كان يوم بهيج مشحون بالأعمال والترتيبات، الكل يطير ويتحرك كخلية نحل، رجال ونساء، كان الحماس والشغف على آخرهما، أرى أولاد خالي يجيئون ويذهبون في قضاء أمور الزفاف وترتيباته الكثيرة والمعقدة، ولا تعرف حتى ما الوقت الذي قضوه كي ينجزوا أعمالهم بتلك السرعة؟!
بدأ اليوم يأخذ شكلا غرائبيا، وتحديداً عند وقت العصر، وأقول ذلك ولست متأكدة حتى من صحته، فالوقت كان صيفا ومعروف أن يوم الصيف طويل وبه بركة، المهم سألت فجأة خالتي عن الوقت المضبوط لأن ساعتها قد تعطلت للتو، فأجابتها ابنة خالي بدهشة أن ساعتها متوقفة أيضاً، احتارتا معا ثم مر وقت قبل أن يسألان ابن خالي الذي كان يذهب ويجيء دون أن يسأل عن الوقت ، أنه حتى لا يرتدي ساعة، لكنه فوجئ بالسؤال ثم نظر إلى الخارج وقال إن الوقت ربما الرابعة إلا!
حضرت أمي ثم قُص لها ما حدث، والمفاجأة أن ساعة أمي هي أيضا كانت معطلة، كانت لدي ساعة لكن لم أكن أحب ارتداءها، فشعرت بغرابة شديدة كأننا نعيش فيلم رعب، و بالفعل كان يوماً غريبا عندما لاحظ الجميع توقف ساعاتهم في وقت متزامن!ضحكنا وقتها وكان ضحكنا مشوب بدهشة، وعاد الجميع إلى أعمالهم دون أن يعرفوا كم الوقت؟! لكن كلما تذكرت ذلك اليوم تنتابني الغرابة، ولا أعرف حتى الآن ما سر توقف ساعات كل من خالتي وابنة خالي وأمي وأنا، هناك ساعة خامسة أيضا كانت معطلة لكني لم أذكر لمن؟!
الغريب أن اللذين اعتادوا معرفة الوقت بشكل دائم كانت الحركة لديهم بطيئة وأعمالهم قليلة، أنهم خائفون ألا يلحقوا بإنجاز أعمالهم وكأن الوقت سيتبدد منهم على حين غرة.. أنا أصبحت مصنفة من هؤلاء، لا أنفك أن أنظر للساعة كل دقيقة ولا أعرف حتى لماذا أنظر، أو ما الذي أنتظره؟!
أظن أن معرفة الوقت ما هو إلا هوس، يعيق الحركة لدينا ويجعلنا أسرى له دون أن ندري، ودون أن ننجز حتى أبسط الأمور؛ وللتغلب على ذلك الهوس، علينا أن نركز على قضاء العمل الذي بيدنا، دون أن نشتت أنفسنا بالنظر كل دقيقة، كالغزالة التي تقتل نفسها بنفسها عندما تتشتت بالنظر خلفها حيث النمر الذي يلاحقها، الوقت يمر.. نعم، لكن بإمكاننا الإمساك به إذا أردنا.
ولاء عطا الله
-
Walaa Atallahكاتبة ومدونة مصرية.