لا سيادة للبيض على الملونين - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

لا سيادة للبيض على الملونين

هيام فؤاد ضمرة

  نشر في 10 يونيو 2020 .

لا سيادة للبيض على الملونين

..العنصرية على قيد الحياة..

..هيام فؤاد ضمرة..

بأيِّ حق إنساني يظنون هؤلاء الأمريكان أنهم يشعرون تجاه الأشخاص الملونين؟ فبماذا يعتقد عقلهم المتخلف أنهم يتميزون عن غيرهم من ألوان أجساد ما خلق الله.؟كيف تجعل الجاهل يتجاوز حواجز جهله التي تحول بينه وبين الرؤية الواضحة، ليفهم أن كل خلق الله هم بشر بتكوينهم الإنساني الموحد؟ من ناحية الشكل العام من رأس يحتوي على العقل وأربعة من الحواس هي بنفس الكفاءة من العمل لدى الجميع، كما الأيدي والأقدام وأجهزة الجسم المتمركزة في الجزء الأوسط من الجسم، وأن عملها متشابه في جميع البشر على ما فيهم من تلون للجلود، وما ألوان الجلد إلا مجرد فارق سطحي لا علاقة له بالتكوين الإنساني الكامل كما العقل والذكاء، ولا بأسلوب الغذاء والتزاوج والإنجاب.

لماذا العنصرية تتبدى بقوة ووضوح حد الوقاحة بالشعوب البيضاء بصفة خاصة؟ ما الذي يظنون أنه يميزهم، ألأنهم فقط قوم بيض؟ وما الذي يعتقدونه ببياضهم؟ هل بياضهم يجعلهم يفكرون بطريقة مختلفة عن الآخرين؟ إذن لماذا يسارعون إلى تبني العباقرة من كل لون وجنس ومن كل بقاع العالم على ما يشتملون عليه من ألوان؟

لا سيادة للون بشري على آخر، لا تمييز عنصري قائم على اللون أو الجنس أو العرق أو الهويات أو الثقافات، فاستعلاء البيض هو فكر عنصري مبني على التخلف والجهل ليس إلا، ومن زار الولايات الأمريكية واختلط بالناس وجدهم ككل الشعوب ينقسمون على فئتين، فئة سرعان ما تتلمس جهلها وتخلفها وللأسف هي شريحة واسعة، وفئة يتعالى علمها وثقافتها وتؤمن بالمساواة وتحترم الملونين وتتعامل معهم على أساس المساواة وبأسلوب محترم يحسب لها.

مصطلح سيادة البيض هو مصطلح عنصري بغيض ومقيت، لا يعترف به العالم المتحضر بشكل حقيقي، لأنه معنى بغيض يشف عن طبيعة استعلائية عرقية طامحة للهيمنة، وهذا فعلا معنى ما وراء المصطلح، تماما كما الثقافة اليهودية التي تدعي أنها شعب الله المختار، إنهم والعياذ بالله يلبسون الخالق الحق ثوب العنصرية والله النزيه عن هكذا تسمية، فالله الذي خلق البشر كلهم ومن أسمائه العادل الحق القيوم لا يمكنه تمييز البعض على البعض الآخر إلا في الايمان والإنسانية والرحمة والعداله، فالله هو الرحمن الرحيم منزه عن قول ما يدعون، وهو يرى كل البشر سواسية كأسنان المشط لا يختلفون إلا بالإيمان.

مما لا شك به أن نشوء منظمات تدعي سيادة العرق الأبيض جعل الحكومات الغربية كأمريكا واستراليا وأوروبا وضعهم تحت المجهر لمراقبتهم منعا من ارتكاب حماقات عنصرية، إنما الرئيس الأمريكي ترامب تجاوز حدود الممكن في عنصريته وعنجهيته واستهتاره بحقوق الإنسان، مما أيقظ المارد النائم من سباته، وراح أعضاء هذه المنظمات يجوبون مدنهم وهم مدججين بالسلاح الأتوماتيكي، مما يسهل الحصول عليه من باعة الأرصفة بأمريكا، ومما يهدد الولايات المتحدة الأمريكية بالتفكك القريب ونشوء حرب أهلية تأكل الأخضر والناشف.

لتجيء سلسلة تغريدات ترامب العنصرية اللاذعة على تويتر، لتثير موجة تنديدات في الولايات الأمريكية، بعد مطالبته لأربع نائبات ديموقراطيات منحدرات من أقليات إلى العودة من حيث أتين، لتسبب كثيرا من الاستهجان، وتضاعف الغضب خاصة بعد مهاجمته دائرة بالتيمور الحدودية مع المكسيك ووصفها بالمثيرة للاشمئزاز والموبوءة بالجرذان والقذارة، علماً أن غالبية سكانها من السود ونائبها أسود.

وكل هذا يعيد إلى الأذهان السيرة السوداء لتجار الرقيق المجرمين القساة كإدوارد كولستون السيء السيرة أكبر تجار الرقيق الإفريقي، عاش قبل ثلاث قرون في العام 1636م، فهو يعد اليوم سبباً رئيسا في خلق العنصرية في القارة الجديدة التي أشتعلت فيها اليوم مظاهر الإعتراض بعد مقتل الشاب الأسود المسكين جورج فلويد في مينا بوليس بولاية مينيسوتا، ولهذا هجم المتظاهرون في مدينة بريستول على تمثال تاجر وصائد العبيد الأفارقة ليسقطوه أرضا، كدليل ساطع لوضع نهاية للعنصرية، ثم يجرون التمثال بقصد تحطيمه ليلقوا به في قاع نهر أفون مرددين شعار (حياة السود مهمة)، وكان سكان المدينة قد طالبوا بوثيقة موّقع عليها عشرة آلاف مواطن بإزالة تمثاله لما يمثله من عنصرية إلا أن مجلس المدينة لم يستجب لذات السبب غير الغائب.. فكانت إرادة الناس الغاضبة هي الغالبة.

ومثلها شهدت المدن البلجيكية الثائرة في أوروبا على العنصرية باستهداف المحتجين لتماثيل الملك ليوبلد الثاني الذي يعتبر مسؤولا عن الإبادة الجماعية للسود في وطنهم الكونغو في عهد الاستعمار البغيض.

وبذلك عبّر الثائرون بما لم يستطع سواهم التعبير عنه في رفض مظاهر نصب تماثيل تمجد رموز العنصرية، ثم يدعون المساواة والعدل والحرية في مظاهر تناقض واضح بين حقيقتهم وما يدعون من شعارات رنانة، وكأنهم يتخفون خلف ستارة رقيقة لا تخفي حقيقتهم الملوثة بالعنصرية، فأمريكا كيان عنصري بشهادة رئيسة لجنة الكونغرس السابقة للأمن الوطني، فأمريكا تمارس العنصرية في نفس الوقت الذي ترفع فيه مبادئ قيم الحرية والمساواة المبنية على الإضطهاد الممنهج وقمع المجتمعات الملونة، وقوانينها صممت من قبل البيض لتعيق وصول السود لمواقع اتخاذ القرار بل ولتعيقهم من المشاركة بالتصويت هذا يجري وفق منهاج عنصري لا يطبق إلا على السود.

وقد حالت الكثير من الولايات دون تنصيب السود في المواقع الرسمية العليا ليحرم أكثر من عدة ملايين أسود من حق مواطنتهم، إضافة للأقلية المتبقية من السكان الأصليين الذين نفذ الأوربيون المهاجرين بحقهم الكثير من المذابح الاجرامية البغيضة، ولولا النضال المستمر للسود ما وصل رجل أسود إلى سدة الحكم بالولايات المتحدة الأمريكية، ويدخل القصر الرئاسي بالبيض الأبيض الرئيس الأسود أوباما بقصد واضح من تبرئة الذات من العنصرية.


  • 3

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 10 يونيو 2020 .

التعليقات

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا