تحت اسم مستعار: الخيبات - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

تحت اسم مستعار: الخيبات

الخيبات

  نشر في 14 مارس 2019  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

كالبحر، كالعاصفة تجتاحني الأفكار٬ لا امتلك السيطرة عليها كالكثير من الآشياء في حياتي. منذ فترة طويلة لم أشعر بسعادة غامرة. في أفضل أيامي شعرت ببعض من السعادة. جرعة من الفرح. ولكنني ممتنة جدا. لقد تعلمت أن أقدر كل شيء لأنني أعلم بأن كل ما يذهب لن يعود.

أخبرت صديقي أندي بأنني أحب الكتابة.

فأجابني ببساطة: "اكتبي."

فأجبت بأنه ليس من السهل أن نكتب في مجتمعاتنا الشرقية.

فأجاب ببساطة آكبر: "اكتبي تحت اسم مستعار."

انه الخوف من اتهم بالشذوذ والغرابة٬ صفتان لطالما رافقاتاني. انه الخوف من يعلم الآخرون بأنني قد تجاوزت الخطوط الحمراء المرسومة ولكنني قررت الكتابة ليس لأحد٬ قررت الكتابة لنفسي.

أنا أفكر كثيرا واحلم كثيرا. من أغرب عاداتي أنني أمشي في غرفة صغيرة ذهابا وايابا إلى آن تمتلك أحلامي بابا سحريا أدخل من خلاله حرفيا إلى أحلامي. أحلق فيها وأعيشها وكأنها واقع ملموس. استيقظ فقط عندما يدخل أحد ما إلي غرفتي الصغيرة. بالاحرى سجني الصغير. سجني المتحرك معي. أو جنتي السابقة.

عندما قررت الكتابة كانت الصفحة البيضاء أمامي أشبه بكفن ابيض لدفن كل شيء. لا أرغب بشيء بعد الآن. أخبرني صديق عزيز بأنه يمكننا أن نتحمل الكثير من الخسائر الا خسارة الهمة. لم أفهم حقا معنى هذه الكلمة. فقررت اجمع كل شيء يهمني في كينونة واحدة وادفعه خارجا الى هذه الصفحات البيضاء. لعل الامر ينتهي.

لكنه شرح الامر:"الهمة هي الرغبة بأن يستيقظ المرء كل يوم ولديه الرغبة بأن يغادر سريره ويستمر في الحياة."

أقف الآن على مشارف الأربعين ولا زلت لا أدري ماذا أريد. في صغري لطالما كنت شديدة الدهشة كثيرة السؤال اسأل والدي الكثير من الأسىلة التعجيزية. اعتقدت بأن الكبار يعرفون جميع الاجوبة وكنت انتظر بفارغ الصبر حتى اكبر وامتلك موسوعتي الخاصة.

اعلم الان بأن التقدم في السن لا يعني القدرة على فهم ما يجري او ايجاد حل لأي شيء ... اعلم بأنه كلما كبرنا في السن لن نمتلك حقا الأجوبة٬ بل قد نفقد احيانا الكثير من الاجوبة رويدا رويدا حتى ما اعتقدناه بديهيا فيما مضى.

والدي رائعان. بذلا كل ما في وسعهما لجعل حياتنا أسهل. أعلم الآن أنهما حقا بذلا كل ما في وسعهما لأن الحياة ليست سهلة كما نعتقد عندما كنا أصغر سنا.

والدي رسم الحلم في داخلي٬ والدتي حاولت نحتت الواقع على جدار ذلك الحلم. لطالما قاومتها.

والدي علمني انني قادرة على فعل كل شيء وبأن الحلم ليس أمرا معيبا. والدتي لم تؤمن الا بالواقع٬ ربما بسبب الحياة الصعبة التي عاشتها.

لطالما كان والدي إلى جانبي يحميني بشدة إلى أن رحلنا إلى العاصمة. اضطررنا الى الرحيل من اجل المدارس. كنا نعيش في منطقة نائية تنتهي الحياة الدراسية في الصف التاسع فكان لابد من الانتقال.

هنا ... في هذه المدينة الكبيرة... شعرت بالوحدة ... كنت تلك الفتاة التي اعتادت ان تمضي النهار على الدراجة او في المسبح او بين الكتب او في الكتابة ... في ذلك المكان النائي لم يكن هناك ما يشبه هذا المكان الجديد البارد. كانت الحياة السابقة بالنسبة لي مثل الجنة ولكن لم يكن الأمر كذلك لأخي وأختي. كانت الجنة في العاصمة. اكره صخب الحياة هنا ... اكره المدن ... اكره المجاملات ... ولكني كنت مجبرة على التآقلم مع الحياة الجديدة.

تراجعت علاماتي الدراسية ... كان والدي يأتي في العطل٬ ومعول امي عن الواقع بدأ يزداد قوة. كانت اياما صعبة جدا الى ان انتقل والدي معنا.

كانت اختي فرح فتاة مرحة جدا تحب الحياة ذلك النوع من الفتيات القادرة على فعل كل شيء. لطالما كنت معجبة بها. ولكني كنت سعيدة مع نفسي. كانت محور الاهتمام بسبب مشاكستها المستمرة اما أنا فقد كنت محور الاهتمام بسبب تفوقي. لطالما عوقبت على اخطائها. احببتها جدا.

كانت محمية من والدتي كما اصبحت اختي الثانية لاحقا. كانتا قادرتان على اكتساب رضاها بينما لم استطع. أخبرتني ذات مرة ضاحكة بأنها لا تذكر عدد الشبان الذين تكلمت معهم وبأنني يجب أن أجرب مرة واحدة.

اجبتها: "هل احببتهم."

قالت: "احيانا."

نظرت نحوي بغرابة٬ عندما شرحت لها بأنني لم أشعر بأي حب تجاه أي شاب وبأنني انتظر الشخص المناسب.

كذبت في ذلك اليوم.... لأنني اعجبت ذات مرة بأحدهم ولكنه اصبح لاحقا رقما في قائمتها. لم اخبرها لانني فقدت اهتمامي به تماما.

علاقتهما جعلتني افقد اهتمامي البسيط.

قبل أن ادخل الجامعة كنت جالسة على الشرفة اقرأ كتابا ما كما هي عادتي. فاجأني والدي بسؤال.

"هل وقعت في الحب"

"لماذا"

"امسكت اختك مرات لا تحصى. اما انت فلا. هل انت ذكية جدا في إخفاء امورك ام هناك مشكلة ما؟"

"لم يدق قلبي بعد."

ضحك وقبل رأسي. لم يعلم بأنني سأكون خيبة كبرى. وبأنني سأعيش خيبات كثيرة.



   نشر في 14 مارس 2019  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا