في الذاكرة ..

في الذاكرة ، حلم بسيط ..طواه النسيان ، حلم أبى إلا ان يثابر لينال حظا من واقع مرير. فشاءت الأقدار أن يضمحل كغيره من أحلام عرضت للبيع بأزهد الأثمان ،لأن تلك هي بضاعة الفقراء ..!

في الذاكرة ! شيخ كهل ،يواري جلبابه البالي جسدا في السبعينات ، دأب الجلوس في ركن قرب المسجد ، يرصد كل من هب و دب كحارس ليلي ، يمسك في يده اليمنى عكازا يكبره سنا ، ذو لون أصفر شاحب كما لو كان مريضا من وطأة التوكإ عليه ..

في الذاكرة ، باب خشبي متهالك ، تأكلت جنباته ، أقفاله استحوذها الصدأ .و اشتاق لنقير أيد تسأل عن أهل البيت ، و لمفاتيح تحرره من قيد ..

في الذاكرة ، ذكريات و أرشيف صور لوجوه مألوفة ، و أخرى لا أذكرها تماما

في الذاكرة ! .. في المنزل وفد من النساء يزورنا ، بعد السؤال عن الحال و الأحوال ! يبدأ حديث .. لغو نساء ! كشبكة للكلمات المتقطعة ، لا أكاد أفهم شيئا ..

في الذاكرة .. ليلة هادئة ، نسيم عليل ، و رائحة شاي بعبق الزعفران .. عبير قرطفاء و جلسة قرفساء.

في الذاكرة لعبة صبى ، نعم الأنيس و خير جليس ، دائما ما أضمها كإحتضان الأم لأبناءها ، و كم بكيت يوم أضعتها.

في الذاكرة  .. وحدة .. صمت رهيب يملأ المكان .. و رحلة تامل في الافق بنظرات يغمرها الحذر و الحيرة.

في الذاكرة  نصيحة جدة : سامح و استغفر . و وصية أب : ثابر و استبشر .

في الذاكرة  همسة حنان ، قبلة شفتان ، و حدة لحية أبي لم تعد تزعجني !

في الذاكرة .. كثير ! ..و كثير يصعب الإفصاح عنه ...