يؤسفني – والله – أن أرى بعض الذين أسديناهم احترامنا أن يدافعوا عن أخطاء جماعة بوكو حرام التي تقوم بها هذه الأيام..
فالجماعة تعترف بارتكابها هذه الجرائم باسم الإسلام ونحن نصفق لهم ؟
حتى لقد رأيت عند بعضهم قوله: جزاك الله خيرا يا بوكو حرام.
كان الظهور الأول لهذه الحركة في عام 2004 تحت اسم “حركة الهجرة”, في إشارة إلى هجرة عناصرها للمجتمع النيجيري الذي ينظرون إليه بوصفه مجتمعاً مدنساً غارقاً في الفقر الأخلاقي والسياسي ، ولذلك فإن أفضل شيء للمسلم المتدين ـ من وجهة نظرهم ـ هو هجر الخطايا والفساد إلى مكان أو مجتمع تتحقق فيه العدالة الإسلامية ، والوسائل الشرعية في الحصول على الرزق.
..إن تبحّر الشبكات والأماكن لاصطياد الدلائل لتأييد هذه الجماعة لشيء غير توازني, فكلنا نعرف الحكومة الحالية أنها فاشلة وغير قادرة. لكن, هل هذا يبرّر ما يقوم به هذه الجماعة من اختطاف الطلبات وسلسلة من الانفجارات مع اعترافهم بها… وصار الطلاب يخافون من الذهاب إلى المدرسة خوفا من اختطاف.
كتب أحد الأصدقاء على صفحته: “..إن أحسن ما في الحدث أن الطلبة المختطفات أسلمن.”
وأنا أقول: هل هكذا فهمنا الإسلام وأحكام دنيانا؟ ومتى صار اختطاف عدد هائل من الكفار أسلوبا ومنهجا لدعوة غير المسلمين إلى الإسلام؟
..إن تغيير المواقف ليس فيه أية صعوبة ما دامت الدواعي هي التي دعت إليه وأنت على بصيرة من الأمر, وفد غيرت موقفي من تحسين حركات الجماعة في أوائل سنوات تأسيسها إلى كراهتي لقرارها هذه الأيام؛ لما صاروا يقومون به بعد موت مؤسسها – رحمه الله, ذلك لأنها في البداية مجرد فكرة ووجهة نظر ومثل هذا لا يؤخذ أو يؤاخذ عليه…
لكن أن يقاتلوا أو يقتلوا كل من كان ضد مذهبهم؛ فهذا ما لن يقبله أي مسلم واع لمفاهيم وثقافات دينه الحنيف…
..فالمسلم يتسم بالعدل والإنصاف حتى مع مخالفيه .. فلا يجوز له أن يتجاهل ولو ذرة خير يتصف بها المجتمع .. بل عليه أن يثمن الخير الموجود في مجتمعه، ويركز عليه، ويضيف إليه ، ويدعمه .. ويحاول في الوقت ذاته أن يقلل من الشر، ويحجمه.. وكل ذلك بحكمة وتؤدة ورفق وأناة .. فالزمن جزء من العلاج .. وما لا يدرك كله لا يترك جله ، وما زال الخير في أمة الإسلام إلى قيام الساعة.
..وأخيرا, يسرني أن الحكومة مستعدة للمصالحة مع الجماعة, فالحكومة كرتونية منذ انتخابها, والجماعة مخطئة في اتخاذ قرارها..
هَذا الزّمان الّذي كنّا نُحاذِرهُ ** وَأَنْ نَعيشَ إِلى أَيامهِ السّودِ
إِلَيهِ صِرنا وَنَرويهِ بِلا رَيبٍ ** في قَول كعبٍ وَفي قَول ابنِ مَسعودِ
دَهراً نَرى الخَيرَ مَردوداً بِأَجمَعِهِ ** وَكلّ بابٍ لَه يَبدو بِمَسدودِ
وَالحَقُّ كَالخَيرِ لَسنا فيهِ نَقبلهُ ** وَالشرّ كالظّلمِ فيهِ غير مَردودِ
إِن دامَ هَذا وَلَم يَحدث لَهُ بَدَل ** تَزدادُ أَهوالُهُ مِن غَيرِ تَحديدِ
وَإِن قُلوب الوَرى دامَت مُفرّقة ** لَم يُبْكَ مَيْتٌ وَلَم يُفرَح بِمَولودِ
-
حكيم نجم الدينمتخصص في الأصول الاجتماعية والقيادة والإدارة التربوية, ومهتم في الشئون الإفريقية.