رؤى الحجاز
فيصل حسن البكري
كم نشتاقُ لماضينا وبراءة طفولتنا
وريعانُ شبابنا.
حنينآ لحارتنا وبيت ستي وجدُنا
لمدرستنا ومُعلمنا.
سلام لگ أيها الماضي الجميل
لقد كُنت فسحة الأمل والأحلام
نعيش بين ثنايا أجوائگ البديعة.
غادين كالطير وهو يشدو حُبورآ على أغصان أشجارك المليئة بثمار النبق واللوز.
نقطفها في خلسة عن أعين المارة والجيران.
كل شيئ في أعيننا كان جميلآ.
حتى أيام الحاجة وأثقالها
والدراسة وهمومها.
فدفاترنا ما زالت مملوءة في ذاكرتنا برسم طفولتنا.
ومقاعدنا الخشبية ما زالت تحوي دفء حكاياتنا.
كنّا نرى كل منظر من مناظر حياتنا مرتديآ ثوبآ قشيبآ.
يزهو كالزهر الأبيض عندما يتفتح على أغصانهِ البهية.
سلامََ على شبابنا الغائب
على دوحتهِ الفينانة التي أحتضنت أجسادنا وأرواحنا ونحنُ نلهو ونلعب في ظلالها مرح الظباء في رملتِها الصفراء.
فكم نخشى المرور من أمام مِركاز عُمدتنا ونهابُ صوتُ جارنا ونتحاشىٰ مقشة أُمنـا.
فهل نبكيگ يا عهد شبابنا عندما تمتعنا فيگ براحٍ وغزل.
أو نحَـزنُ على أيـام أمتطينا فيها لهوٍ ولعب.
فكم لنا ذكرىٰ ونحنُ نناجي القمر في هزيع الليل بعيدآ عن أعين الرقباء.
كُنا نرى في سمائك نجم الأمل لامعًا متلألئاً يؤنسنا مَنظره ويُطربنا نوره الخافت ومن حوله ظلام حالگ يصل مدى شعاعهِ لأعماقُ قلوبنا وهو يخفق لماضي أندثر .
لم نتمتع كما تمتع غيرنا في أسفارهِ وترحالهِ.
ولم نلنْ في حياتنا مأربآ من مأربُ المجد والجاه.
ولكن كُنا قنوعين نُؤمل ونرجو الله العفو والعافية.
وبذلگ الأمل كُنا نعيش وتحت ظلال الرجاء كُنا نهنئ وننعم.
واليوم وقد كسىٰ الرأسُ الشيب وبدأ الوجه شاحبآ وقطراتُ العَرقْ تنحدر بين تجاعيد نظنها بعيدة أميال وأعوام عنا.
بدأنا ننحدر من قمةِ ونشوة الحياة إلى جانب نعلم منتهاه فأعددنا العدة لمواجهة تلك اللحظات بعد ما تعددت زيارتنا لطبيب العيون والقلب والمفاصل والأسنان.
فلم نعد كما كُنا مشمرين عن ثيابنا لنقفز مترآ حتى لا يصيب ماء المطر رداءنا.
تقاربت اليوم خطواتنا وأصبح فرسخُنا
ميلآ. وباعُنا ذراعآ وخروجنا من دارنا محدودآ حتى إذا مررنا بمجامع الشباب تخيلنا بأننا غرباء عنهم لتعود بنا ذكرياتُ صِبانا وريعانُ شبابنا.
لم نعد نفكر كما كانت أحلام طفولتنا وأمنيات شبابنا.
أصبحنا ننظر ونهتم في شأن أولادنا ومستقبلهم حتى سمعنا كلمة "جدي"
يهتف بها أحفادونا وكأننا معترفين
بأن هذا اليوم سيأتي لا مفر منه والله الموفـق...