وثيقة الأخوة الإنسانية - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

وثيقة الأخوة الإنسانية

هيام فؤاد ضمرة

  نشر في 07 فبراير 2019 .

وثيقة الأخوة الإنسانية..

هيام فؤاد ضمرة..

خلال عقود قليلة تمكنت الإمارات العربية من تعزيز موقعها رياديا على مستوى منطقة الخليج وعلى المستوى الدولي، حيث وضعت خطة مدروسة لتسير بالنمو الحضاري للأعلى عامودياً على المستوى التجاري والعلمي والاقتصادي، وأفقياً على مستوى الخدمات والأنشطة اللوجستية والتطويرية حتى غدت في مقدمة الركب الحضاري كبلد ريادي في تصميمه على تحقيق النمو الحضاري السريع وبناء موارد بشرية حضارية، وإنشاء بنية تحتية شاملة، رغم كونها دولة فتية بعمر نصف القرن، وصغيرة مساحة.

ويعزى هذا المستوى غير المسبوق في تسارعه وتحقيقه لنتائج واضحة مكللة بالنجاح إلى قيادة حكيمة وواعية يتسلم زمامها أهل العزم بحضور الإرادة الواعية القوية على النجاح، وجدت في تقبل تعدد الثقافات المختلفة فوق أرضها حقا إنسانياً ومدعاة لتحقيق العدالة الإنسانية، وقبول هذا التنوع من كافة الأجناس في بلدها، لهي خاصية عظيمة في التطور والنمو، من الممكن أن تجعله مثالاً إنسانياً يحتذى لبلد صغير جدير بأن يكون نموذجاً صالحاً لانتهاج فلسفة التسامح والإخاء والتعايش في الحياة خلال الممارسات اليومية، خاصة أن دور أهل الثقافات المختلفة ومساهمتهم جميعا وقد بلغوا حوالي 200 جنسية يعيشون فوق أرض الإمارات المتحدة في حالة وئام تام وتعايش هادئ رائع ، كانت جهودهم جميعاً رائعة في إعمار دولة الإمارات، وكان لهم عظيم الأثر في إحداث هذا النمو المتسارع الذي حقق النجاح على كافة الصعد.

وعلى هذا جاءت إرادة القيادة الإماراتية لجعل الإمارات البلد النموذج الأول في تحقيق التعايش السليم والذي يعززه التواصل المنفتح على ظروف تكافؤ الفرص واستثمار العقول المبدعة الخلاقة، وتنمية الموارد البشرية صاحبة الخبرات، لتحقيق بناء بيئة عمل شاملة ومميزة وعادلة تجمع شتاتاً من الأجناس والثقافات.

فكانت المبادرة الإنسانية التي اعتمدها مجلس حكماء المسلمين وهي هيئة دولية مستقلة تضم كبار علماء المسلمين يرأسها شيخ الأزهر، برعاية ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، وتم تنظيم مؤتمر عالمي للأخوة الإنسانية ربطت العلاقة الوثيقة التي جمعت في عهدها ممثل الديانة المسيحية الكاثوليكية البابا فرانشسكو، وممثل الديانة المسلمة الإمام الأكبر شيخ الأزهر د.أحمد الطيب، على اعتبار أن مؤسسة الأزهر مؤسسة دينية علمية، وشيخها يترأس مجلس حكماء المسلمين التي تتخذ من أبو ظبي مقرا لها، وكان تم تأسيسها في 19/يوليو/ 2014م، وأبرز أهدافها.. إرساء قيم الأمن والسلم المجتمعي في العالمين الاسلامي والعالمي، وتحديد أسس التعايش، ووضع الحلول لمعالجة الصراعات، وتعزيز روح التسامح والحوار والمنهج الوسطي.. والجدير ذكره أنّ الأمير الأردني غازي بن محمد الهاشمي أحد أعضاء مجلس حكماء المسلمين و14 شخصية قيادية دينية عالمية.

والإثارة في زيارة البابا فرانشسكو أو فرانسيس المرجع الروحي لمليار إنسان حول العالم من فئة المسيحيين الكاثوليك إلى دولة الإمارات العربية، كونها المبادرة الأولى للمنطقة الخليجية وإنْ أتت بهدف المشاركة في مؤتمر حول التعايش الإنساني الحضاري، وتعزيز قيم التسامح بين منتسبي الأديان في العالم، ومحاربة التمييز الديني والعرقي ونبذ العنف على الأساس الديني، إلا أنها تشكل تحولاً مهما في علاقة أهل الأديان ببعضهم، وتقبلهم لثقافات بعضهم، وتعايشهم في أجواء الإخاء والتسامح، على اعتبار تبني دولة الإمارات العربية لثقافة التسامح والتعايش والسلام، لإشغال دولتها في موقع البلد النموذج الأهم لنشر هذه الثقافة لتوطيد علاقة الإخاء بين منتسبي الأديان، والمعروف أن نسبة عالية من سكان الإمارات هم أجانب في أكثرهم ينتسبون إلى دول مسيحية كاثوليكية.

وتأتي هذه الزيارة تزامناً مع إعلان (عام التسامح) لتعيميم ثقافة التعايش من باب التقارب الإنساني كون البشرية كلها تعيش على سطح الكرة الأرضية، وتتشارك ذات الكون وذات الفضاء، وتستخدم ذات البحار والمحيطات، وتجمعهم مصالح اقتصادية وصحية وإنسانية.

فماذا يعني للبشرية (عام التسامح والإخوة الإنسانية) الذي بدأ منذ ولادة العام الجديد 2019م؟

والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي إذ يجيب:

"إن الدولة مستعدة لمشاركة تجاربها الإيجابية وتعزيز فهم أوسع للقوة العالمية التي ينطوي عليها التسامح على صعيد المجتمع، والتعليم، ومكان العمل، والثقافة، والإعلام، والإمارات العربية المتحدة ككل"

فيما يقول البابا فرنسيس أن هذا المؤتمر وزيارته للإمارات المتحدة سطرت صفحة جديدة في تاريخ الحوار بين المسيحية والإسلام وهي تأكيد على نشر روح الانفتاح على الحقيقة ونشر قيم المحبة بين الأديان، وعلى الالتزام بتعزيز ونشر ثقافة السلام في العالم على أساس مبادئ الإخوة الإنسانية.

وتم التوقيع على وثيقة الإخوة الإنسانية بين البابا فرنسيس وشيخ الأزهر الشريف فضيلة الإمام الأكبر الشيخ د. أحمد الطيب الذي شارك الأمير الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي في استقبال البابا، وتمثل هذه الوثيقة التزاماً أخلاقياً بنشر قيم السلام والمحبة حول العالم ونبذ كافة أشكال العنف المرتكب تحت مسميات تمييز ديني.

وكان سمو الشيخ محمد بن زايد أمر بتأسيس (صندوق زايد العالمي للتعايش) بهدف دعم الجهود الرامية إلى تعزيز ثقافة التعايش السلمي والإخاء الإنساني بين شعوب الأرض كافة، وامتدادا لوثيقة الإخوة الإنسانية التي تعد حدثا حضارياً فريداً في تاريخ الأديان والشعوب

وتم تحديد مجموعة من المبادئ الإنسانية دعا إليها الطرفان الرمزان لتحلي الناس بها، فيما صندوق زايد العالمي للتعايش سيدعم المشاريع الريادية العاملة في هذا الشأن بشكل منح مادية، آخذا في الإعتبار دعم جهود تطوير المناهج التعليمية التي من شأنها أن تعزز قيم الأخوة الإنسانية، وغرسها في نفوس الأجيال منذ وقت مبكر من سني الدراسة، وإدخال مساقات تعليمية في الجامعات لحث الشباب على إجراء بحوث علمية في المبادئ الواردة بالوثيقة، واستحداث برامج تثقيفية وتعليمية وتوعوية سمعية وبصرية من خلال نشر قيم ومبادئ وثيقة الأخوة الإنسانية التي من شأنها أن تؤسس لثقافة التسامح والإخوة والتقبل لثقافة الآخر في جميع أنحاء العالم.

واليوم باتت جميع الأديان مدعوة لتجاوز التمييز الديني والعصبية القبلية والتمسك بثقافة الأخوة الإنسانية بالدرجة الأولى، وعلى كافة الشعوب التمسك بهذه المبادئ وبالتعاليم الدينية وقيمها التي تشترك بها جميعا في الدعوة للمحبة الإنسانية والعدالة الإنسانية والإخاء الإنساني، فالحرية الدينية تعمق مفهوم الأخوة البشرية.

تم التوقيع على ثلاث نسخ من (وثيقة الأخوة) أو (إعلان أبو ظبي) لتقاسم النسخ بين البابا وشيخ الأزهر وحكومة أبو ظبي.

والمفترض أن تنشأ علاقة أهل البلد الواحد المتنوعي الثقافات على أساس التعايش الآمن من خلال تعزيز روح المواطنة أولاً وأخيرا وتبني آليات توظيفها وترسيخها في عقل الأجيال بهدف نبذ العنف والطائفية والتعصب القبلي، وحسن الاندماج بين منتسبي الديانات المختلفة والتعامل وفق أفكار تنموية يمكنها أن تساعد في خلق بيئة يسودها التسامح والتعايش لبناء مستقبل آمن ومسالم ومتعايش.

وكان الأزهر قد أشرك العام الماضي مجموعة من الشباب حوالي 25 شاباً من أصحاب المبدرات الخلاقة تم اختيارهم من العالم العربي في لقاء (منتدى شباب صناع السلام) الذي أشرك بالمقابل 25 شابا من العالم الغربي شاركوا جميعاً في مبادرات وفعاليات دعمها الأزهر ومجلس حكماء المسلمين بالتعاون مع أسقفية كانتربري على مدار 10 أيام تم استضافتهم في قصر لامبث مقر أسقفية كانتر بري وفي كلية تشرشل في جامعة كامبريدج البريطانية في لندن.

وكان أطلق مبادرتها الشيخ د.أحمد الطيب شيخ الأزهر قبل سنوات من تاريخ عقد المنتدى منذ عام 2002م، وجاء عقد المنتدى في إطار جولات الحوار بين الشرق والغرب لهدف مد جسور الحوار والمعرفة حول ثقافة السلام والإخاء والتعايش بين منتسبي الديانات المختلفة في سبيل توحيد الرؤى والجهود في القضايا المعاصرة، ورفع هذه الشعارات عالميا كشعار السلام، والأمن الإنساني، وتقبل الآخر المختلف، والمواطنة، ومواجهة فكر التطرف، والعنف الاجتماعي.

وكان الهدف من المبادرة إعداد وصناعة قادة سلام لصنع شبكة مجتمعية قائمة على التغيير الإيجابي نحو ثقافة السلام والتسامح والمحبة والأمن الاجتماعي والأمن النفسي وإدارة الصراعات وحل الخلافات، واعتماد ما تتضمنه النصوص الدينية التي تركز على هذه الشعارات لما لها من تأثير ايجابي على عقول النشئ.

وتم عقد العديد من المحاضرات وتقديم الأطروحات تحت عناوين شتى تتعلق بذات الموضوع وتعالج قضاياه وتبين أن من الخطأ التحاور بالدين والعقيدة وإنما الحوار من المفترض أن يكون في القيم الإنسانية المشتركة لأن كل الأديان تلتقي في قيم إنسانية


  • 2

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 07 فبراير 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا