يوم فتحت تلك المحادثة اللعينة ويداي ترتجف ! قرأت رسالتك و ااكد لك ان دقات قلبي رنت في طبلة اذني حتى كادت تفجرها. وددت وقتها لو رددت بأعلى صوتي ماذا تكتب و ماذا تريد ان تخبرني؟ تتمنى ان يكون الوقت ملائما؟ لا الوقت ليس كذلك ابدا! إنه وقتي انا، وقت افصاحي انا! لي خبر يكبر اي موضوع! لدي سر اكتمه و يقتلني! فقد مرت عشرة أيام كنت اتخبط فيها وحدي بين رغبتي فالافصاح و حرجي الشديد! حتى انني لم ألحظ أن الأمور بيننا ساءت الدرجة ان تتخلى عني لسبب دون سري اللعين ذاك! تبا يا فتاه لقد أرهقت قلبك عبثا!
قبل عشرين يوما من ذالك كنت قد لاحظت تغيرا في شكلي فقد أصبحت شاحبة نوعا ما و خسرت الكثير من الوزن أيضا! ألم تلحظ ذلك ايها الأحمق! أظننت انك فقط أخطأت مسبقا باختيارك لفتاة قبيحة!؟؟ قررت ان ازور طبيبا للاطمئنان فقط حتى أنني كتمت الأمر عن الجميع بما في ذالك عائلتي ! و بالفعل لم يشر الطبيب الى ما يدعو للقلق لكن بعض الفحوص كانت ضرورية على حد تعبيره. راودني خوف صغير حين قرائتي لقائمة الفحوصات التي طلبها. لاكن تبدد ذالك الخوف في اللحظة التي تلقيت فيها رسالة منك. اقنعت بعدها نفسي انني بخير و لن اسمح لشىء ان يعكر صفو الفرحة التي اعيشها معك و حماسة اللقاء الذي كنا قد حددناه معا . التقيتك و حاولت حينها اخفاء خسارة الوزن التي كانت ظاهرة على وجهي و شفاهي الشاحبة تلك بوضع بعض من مساحيق التجميل، حاولت أن انسى كل شيء و أنا معك. رغم الآلام التي شعرت بها وقتها الا انني عملت جاهدة ان اخفيها جيدآ. كنت سعيدة حقا! في اليوم التالي قمت بالفحوصات و اشتدت الالام أكثر على مر الأسبوع التالي حاولت أن أكتم فيه مرارا آهات اوجاعي و اذكر أنك ادركتها معي مره!
جاء موعد الطبيب، استلمت فحوصاتي التى اخذت اكثر من عشرة أيام لتكون جاهزة. حين فتحتها كان من الواضح ان بها خللا ما. جلست الى الطبيب الذي اختطف ورقة النتائج يقرأها بلهفة. نظر إلي بحدة قائلا : اتعلمين ما أثار انتباهي بك من اول يوم قدمت فيه الي؟اتسعت ابتسامتي و هززت راسي بلا. فقال : ألا تعلمين ان لك ابتسامة ساحرة لا تفارقك أبدا؟ أطلقت ضحكة خافتة و قلت: ما اعلمه حقا أن الاخبار الجيدة لا تحتاج لمقدمات. إبتسم بدوره ليرد: و إن يكن! هل ستختفي الابتسامة بعد ان تسمعي التفاهات التي سأقولها الآن. هززت راسي بلا و حافضت على ابتسامتي الشاحبة تلك. تحدث بعدها مطولا اين قدم احتمالات و نسب، علاجات مختلفة و اختتم حديثه بقصص ذات نهايات سعيدة تشبه قصص أميرات ديزني! الغريب أنني بقيت مبتسمة للنهاية، الحقيقة اني لم أكن أسمع لكل ما كان يقول فقد كنت اشرد في أحيان كثيرة. فكرت فيك و في عائلتي و في كل من لعب دورا صغيرا كان او كبيرا في قصة حياتي. كنت ابتسم أكثر و أنا اتذكر حجم الحب الذي حضيت به من طرف الكثيرين و شعرت بامتنان بالغ. ودعت الطبيب بعد ان سلمني رسائل طبية، و حدد لي مواعيد قادمة. غادرت المكان ركبت سيارتي و انطلقت. اذكر انني بكيت كثيرآ لم يكن نحيبا بل كان بكاءا صامتا كانت الدموع تسبق يداي اللتان كانتا تحاولان تجفيفها.
دخلت غرفتي و اعتزلت بها لساعات فكرت فيها بالآخرين اكثر من تفكيري بنفسي، لم أملك الجرأة لاخبر أحدا و لم أملك القوة لاواجه كل ذلك بمفردي. بقيت على ذلك لأيام ، أصلي كثيرا و ابكي اكثر. صارت محادثاتي معك أقل و في الوقت الذي كنت احاول ان اقنع نفسي انني من تبتعد عنك كان من الجلي انك من كنت تفعل. حتى وصل اليوم الذي قررت أن اتشارك و إياك الخبر بعد ان كان قد نال مني الألم و الخوف و كنت أراك سكني و أماني. انتظرت قدومك و يا ليتني لم انتظر. رسالتك كانت القشة التي قسمت ظهر بعير . وكأن حزنا واحدا لا يكفي! شعرت أني فقدت الكثير يومها حتى أنني لم أقوى على الرد! وما جدواه!! أتعلم شيئا توقعت أن تتركني بعد ان اصارحك و ليس قبل ذلك، و كنت ساتفهمك لكنني صدمت بما حدث حقا. فقد كنت اضمر بصيص أمل أنني ساحيا قصة تحاكي قصص الاميرات التي رددها الطبيب ذلك اليوم و لكن...
بالرغم من انني انهرت انهيار كبيرا الا انني تقبلت الأمر بعدها بسرعة لا اعلم حقا كيف حدث ذلك لاكني بدأت أقوى مجددا اذ لم اجد جدوى من البكاء على ما ذهب و بيدي ان احارب من اجل ما تبقى! لم أكن يوما جبانة و لن أكون. لطالما صبرت على ابتلاءات كثيرة و لم أضعف و لن يحدث الآن. الحمد لله تحسنت كثيرا بعد بدء العلاج و تعافيت تماما و الان اشعر بطاقة كبيرة، اكتسبت وزني الضائع و تخلصت من لوني الشاحب، أصبحت أبتسم و أعمل أكثر، اساعد و اقف بجانب اناس اكثر، استمع اكثر، أرسم اكثر، أقرأ اكثر...
إن لم يقف من اردته بجانبك فذلك ليس نهاية العالم، يكفي ان تقف انت بجانب نفسك. حياتك طالت او قصرت، عشها و أنت سعيد.
-
سراب عابرwriter