لقد استيقظت.. وما زال مذاقه على لساني، واحساسه بيدي، ودفؤه يغمرني، ولكن ذكرياته تتلاشى من عقلي؛ كما يتسرب الماء من بين أصابع يدي، لكنني ما زلت أعي جيدا أنني كنت هناك، وعدت للتو من ذلك العالم الداخلي؛ حيث الوقت يمر بلمح البصر، لقد عشت حياة ثانية، بكل أحداثها وتفاصيلها لسنوات مديدة؛ لأكتشف أنه مرت فقط بضع سويعات منذ أن أسلمت نفسي لسلطان النوم، أحاول ولوج ذلك العالم من جديد؛ حيث كنت الأول، الأقوى، الأغنى، الأذكى، الأوحد، لكن هيهات.. لقد كان تواجدي هناك شذوذا تم تصحيحه بإيقاظي - فَأَنَّ لإنسان أن يكون مركز الكون، فمهما حاولت العودة للنوم لأتسلل لذلك العالم أفشل، لقد كانت تجربة نعيشها مرة واحدة ولن تتكرر كما هي الحياة في الواقع؛ نعيشها بكل تفاصيلها حلوها ومرها لمرة واحدة، ولا وجود لزر الإعادة، ربما السبب يعود لوعي بذاتي؛ فهو ما يمنعني للعودة إلى عالمي الداخلي؛ حيث لا يفترض بي أن أتواجد هناك، نعم، هناك حاجز بين العوالم يصد المستيقظين، لكن من حين لآخر تحدث هفوات، فلا يرصد تسلل النائمين، حتى يحدثوا شذوذا في ذلك العالم فيطردهم بإيقاظهم من نومهم وعودتهم لوعيهم، أو لربما نقترب كثيرا من أسوار الموت حيث تنفصل الروح عن الجسد فيتم انعاش أجسامنا؛ لذا نستيقظ ونحن نرتعش، ونقطر عرقا، وضربات قلوبنا متسارعة، ورغم ذلك نتمنى بل نحاول العودة مرة أخرى إلى عالمنا الداخلي، تخيل معي ما الذي يمكن أن ننجزه في حياتنا لو استطعنا ولوج عالمنا الداخلي في أحلامنا، فمن ينتظره امتحان في الغد ولم يراجع دروسه قط يمكنه خلال سويعات نومه أن يذهب هناك ويراجع دروسه لأيام ويستيقظ قبل موعد الإمتحان وهو مستعد، ومن لم ينجز بحثه وغذا موعد التسليم يمكنه أن ينام وينجزه هناك في عالمه الداخلي ثم يستيقظ وبحثه منجزا، ومن يعاني من ضعف جسده وتنمر الأخرين عليه يمكنه أن يعود إلى عالمه الداخلي ويتمرن لسنوات ثم يستيقظ من نومه وقد أصبح أقوى. إنه عالمنا الداخلي يا سادة حيث لنا السيادة.
-
كريمكناس79مدرس ومؤلف