الثورة في عالم موازى - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الثورة في عالم موازى

  نشر في 26 يناير 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

في ديسمبر 2010 في أحد العوالم الموازية لكوكبنا قام التونسي بوعزيزي بإضرام النيران في نفسه احتجاجا على صفعه تلقاها على وجهه من شرطية . كانت تلك الصفعة كالقشه التى قصمت ظهر البعير بالنسبة له ، حريق جسد بوعزيزي كان أضخم حريق في التاريخ تأثيرا على الإطلاق فقد أمتد لهيبه ليشعل تونس كلها ثم استطال وامتد شرقا ليشعل دولا عربية طاقت شعوبها لتغيير بدا ممكنا بعد أن كانت قد يأست من إمكانية حدوثه ، تغيير قدم الشعب التونسى وصفتة السلسة والتى تبدأ بالعبارة السحرية "الشعب يريد إسقاط النظام" .

هرب بن على ذليلا معلنا إنتهاء الجولة الأولى بفوز الربيع العربى لتبدأ الجولة الثانية مباشرة في مصر .. أحتبست أنفاس هذا العالم الموازى وهم يتابعون تلك الجولة الفارقة لهذا البلد المميز والذى يمتد تأثيره في الغالب إقليميا وعالميا .

تتالت الأحداث سريعا بشكل درامى .. مصريون يشعلون النار في أنفسهم أمام مجلس الشعب .. يتابع الناس بجذل تصريحات الوزراء والمسئولين والتى تدعو للتهدئة وامتصاص الغضب .. صفوت الشريف يتحدث متأففا ويعلن أن مصر ليست تونس .. انفجار الطوفان الجماهيرى في ميادين مصر والمواجهات الدامية مع الداخلية ثم انسحاب جميع القوات من الشوارع بعد فشلها في قمع المتظاهرين وتم إطلاق المجرمين والمسجلين من السجون في رسالة تفاوض أن الأمن مقابل الاستسلام وإخلاء الشوارع .. المواطنون يقومون بعمل لجان شعبية لاستعادة الأمن وتزداد ثقتهم في إمكانية تحقيق الحلم .. رأس النظام يفرغ ما في جعبته من حلول بعد فشل خيار القوة المعتاد ولكنه كان يتحرك بما لا يتناسب مع الحدث او كما يقولون Too little too late .. إقالة أحمد عز والذى كان للشعب مستفز .. تعيين عمر سليمان نائب للرئيس ليسمع المصريون هذا المنصب لأول مرة منذ ثلاثين عاما .. إقالة حكومة أحمد نظيف .. الجماهير تزداد تمسكا بالميدان حتى تلبية مطالبها بإسقاط النظام .. الجماهير تزداد غضبا .. الجيش ينشر قواته في طول البلاد وعرضها ويعلن أنه في حالة انعقاد دائم .. يخرج اللواء عمر سليمان ليعلن عن تنحى الرئيس وتكليفه للجيش بإدارة شئون البلاد.

فى هذا العالم الموازى سعيد الحظ ، لم تتوقف الاعتصامات عند هذه النقطة ، بل استمرت الجماهير في الهتاف "مش هنمشى .. كله يمشى " في اعتراض صريح منهم على تسليم السلطة لأحد أركان النظام ، أرادوا استعادة بلدهم لأنفسهم ولم ينسوا أن الجيش يقوده أحد رجال الرئيس المخلصين له والذى استمر في منصبه لعشرين عاما بأكملها ،أعلنوا بقاؤهم في الميادين لحين إسقاط كافة رموز النظام .

أسقط في يد المسئولين واضطروا بعد يومان فقط لتنحية وزير الدفاع والنائب العام وكامل الوزراء وحل مجلسي الشعب والشورى وتم اذاعة بيان يعلن إدارة المجلس العسكرى لشئون البلاد تحت إشراف لجنة مشكلة من شباب الثورة ورقابه إعلامية غير مسبوقة تضمن إطلاع الجميع على كيفية إدارة الفترة الانتقالية القصيرة للغاية لتبدأ بعدها مصر نحو مستقبل جديد انطلقت نحوه بإحترافيه أبهرت العالم أجمع، وبعد مرور عامين أصبح من المستحيل أن يصدق أحد أن هذه هى نفس البلد وأن هذا هو نفس الشعب!

على الصعيد السياسي ، ترشح أكثر من عشرين شخصا لمنصب رئاسة الجمهورية لم يلبث الكثير منهم أن تنازل لمنافس يجده أكثر ملائمه منه للمنصب لينتهي الأمر بسته مرشحين فقط يتنافسوا في إطار من الوطنية والرغبة في نيل شرف قيادة البلاد في هذه الفترة التاريخية، وأسفر الأمر برئيس وطنى لا يختلف عليه كثيرون حيث كان قد وعد بتطبيق أى نقاط إيجابية في البرامج الإنتخابية لمنافسيه بجانب برنامجه الفائز .. بدأ الأمر بمحاكمات ثورية للنظام القديم ومطالبات دولية بالأموال المهربة للخارج والتى تدفقت لتبث الحياه في شرايين البلد المتهالكة وبدأ يظهر للوجود نظام تعليمي قوى في متناول جميع الطبقات هدفه تخريج عقول مصرية تبنى بلد قوى يستطيع المنافسة العالمية في شتى المجالات ، وأرست قواعد نظام تأمين صحى يشمل جميع المواطنين مع وجود قواعد صارمة تضمن تلقى العلاج والدواء في مستشفيات ومراكز تدار باحترافية من قبل أمهر العقول الطبية ، تم أيضا تعيين نائب بصلاحيات واسعة وحكومة نشطة يراقبها إعلام حر لا يقيده إلا مواثيق الشرف واحترام عقول الناس .. اختفت إعلانات المسابقات السخيفة وإعلانات الدجل والشعوذة وأفلام العهر والبلطجة وحل محلها إعلانات ذات أفكار نوعية احترافية وأعمال تقدم مضمونا مفيدا لا تخجل الأسرة من مشاهدته والاستفادة منه.

على الصعيد المجتمعى، أستغل الشعب حالة الوفاق والحب الوطنى الذى أجتمع الكل حوله في نبذ الخلافات والضغائن وانطلق الشباب والكبار يزينون الشوارع والميادين وينظفوها بأنفسهم .. أحترم الجميع قواعد المرور أثناء قيادتهم لسياراتهم .. دعم المصريون في الخارج عملتهم وتدفقت تحويلات العملة الصعبة كما لم يحدث من قبل حتى وصل سعر الدولار بنهاية العامين إلى ثلاثة جنيات وتم تشجيع الاستثمار في المشاريع الصغيرة المتوسطة بمرونة وتسهيلات لم يعتدها المصريون من قبل حتى أن كثير من المصريين العاملين بالخارج فضلوا الرجوع والاستثمار في بلدهم وأصبح لفظ مصرى مغترب على الاذان غريبا كوقع لفظ اماراتى أو بحرينى مغترب !

انتعشت السياحة بشده في تلك الظروف بعد أن أصبح الجميع يرغب بشده في رؤية البلد العريق الذى أبهر شعبه العالم وقام شباب وزارة السياحة باستقطاب السياح بأعداد رهيبة بأساليبهم الدعائية التى مزجت التكنولوجيا بأطنان الاثار والمعالم التى تذخر بها البلاد مما جعل مصر تتصدر المركز الأول كأكبر وجهه سياحية مطلوبة في العالم خصوصا في ظل الأجواء الأمنه للبلاد والتى تعمل على توفيرها وزارة الداخلية بعد إدارتها من قبل رجال الصف الثانى بعد إقصاء كل وجوه الصف الأول القديمة واستحداث مكتب التحقيقات الداخلية ذو الصلاحيات الكبيرة والذي يراقب عمل الداخلية ويتبع الرئاسة مباشرة ،كما تم تغيير مناهج وطرق التدريب بالكليات العسكرية لتخريج دفعات من الشباب تدافع عن الوطن ولا تتعالى على أحد من المواطنين بل تتفانى في خدمتهم حتى وصل الجميع كشركاء إلى وطن من أأمن وأقوى أوطان العالم.

للأسف لم تسر الأمور بهذه المثاليه في عوالم موازية أخرى .. لم تنجح الثورة المصرية دائما بل أنقلب الأمر أحيانا لأوضاع أسوأ مما كانت قبل الثورة .. ولم يتبقى أمام تلك الشعوب إلا أن تحلم بشكل الوطن الذى تمنته أن يكون يوما ولكن لم يشأ له القدر أن يكون .  


  • 2

   نشر في 26 يناير 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !


مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا