فيهم آدم يكون الفهم السائد بعدم نمو آدم نموا طبيعيا من المتشابهات.

مقاصدية خلق الانسان من نطفة

سأورد هنا بيانات قرآنية كثيرة وقوي وصريح وذات رسوخ وعمق شرعي وسعة مما لا يجعل مجالات للتخصيص ولا التقييد بل انه يؤسس مقصدا من مقاصد الشريعة بان الانسان يخلق من نطفة فلا يشذ عن ذلك انسان، بما في ذلك آدم عليه السلام. وهذا ما يحققه الدليل الاستقرائي الاستنباطي الذي يتميز بالرسوخ والواقعية.

خلق الله كل انسان من نطفة

قال الله سبحانه وتعالى: خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ [النحل/4]

ا- خَلَقَ (الله) الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ (بيضة ملقحة في الرحم) فَإِذَا (الكافر من الناس) هُوَ خَصِيمٌ (يجادل) مُبِينٌ (لكل ناظر). ت وهو خبر بمعنى النهي أي لا تجادلوا ولا تنكروا اخبار الله سبحانه وتعالى، وهو خبر بمعنى الخبر للذم أي ما أقبح ذلك. وهو عام يشمل كل انسان بما فيهم آدم كل عليه السلام.

خلق الله الانسان من نطفة

قال الله سبحانه وتعالى: أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ [يس/77]

ا- أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا (الكافر من الناس) هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ. ت وهو خبر بمعنى النهي أي لا تجادلوا ولا تنكروا اخبار الله سبحانه وتعالى، وهو خبر بمعنى الخبر للذم أي ما أقبح ذلك.

الله خلق البشر من طبيعة وجنس واحد

قال الله سبحانه وتعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ

ا- (الله) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ (جنس وطبيعة) وَاحِدَةٍ.

ا- وَجَعَلَ مِنْهَا (جنس النفس وطبيعتها) زَوْجَهَا (الذكر والانثى) لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا.

ا- فَلَمَّا تَغَشَّاهَا (الرجل تغشى المرأة) حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ.

قال الله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا [النساء/1]

قال الله سبحانه وتعالى: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَ [الزمر/6]

قال الله سبحانه وتعالى: وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ [الأنعام/98]

أنشأ الله البشر من ذرية قوم اخرين

قال الله سبحانه وتعالى: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آَخَرِينَ [الأنعام/133] ت وهو في من كان موجودا لكنه من المثال يعمم فيشمل البشر.

انشاء كل البشر من الأرض ثم جنينا

قال الله سبحانه وتعالى: هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ [النجم/32]

ا- (الله) أَنْشَأَكُمْ مِنْ (اصل عناصر جسكم تراب) الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ ( أيها الناس) أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ. ت وهذا يشمل كل انسان.

قال الله سبحانه وتعالى: هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَ [هود/61]

الانسان من سلالة من طين ثم نطفة

قال الله سبحانه وتعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ [المؤمنون/12-14]

ا- وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (كأصل لعناصر تصل الابوين عن طريق النبات).

ا- ثُمَّ جَعَلْنَاهُ (الانسان) نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (الرحم). ت الانسان يبدأ من النطفة بل من الأصل المبعثر.

ا- ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ (التي في الرحم) عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا.

ا- ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ (الانسان) خَلْقًا آَخَرَ (من حيث الصورة وليس من حيث الذات فهو قبله ذات انسان).

كل انسان خلق من تراب

قال الله سبحانه وتعالى: وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ [الروم/20] وهو عام في كل انسان فلا يختص بآدم عليه السلام.

ا- يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ (كأصل لعناصر جسدكم عن طريق النبات ثم امشاج من الابوين) ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ (بيضة ملقحة في الرحم) ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ (من دم) ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ (من لحم) مُخَلَّقَةٍ (ما صار بصورة جنين يتم) وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ (ما يطرح قبل ذلك) لِنُبَيِّنَ لَكُمْ. ت وهو عام يشمل كل انسان.

خلق الله الذكر والانثى من نطفة

قال الله سبحانه وتعالى: وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى [النجم/45، 46]

ا- وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ (من البشر) الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (عن طريق الحمل) مِنْ نُطْفَةٍ (بيضة ملقحة) إِذَا تُمْنَى (منيا من الابوين) ت وصف النطفة بصفة أصلها المني فالمني هو الذي يمنى). وهو عام يشمل كل انسان.

كل انسان خلق من صلصال

قال الله سبحانه وتعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ [الحجر/26]

قال الله سبحانه وتعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ [الحجر/28]

قال الله سبحانه وتعالى: خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ [الرحمن/14]

كل انسان خلق من نطفة من امشاج

قال الله سبحانه وتعالى: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا [الإنسان/2]

ا- إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ (بيضة ملقحة في الرحم) أَمْشَاجٍ (اخلاط من الابوين حمين من الرجل وبويضة من المرأة).

كل انسان مخلوق من نطفة

قال الله سبحانه وتعالى: قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ [عبس/17-19]

ا- مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (الانسان) مِنْ نُطْفَةٍ ( بيضة ملقحة في الرحم) خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (خلقه). ت وهو عام يشمل كل انسان.

قال الله سبحانه وتعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ [فاطر/11]

قال الله سبحانه وتعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [غافر/67]

الله خل كل انسان من تراب ثم من نطفة

قال الله سبحانه وتعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ [فاطر/11]

ا- وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ (عناصر كانت في) تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا (أي ذكور واناث). ت فلا خنثى في علم القران.

ا- وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ (الله). ت هو خبر بمعنى الخبر أي بأمره. وهو من المثال فيعمم لكل إيجاد وتغير، والامر هو حسب التقدير والمشيئة والأسباب ومنها الحقيقة العلمية بإمكان الحمل وعدمه وزمن الوضع وتوقعه. وهو وان نكر الا انه يعم كل انسان.

قال الله سبحانه وتعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [غافر/67]

ا- (الله) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ (كأصل لعناصر تصل الابوين عن طريق النبات ثم امشاج من الابوين حيمن وبويضة) ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ (في الرحم) ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا. ت وهو عام

كل انسان يخرج طفلا

قال الله سبحانه وتعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [غافر/67] وهو عام في كل انسان.

ا- ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ (الله) طِفْلًا.

قال الله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [الحج/5]

ا- ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا. ت وهذا عام لا تخصيص فيه حتى في الأنبياء.

ا- وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ (بحسب التقدير فلا مانع) إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى (اجل تكويني في أصله والزمن انعكاس له).

خلق الله الانسان من تراب ثم من نطفة

قال الله سبحانه وتعالى: قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا [الكهف/37] هذا نص في ان ذلك الشخص مخلوق من تراب وهو من المثال طبعا.

ا- قَالَ لَهُ (لصاحب الجنة) صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا. ت وهذا من المثال فيعمم لكل انسان.

قال الله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [الحج/5]

ا- يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ( كاصل لعناصر جسدكم عن طريق النبات ثم امشاج من الابوين) ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ( بيضة ملقحة في الرحم) ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ (من دم) ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ (من لحم) مُخَلَّقَةٍ (ما صار بصورة جنين يتم) وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ (ما يطرح قبل ذلك) لِنُبَيِّنَ لَكُمْ. ت وهو عام يشمل كل انسان.

قال الله سبحانه وتعالى: وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ [الروم/20]

قال الله سبحانه وتعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [فاطر/11] وقد يقال انه خطاب بحسب الأصل أي اصلكم ادم، لكن هذا لا مجال له من خلال استقراء الايات الكثيرة في هذا المعنى مما يدل على ان هذا الخطاب مقصود حقيقي وليس مجازي باعتبار الاب.

قال الله سبحانه وتعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [غافر/67]

قال الله سبحانه وتعالى: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [آل عمران/59]

كل من الذكر والانثى هو من نطفة

قال الله سبحانه وتعالى: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى [القيامة/37-39]

ا- أَلَمْ يَكُ (الانسان) نُطْفَةً (بيضة ملقحة أصلها) مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (من الابوين حيمن وبويضة). ت وهو عام يشمل كل انسان.

ا- ثُمَّ كَانَ (الانسان) عَلَقَةً فَخَلَقَ (بتطور) فَسَوَّى (عدل واتم) فَجَعَلَ مِنْهُ (الانسان) الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى. ت وهو عام يشمل كل انسان.

قال الله سبحانه وتعالى: وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى [النجم/45، 46]

كل انسان هو من مني

قال الله سبحانه وتعالى: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى [القيامة/37-39]

قال الله سبحانه وتعالى: وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى [النجم/45، 46]

ا- وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ (من البشر) الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (عن طريق الحمل) مِنْ نُطْفَةٍ (بيضة ملقحة) إِذَا تُمْنَى (منيا من الابوين) ت وصف النطفة بصفة أصلها المني فالمني هو الذي يمنى). وهو عام يشمل كل انسان.

قال الله سبحانه وتعالى: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ (كل انسان) مِنْ طِينٍ) ثُمَّ (و) جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ. ثُمَّ سَوَّاهُ (الانسان) وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ (في الرحم وهو جنين) وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ [السجدة/7-9]

قال الله سبحانه وتعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ [الأعراف/172] الظهور كناية عن الاصلاب وهو خبر عن السلالة من ماء يخرج من الصلب.

قال الله سبحانه وتعالى: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ [الطارق/5-7]

الله ينفخ الروح في كل انسان

قال الله سبحانه وتعالى: إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ [ص/71-73]

قال الله سبحانه وتعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ [الحجر/28-31]

قال الله سبحانه وتعالى: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ [السجدة/7-9]

ا- الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ (كل انسان) مِنْ طِينٍ) ثُمَّ (و) جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ. ثُمَّ سَوَّاهُ (الانسان) وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ (في الرحم وهو جنين) وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ [السجدة/7-9] ولا وجه لجعل الاية مختصة بادم عليه السلام، فان ذكر البشرية واسطة في تلك الأحوال.

خلق الله كل انسان من طين

أقول حملت هذه الايات على ان المقصود فيها آدم عليه السلام لكن ستعرف ان منها ما لا يقبل ذلك.

قال الله سبحانه وتعالى: وَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ [الأنعام/2] أقول هذه الاية نص في ان الله خلقنا أي خلق كل انسان من طين.

قال الله سبحانه وتعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ [المؤمنون/12، 13]

قال الله سبحانه وتعالى: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ [السجدة/7]

فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ [الصافات/11] أقول هذه الاية نص في ان الله خلقنا أي خلق كل انسان من طين.

قال الله سبحانه وتعالى: إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ [ص/71، 72]

أقول كون أصل نشأة كل انسان من ماء الابوين وهو من الغذاء والذي يجيء من النبات الذي ينمو في الأرض ويأخذ تركيباته منها كما ان كل هذا قد يكون بتفاعل مع الماء فالحقيقة ان الله خلق كل شيء حي من الماء (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ [الأنبياء/30]

قال الله سبحانه وتعالى: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ (كل انسان) مِنْ طِينٍ) ثُمَّ (و) جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ. ثُمَّ سَوَّاهُ (الانسان) وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ (في الرحم وهو جنين) وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ [السجدة/7-9]

كل انسان ينمو بشكل طبيعي حتى يبلغ اشده

قال الله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [الحج/5]

ا- ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا (فاذا هو) يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا (بحسب الأسباب والتقدير والمشيئة).

قال الله سبحانه وتعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [غافر/67]

ا- ثُمَّ لِتَبْلُغُوا (أيها الناس) أ َشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. ت وهو عام لكل انسان.

قال الله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [فاطر/11]

ا- وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ. ت فيه إشارة ان العمر ينقص ولا يتعارض مع الاجل المكتوب.

وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ [الأعراف/11] أقول هذه الاية نص انه لا بد من النمو الجنيني مرورا بالتراب والنطفة والجنين التام وهي كالنص بشمول ادم عليه السلام.

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ [الروم/54]

كل بشر هو مخلوق من الماء

قال الله سبحانه وتعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا [الفرقان/54] وحمل على المني وهو قريب وعلى كل حال هو يشمل آدم عليه السلام بل هو كالنص اذ انه اطلاق تام ومشعر بالابتداء بان اول ابتداء البشر ماء.

قال الله سبحانه وتعالى: وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ [النور/45] والدابة الحيوان أي ذوات الأرواح وهو يشمل البشر ولاحظ العموم القطعي بلفظة (كل)

قال الله تعالى: أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ [المرسلات/20-23]

قال الله سبحانه وتعالى: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ [الطارق/5-7] ت أقول الخروج من بين الصلب والترائب يشير الى أصله الراجع الى الغذاء والى النبات ثم الى الأرض والتراب والطين نمو وتركبا.

قال الله سبحانه وتعالى: وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ [الأنبياء/30] والانسان حي، والمصدق انه لا يحمل على الأصل بل على الطريقة فيكون وفق ما نفهم من انه لا بد من ماء لتكون كل حي وما نعرفه البشر هو ماء التزاوج، وحتى في الاحياء الانشطارية فلا بد ان يكون الماء داخلا في ذلك.

كل انسان يمر بمرحلة الجنين في الرحم

قال الله تعالى: أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ [المرسلات/20-23]

قال الله سبحانه وتعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ [المؤمنون/12-14]

ادلة فكرة (القالب الفخاري)

الدليل الأول: الفخار

قال الله تعالى سبحانه وتعالى: خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ [الرحمن/14]

ونحوها من الايات قال الله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ [الحجر/26-28] فيقال: خلق ادم من صلصال أي يابس والفخار أوضح بانه قالب وهذه الاية أساس نظرية القالب. وانه تسويته ونفخ الروح فيه مباشرة قبل السجود.

وان تعدد الأصول الذي خلق منه الانسان وفق نظرية (القالب) يدعو الى انها مراحل فهناك التراب وهناك الطين اللازب ثم الحمأ المسود المسنون المتغير ثم الصلصال الجاف الذي له صوت ثم الفخار المفخور.

أقول وكما ان الانسان حمل هنا على أصل الانسان وهو آدم، فان المصدق والموافق لباقي الايات وللعلم التجريبي حمل هذه الايات على أصل كل انسان بما فيهم ادم عليه السلام، فكل انسان اصله من الطين والتراب الفخار والصلصال، وتحمل هذه الأدوار على تكون تفاعلي بين اللاعضويات اللاحيلتية مطلوب قبل الاستخلاص الى المكون العضوي والعنصر الحياتي. أي مراحل مطلوبة لتكون العنصر الحياتي من المركبات اللاعضوية الى مركبات عضوية اخذها النبات ثم يتغذى عليها الانسان فتتولد فيه الأصول لتولد الانسان أي تتحول الى مني. فيكون هذه الأدوار مراحل تحولية للمادة الترابية الى مواد مكونة للمواد الأساسية للحياة وتكون الانسان بطريقة التغذية والمني والتلقيح فلا تعارض هذه الايات شكل صريح ان آدم قد مر بمراحل النمو الطبيعية وهو في تلك (العناية) الخاصة وهو من دون وعي.

الدليل الثاني: مثل عيسى

قال الله سبخانه وتعالى: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [آل عمران/59] فيقال خلقه أي آدم، وقال له كن فيكون بعد ان صوره.

أقول لا يخفى انه من الممكن الاستدلال بالاية على ان الشبهية في الترابية أيضا وعلى كل حال ان التشبيه يقتضي مذكورا وهو انه قال له كن فيكون، وحمل على انه من دون أب. ومن هنا فلا دلالة في الاية على ان ادم كان عدم فقال له كن فيكون او كان قالبا فقال له كن فيكون, بل يمكن ان يكون كحال عيسى مرة بمراحل النمو الطبيعية.

الدليل الثالث: بدا خلق الانسان من طين

قال الله سبحانه وتعالى: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ [السجدة/7، 8] بان بدأ خلق الانسان هو آدم عليه السلام، و (ثم) أي بعده في ذريته فيكون هو مختلف.

أقول وهذا مستند على ان الطين مختص بادم، وقد عرفت ان الطين هو لكل انسان، وان اول كل انسان واصله الطين أي عناصره طينية، والطين والتراب والأرض كلها متداخلة فلا تعارض، وقد بينت ان اول خلق كل انسان وبدايته هو من الطين، واما التعبير ب (ثم) فليس بالضرورة تفيد الترتيب في الحدوث بل قد تفيد مجرد الاقتران والترتيب في الخلق فيكون أصله طين ثم يكون ماء ثم نطفة.

الدليل الرابع: نفس واحدة

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا [النساء/1] بان يقال انه لا يصح ان يكون لآدم أصل فهو الأصل.

أقول هذه الاية ونحوها كقوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ [الأنعام/98] وقوله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا [الأعراف/189] وقال تعالى (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا [الزمر/6] لكن الصحيح ان واحدة هنا من حيث الطبيعة والجنس لاجل الالفة والقرب، وهو ظاهر قوله تعالى ( زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا) فهو ظاهر في كل انسان.

واستدل بها وبروايات بان حواء أتت من لآدم، وفيه منع، والصحيح انها جاءت بالطريقة الطبيعية لنا، ولا يمتنع ان تكون من خلق معاصرين لآدم عليه السلام مقاربين له بالطبيعة والجنة دنيوية وهكذا اول الزوجات لأبناء ادم منعا للسفاح. وقد بينت ذلك في كتابي (بداية النسل) وفي خلاصته (القول انّ ادم زوج الاخوة من الاخوات مخالف للمعارف الثابتة من القرآن والسنّة وجاء الخبر الصحيح بتكذيبه. فالتزويج كان حلالا والصحيح الذي له شاهد وجود نسل آخر تزوج آدم وبنوه منهم ثم انقرضوا). ولولا تسالم ان من ادم بلا اب لكن جائزا فرضية ان كلام القران مع الملائكة والجنة كان من جهة علمهم لا الواقع وكلام الله معنا عن ادم من جهة غرضنا ووظيفتنا وليس الواقع، فيكون متولدا بشكل طبيعي عن خلق مشابهين لنا انقرضوا هم النسناس. جاء في تهذيب اللغة: النَّسناس: خلق على صورة بني آدم، أشبهوهم في شيء وخالفوهم في شيء، وليسوا من بني آدم. وفيا لقاموس المحيط: والنَّسْناسُ، ويكسرُ خَلْقٌ على صورَةِ الناسِ، وخالَفُوهُمْ في أشْياءَ، ولَيْسُوا منهم. وما تحدث به القران هو ما كشفه للعالمين من ملائكة وبشر وبحدود ما أخبر الله تعالى كما قالت الملائكة (سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا) كما لم يتطرق لخلق سابق بالتفصيل كانت على الأرض كالديناصورات مثلا اذ لا غرض وظيفي في الامر وليس وظيفة الشريعة تبين كل ما في الكون وانما غرضها هو دعوة الناس الى الايمان والآيات. ويساعد ذلك قوله تعالى (إِنّ اللّه اصطفى آدم).

ومن هنا يجب ان يفهم ان الخطاب الديني يجب ان يركز على الدعوة الى الايمان وليس هو سجل معلومات وحقائق كوني او فلسفية كنا يعتقد المتعمقون والمستطردون. وانما انا ابحث هذا البحث لاجل النص ولأجل علم النص وليس لبيان حقيقة بداية الخلق وكيف هي وانما انا هنا لاجل بيان ان المحكم هو ان كل انسان خلق من نطفة ومنهم ادم عليه السلام. وان ما خالف ذلك متشابه.

الدليل الخامس: خلقت طينا

(فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً } [ الإسراء : 61 ] فوجه الخلق لادم عليه السلام.

أقول ولا تعارض فكون ادم مخلوقا من طين لا يعني ان غيره من البشر ليس من طين بل صرح القران انا مخلوقون من طين قال الله تعالى (وَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ [الأنعام/2]

الدليل السادس : إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ }

{ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ } فهو نص في ادم عليه السلام فيكون مختصا به ومخصصا لغيره.

وفيه ما عرفت انه لا اصل لهذا التخصص بل هو مشترك للبشرية قال تعالى (وَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ [الأنعام/2] فلا تخصيص. وقد قدم بكلمة (بشر) قبل الطين.

الدليل السابع: إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ

{ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } [ الحجر : 28 ] بانه نص في ان ادم من صلصال من حما مسنون فيكون مختصا به ويخصص غيره.

وفيه ما عرفت انه لا اصل لهذا التخصص بل هو مشترك للبشرية قال تعالى{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } [ الحجر : 26 ] فلا تخصيص. وقد قدم بكلمة (بشر) قبل الصلصال و الحما المسنون.

اقوال

(1) الطباطبائي

من المفيد ذكر قول للطباطبائي قال في تفسيره: قوله تعالى: "و الله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا" إلخ.

يشير تعالى إلى خلق الإنسان فابتدأ خلقه من تراب وهو المبدأ البعيد الذي تنتهي إليه الخلقة ثم من نطفة و هي مبدأ قريب تتعلق به الخلقة.

و قيل المراد بخلقهم من تراب خلق أبيهم آدم من تراب فإن الشيء يضاف إلى أصله و قيل: بل المراد خلق آدم نفسه و قيل: بل المراد خلقهم خلقا إجماليا من تراب في ضمن خلق آدم من تراب و الخلق التفصيلي هو من نطفة كما قال: ثم من نطفة.

و الفرق بين الوجوه الثلاثة أن في الأول نسبة الخلق من تراب إليهم على طريق المجاز العقلي، و في الثاني المراد بخلقهم خلق آدم و لا مجاز في النسبة، و في الثالث المراد خلق كل واحد من الأفراد من التراب حقيقة من غير مجاز إلا أنه خلق إجمالي لا تفصيلي و بهذا يفارق ما قدمناه من الوجه.

ويمكن تأييد القول الأول بقوله تعالى: "خلق الإنسان من صلصال كالفخار:" الرحمن: - 14، و الثاني بنحو قوله: "و بدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين:" السجدة: - 8، و الثالث بقوله: "و لقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم:" الأعراف: - 11 و لكل وجه.

أقول لاحظ قوله (وهو المبدأ البعيد الذي تنتهي إليه الخلقة ثم من نطفة وهي مبدأ قريب تتعلق به الخلقة.) وهو ما اختاره وهو القول الأول ثم قال ويمكن تأييد القول الأول بقوله تعالى: "خلق الإنسان من صلصال كالفخار) فلاحظ كيف انه جعل هذه الاية ضمن المبدأ البعيد. وهو يتوافق مع ما بينته ومع فرضيتي كلها.

بل قال في موضع اخر:

قوله تعالى: "خلق الإنسان من صلصال كالفخار" الصلصال الطين اليابس الذي يتردد منه الصوت إذا وطىء، و الفخار الخزف.

والمراد بالإنسان نوعه والمراد بخلقه من صلصال كالفخار انتهاء خلقه إليه، وقيل: المراد بالإنسان آدم (عليه السلام).

(2) الشيرازي

قال مكارم الشيرازي في تفسيره

شاهدنا في الآيات الأنفة أن القرآن قد تناول مسألة خلق الإِنسان بشكل مختصر ومكثف تقريباً، لأنّ الهدف الأساسي من التناول هو الجانب التربوي في الخلق، وورد نظير ذلك في أماكن أُخرى من القرآن، كما في سورة السجدة، والمؤمنون، وسورة ص، وغيرها.

وبما أنّ القرآن الكريم ليس كتاباً للعلوم الطبيعية بقدر ما هو كتاب حياة الإِنسان يرسم له فيه أساليب التربية وأسس التكامل. فلا ينتظره منه أن يتناول جزئيات هذه العلوم من قبيل تفاصيل: النمو، التشريح، علم الأجنّة، علم النبات وما شابه ذلك، إِلاّ أنّه لا يمنع من أن يتطرق بإِشارات مختصرة إِلى قسم من هذه العلوم بما يتناسب مع البحث التربوي المراد طرحه.

أقول وهذا تام وقد اشرت اليه وانا لم اتطرق لهذا البحث لبيان الجانب التفصيلي للنمو والتطور والخلق وانما الغاية هي التوافق النصي والبياني، والتعامل العرضي بين الايات التي دلت على الخلق المرحلي لطبيعي لآدم عليه السلام (فرضية النمو) والآيات التي استفيد منها الخلق اللامرحلي (فرضية القالب). وان الوجدان والعلم يصدق ويشهد للايات التي تدل على نظرية النمو لادة بخلاف الفرضية الأخرى.

(3) الكرباسي

قال الشيخ الكرباسي في موقع الاشعاع الاسلامي:

يتبيَّن أن خَلقَ الإنسان بصورة عامة و النبي آدم ( عليه السَّلام ) بصورة خاصة كان من مادة الطين من غير شك و ريب .

من أي شيء خُلقت حواء ؟

أما بالنسبة إلى أمنا حواء فنقول أن العموم الوارد في الآيات السابقة يشملها أيضا كما يشمل جميع أفراد البشر ، فهي خُلقت من نفس المادة التي خُلق منها النبي آدم ( عليه السَّلام ) ، و بذلك تشهد الآيات القرآنية أيضا ، و كذلك الأحاديث الواردة عن أهل البيت ( عليهم السَّلام ) .

الدليل من القرآن الكريم :

أما ما يفيد من القرآن الكريم بأن المادة التي تم خلق حواء منها هي الطين ، تماماً كآدم ( عليه السَّلام ) فهو قول الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ 7

و المقصود من النفس الواحدة هو الجنس البشري الواحد بدليل قوله الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ 8 ، و قوله تعالى أيضاً : ﴿ وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴾ 9 .

فالمقصود من كل هذه الآيات هو أن الله عَزَّ و جَلَّ خلق الأزواج من جنس واحد ، و ليس المقصود أنه تعالى خلق النساء من أبدان الرجال كما هو واضح .

(4) الطنطاوي

قال الطنطاوي في التفسير:

لا تعارض بين هذه الآية ، وبين غيرها من الآيات التى تحكى أن الإنسان خلق من تراب أو من طين أو من صلصال من حمأ مسنون .

لأن كل آية تتحدث عن مرحلة من مراحل خلق الإنسان ، لأن هذا التراب صار طينا ، ثم خمر هذا الطين فصار حمأ مسنونا ، أى : طينا أسود متغير الرائحة ، ثم يبس هذا الطين فصار صلصالا كالفخار .

فالآيات الكريمة التى تحدثت عن خلق الإنسان لا يصادم بعضها بعضا ، وإنما يؤيد بعضها بعضا .

قال بعض العلماء : وقد أثبت العلم الحديث أن جسم الإنسان يحتوى من العناصر ما تحتويه الأرض ، فهو يتكون من الكربون ، والأكسجين ، والحديد .

وهذه نفسها هى العناصر المكونة للتراب ، وإن اختلفت نسبها من إنسان إلى آخر ، وفى الإنسان عن التراب ، إلا أن أصنافها واحدة .

إلا أن هذا الذى اثبته العلم لا يجوز أن يؤخذ على أنه التفسير الحتمى للنص القرآنى.

فقد تكون الحقيقة القرآنية تعنى هذا الذى أثبته العلم ، أو تعنى شيئا آخر سواه ، وتقصد إلى صورة أخرى من الصور الكثيرة التى يتحقق بها معنى خلق الإنسان من تراب ، أو من طين ، أو من صلصال.

أقول وفي هذا الكلام اشارتين الى ما اخترناه من ان تلك التحولات من تراب الى طين الى فخار هي للإنسان- لكن بشكل عام – وليس للإنسان ادم. وقد بينت انها أصلا للدورة الراضية ما قبل الاستخلاصية للعناصر المكونة للماء المنوي.

والاشارة الثانية هو كون جسم الانسان يتكون من العناصر الترابية وهذا ظاهر ومعلوم الان وهو يشير الى ان تلك الاطوار أصول لجسم كل انسان وليس ادم فقط.

(5) ابن الخازن

قال في تفسير السراج المنير قال وقال الرازي: قال المفسرون: خلق الله تعالى آدم من طين فصوّره وتركه في الشمس أربعين سنة فصار صلصالاً لا يدري أحد ما يراد به ولم يروا شيئاً من الصور يشبهه إلى أن نفخ فيه الروح. {من حمأ}، أي: طين أسود منتن {مسنون}، أي: مصوّر بصورة الآدمي. وقال ابن عباس: هو التراب المبتل المنتن. وقال مجاهد: هو المنتن المتغير. قال البغوي: وفي بعض الآثار إنّ الله تعالى خمر طينة آدم وتركه حتى صار متغير أسود ثم خلق منه آدم عليه السلام. قال ابن الخازن: والجمع بين هذه الأقوال على ما ذكره بعضهم أنّ الله تعالى لما أراد خلق آدم عليه السلام قبض قبضة من تراب الأرض وإليه الإشارة بقوله تعالى: {إنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب} (آل عمران، 59) ثم إنّ ذلك التراب بله بالماء وحمأ حتى اسودّ وأنتن ريحه وتغير وإليه الإشارة بقوله تعالى: {من حمأ مسنون} ثم إنّ ذلك الطين الأسود المتغير صوّره الله صورة إنسان أجوف فلما جف ويبس كانت تدخل فيه الريح فيسمع له صلصلة وإليه الإشارة بقوله تعالى: {من صلصال كالفخار}

أقول وهذا ما اقصده بنظرية (القالب) واللامرحلية. ووصف (منتن) غريب وانما المصدق انه متغير لا اكثر. وقد عرفت انها من توارث الاقوال مع اشتباه في الأدلة.

(6) العثيمين

قال العثيمين في التفسير: قد بين الله عز وجل أنه خلق الإنسان من علق، ولكنه يتطور، وبين في آيات أخرى أنه خلق الإنسان من تراب، وفي آيات أخرى خلقه من طين، وفي آيات أخرى من صلصال كالفخار، وفي آيات أخرى من ماء دافق، وفي آيات أخرى من ماء مهين، وفي هذه الاية من علق فهل في هذا تناقض؟

الجواب: ليس هناك تناقض، ولا يمكن أن يكون في كلام الله تعالى، أو ما صح عن رسوله صلى الله عليه وسلّم شيء من التناقض أبداً، فإن الله يقول: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً} [النساء: 82]. لكنه سبحانه وتعالى يذكر أحياناً مبدأ الخلق من وجه، ومبدأ الخلق من وجه آخر، فخلقه من تراب؛ لأن أول ما خلق الإنسان من التراب ثم صب عليه الماء فكان طيناً ثم استمر مدة فكان حمئاً مسنوناً، ثم طالت مدته فكان صلصالاً، يعني إذا ضربته بيدك تسمع له صلصلة كالفخار، ثم خلقه عز وجل لحماً، وعظماً، وعصباً إلى آخره، هذا ابتداء الخلق المتعلق بآدم. والخلق الاخر من بنيه أول منشئهم من نطفة، وهي الماء المهين وهي الماء الدافق، هذه النطفة تبقى في الرحم أربعين يوماً، ثم تتحول شيئاً فشيئاً وبتمام الأربعين تتقلب بالتطور والتدريج حتى تكون دماً علقة، ثم تبدأ بالنمو والثخونة وتتطور شيئاً فشيئاً، فإذا تمت ثمانين يوماً انتقلت إلى مضغة ـ قطعة من لحم بقدر ما يمضغه الإنسان ـ وتبقى كذلك أربعين يوماً فهذه مائة وعشرون يوماً، وهي بالأشهر أربعة أشهر، بعد أربعة أشهر يبعث الله إليه الملك الموكل بالأرحام، فينفخ فيه الروح، فتدخل الروح في الجسد بإذن الله عز وجل.

أقول وهذا بلا ريب الجمع اللفظي الاصولي وربما هو السائد، وهو معتمد على تخصيص تلك العمومات بان خلق الانسان من نطفة ومن ماء بايات خلقه من تراب وطين، وحمل الأولى على أولاد ادم والثانية على ادم خاصة. ولكن عرفت ما فيه بان الخاص أصلا ليس صريحا انه في ادم بل هو دال على انه في كل البشر فالتعارض بين عامين وليس بين عام وخاص، وحمل كل عام على خاص تحكم. كما انه على فرض تمام الخاص بحق ادم ظهورا فان العام بان كل انسان مخلوق من نطفة هو راسخ كمقصد لا يقبل التخصيص. فيكون ذلك الظاهر الخاص متشابه. مع انه قد عرفت انه لا تعارض أصلا وانما الطين والتراب يتحدث عن اصل الانسان – كل انسان- في الدورة الأرضية (اللاعضوية الجمادية)، والنطفة والماء تتحدث عن اصله في الدورة الابوية ( العضوية الحيوية)، ولان ادم بلا اب ولا ام بحسب الفرض فيصح افتراض ان دورته العضوية الحيوية ليست ابوية طبيعية بل حاضنة اصطناعية. بتلقيح اصطناعي ورحم اصطنعي وجهز تغذية ودعم قلبي وتنفسي اصطناعي حتى بلغ فبثت فيه الروح وعمل دماعه.

(7) النيسابوري

قال النيسابوري في التفسير: لا بد من انتهاء الناس إلى إنسان أول ضرورة امتناع القول بوجود حوادث لا أول لها . وقد أجمع المفسرون على أنه آدم عليه السلام، ورأيت في كتب الشيعة عن محمد بن علي الباقر رضي الله عنه أنه قد انقضى قبل آدم الذي هو أبونا ألف ألف آدم أو أكثر، وكيف كان فلا بد من إنسان هو أول الناس.

أقول اما على ما لدينا من معطيات قدمناها فان الانسان الأول هو ادم عليه السلام، واوليته هذا لا توجب خلقه بطريقة القالب واللامرحلية بل الايات المحكمات توجب انه مرة بمرحلة النطفة وانما كان اصل نطفته وامشاجها اصطناعية او بمعنى ادق ليست بفعل الجماع الطبيعي أي ليس من ابوين بالمعنى العرفي وانما الله تعالى اوجدهما او استخلصهما ، ويكون الكلام نفسه في عيسى عليه السلام فانه يمكن ان يفسر بانه على هذا النحو الا ان البويضة كانت من مريم عليها السلام، وفي رحمها وتغذى عيسى طفلا غذاء طبيعيا حتى كبر بينما ادم فالحويمن والبويضة اصطناعينا والتلقيح اصطناعي والرحم اصطناعي والدعم الغذائي اصطناعي حتى بلغ فعمل دماغه.

وهناك فضية ممكنة في ضوء عدة معطيات أيضا لها ادلتها ومصدقاتها، ولا تخل بان ادم أبو البشر بان يكون ادم أبا البشر من حيث تحقق الطفرة وانه جاء من ابوين وبالامشاج الطبيعية والتلقيح الطبيعي أي الجماع ورحم ام وتغذى ونشأ طفلا ثم اصطفاه الله تعالى واما حديثه فهو يتحدث من جهة علم الملائكة وما يبدو لهم ولا منع من اختلاف الادراكين. فتحمل تلك البيات القراني على تلك الحالة بان ادم ابن لابوين مختلفين عنه بالجنس نوعا ما وبالصفات ربما هم النسناس، وانه حقق طفرة جعلته أبا لهذا الجنس البشري لكن لا يخفى التكلف والصعوبة هنا الا انه ليس ممتنعا قول ذلك.

(8) مقاتل

جاء في تفسير مقاتل وأما قوله : {كالفخار } [ آية : 14 ] يعنى هو بمنزلة الفخار من قبل أن يطبخ ، يقول : كان ابن آدم من قبل أن ينفخ فيه الروح بمنزلة الفخار أجوف.

أقول اما حمله العبارة على المجاز فواضح الا ان الأهم هو قوله (ابن ادم) فهو يصرح ان الاية في نوع الانسان وليس في ادم خاصة. وفي الواقع لم اجد أحدا تتبع قوله رغم تميزه واختلافه عن غيره. ومن هنا يظهر ما في قول القرطبي (تفسير القرطبي - (ج 17 / ص 140)

{ خلق الإنسان } باتفاق من أهل التأويل يعني آدم { من صلصال كالفخار }.

وقول مقاتل يدعم نظريتي في ان الكلام هنا عن الانسان وان حمله على الجسم قبل بث الروح وليس على الأصل. ومجاراة هذا القول تحمل باقي الاوصاف على المجاز وانها كلها من تراب وطين وصلصال وحما كلها اوصاف لكل انسان لكن قبل نفخ الروح فيه. وهذا بعيد.

إشارات:

إشارة (1)

في ضوء فكرتنا عن اطوار تحول العناصر التكوينية للإنسان فانها تكون بذلك مواد في التربة ياخذها النبات او الحيوان او الانسان نفسه مباشرة من الأرض او مما يأكل من نبات وحيوان، وتكون هذه العناصر من أصول فخارية بالنار أي بالشكل الطبيعي تكون مما مسته النار وهي البراكين مثلا ونحوها مما تمسه النار ثم يتفتت فيصبح مكونات صغيرة جدا تمتص من قبل النبات او تلتهم من قبل الحيوان وفي داخل الجسم تتحول الى مني. فلدينا دورتان للعناصر الحياتية للإنسان الدورة الخارجية خارج الجسم، والدورة الداخلية في داخل الجسم بان تتحول تلك العناصر الى مني. والدورة الخارجية لها شكلان كل ارضي تحولات في الأرض وشكلي حيوي داخل نبات او حيوان. ان هذه الفكرة قد تعطي تصورا عن أساس اختلاف اللون والبشرة وان مصدره الأرض، وتفترض ان جماعة ذات لون معين لو انتقلوا الى بلاد أخرى مغايرة في تربتها فانه مع الأجيال سيتغير اللون بسبب عامل التربة اذ ان الامر ليس كله جيني. فالوراثة أرضية في الأساس وليس جينية. كما ان عولمة تجارة النبات والحيوان سيؤدي الى تقارب البشر في الاشكال والألوان. وكل ما كان المجتمع منغلقا غذائيا كان له شكل ولون وسلوك مميز وكلما كان منفتحا تنوع. وهكذا بالنسبة للأمراض وانواعها فان تغيير منشأ الغذاء قد يكون له تأثير. فليس فقط نوع الغذاء هو المؤثر بل بلد المنشأ أيضا. ان هذه الفرضية تشير الى ان لبلد المنشأ للغذاء النباتي او الحيواني تأثير على الانسان طبيعة وصحة وسلوكا. كما انها تعطي تفسيرا بسيطة لاختلاف ألوان والسن البشر مع انهم من أصل واحد والسبب التربة والأرض التي تنمو فيها نباتاتهم وحيواناتهم فإنها السبب في تغير الوانهم واشكالهم وطباعهم والسنتهم وباقي المظاهر الثقافية والاجتماعية. وهذا يدعو الى دراسة أعمق للأرض والفروقات بين الأراضي.

إشارة (2)

ان هذه الفرضية تبطل الحاجة الى نظرية التطور وتولد الأنواع من نوع واحد وخلية واحدة بل تدل فرضيتنا على ان الأرض والماء بمشيئة الله تعالى وقدرته منتجة للحياة ومنتجة لكائنات حية منفصلة أصلها الأرض والماء، فكل نوع وكل صنف تكون على حدة وبصورة منفصلة بأمر الله تعالى وقدرته. كما انه يدعو الباحثين عن اسرار الحياة التعمق اكثر في دور الأرض والتربة والطين والفخار الأرضي ونحوها في انتاج الحياة، بدل التركيز على الخلية، فالاصح هو التركيز على اصلها، وانا كلي ثقة لو ان علماء الاحياء ركزوا على الأدوار اللاعظوية الترابية والعضوية النباتية او الحيوانية والداخلية التي أشار اليها القران لانتاج الماء الحيواني خارج الجسم وداخله سيكون هناك إمكانية لمعارف الكثير من اسرار الحياة والتدخل الإيجابي فيها.

إشارة (3)

ان هذه الفرضية التي ترجع خلق ادم عليه السلام الى الفكرة الواقعية من النمو تجعل ذلك أساسا لكل انسان، بما في ذلك حواء وزوجات أبناء ادم. ولاجل عدم النص المانع من كونهن من أصول أخرى انقرضت ربما اشارت الروايات ان اسمهم النسناس، يكون من اليسير تبني هذه الفكرة والتخلص من مشكلة السفاح ورواياته الغريبة في اصل البشر.

إشارة (4)

النص أصلا ليس صريحا ان التراب والطين خاص بادم عليه السلام بل هو دال على انه في كل البشر فالتعارض بين عامين وليس بين عام وخاص، وحمل كل عام على خاص تحكم. كما انه على فرض تمام الخاص بحق ادم ظهورا فان العام بان كل انسان مخلوق من نطفة هو راسخ كمقصد لا يقبل التخصيص. فيكون ذلك الظاهر الخاص متشابه. مع انه قد عرفت انه لا تعارض أصلا وانما الطين والتراب يتحدث عن اصل الانسان – كل انسان- في الدورة الأرضية (اللاعضوية الجمادية)، والنطفة والماء تتحدث عن اصله في الدورة الابوية (العضوية الحيوية)، ولان ادم بلا اب ولا ام بحسب الفرض فيصح افتراض ان دورته العضوية الحيوية ليست ابوية طبيعية بل حاضنة اصطناعية. بتلقيح اصطناعي ورحم اصطناعي وجهاز تغذية ودعم قلبي وتنفسي اصطناعي حتى بلغ فبثت فيه الروح وعمل دماعه.

إشارة (5)

لا يتصور ان هذه الرسالة كتبتها لاجل التوفيق بين النص والأبحاث العلمية، فان هذا وان كان جيدا الا ان الأصل من هذه الدراسة هو إزالة الظن الذي اضيف على النص وتحميل النص القرآني ملا يحتمل وجر الايات الى معان ومجالات معرفية لا تشير اليها. ان الفهم السائد بان القران يتبنى نظرية (القالب الفخاري) ليس تاما بل وباطلا، والصحيح ان القران أشار الى ان أصول الانسان من تراب وطين وصلصال وفخار ولا دلالة مطلقا في القران ان ادم عليه السلام صنع كقالب فخاري بينما نجد القران صريح ونص بان كل انسان لا بد ان يكون عن نطفة، بعموم محكم لا يقبل التخصيص فيشمل ادم وعيسى عليهما السلام.



   نشر في 06 ديسمبر 2021 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا