وما أدراك ما صفقة القرن.. أهي صفقة أم صفعة
هيام فؤاد ضمرة
نشر في 04 أبريل 2019 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
وما أدراك ما صفقة القرن..
أهي صفقة أم صفعة؟
هيام فؤاد ضمرة..
وما زال العرب يتحدثون عن دور الوساطة الأمريكية وكأنهم يوشكون على نيل الرضى بكل المنى، وما زالوا يتباحثون في الغيب عن المتوقع الذي يوشك أن يقع.. فهل حقاً تكشفت لهم ملامح الصفقة وهل تسرب إليهم فحواها؟
لا شيء من هذا يجرؤ المسؤولين العرب على قوله جهارا وقد تعودناهم يتخوفون الإجهار بكل شيء جديد وغريب عن سياساتهم العربية خاصة تلك المتعلقة بمواقفهم من دولة الاحتلال اسرائيل ودولة الهيمنة أمريكا، فما البال الإجهار بالصفعة الكبرى التي سيتلقاها العرب قريباً التي ستقلب كل الموازين رأساً على عقب، وتحول العدو اللدود إلى صديق على الحدود، يطل بوجهه البشع القبيح في وجوهنا كل حين ويقتل أطفالنا بالرصاص الحي بدم بارد، حتى وترامب يلقمه أراضي العرب قطعة فقطعة ليتمدد بالمساحة قدر ما يستطيع أملا في تحقيق حلمه بالدولة الكبرى على المدى القريب الذي على ما يبدو ليس ببعيد.
فما الذي يعنيه عمر موسى بقوله عن الوسيط الأمريكي بأنه أصبح غير ذي موضوع؟ والخوف من الآتي المجهول.. هل كانت اتفاقيات السلام الموقعة بين دولة الاحتلال والعرب في بدايات التسعينات مجرد لعبة مغامرة للاستعراض وجس رد فعل الجماهير العربية، ليست سوى ورق لا قيمة له ولا يلزم دولة الاحتلال بتطبيقه؟ بدليل استمرار مصادرة أراضي الفلسطينيين المحتلة وتوسيع المستوطنات فوق الأراضي العربية وبناء الجديد منها، والأخطر التعامل مع مدينة القدس على أنها العاصمة لاسرائيل تلك البروبوكندا التي افتعلها الرئيس الأمريكي ترامب بمنح اسرائيل مدينة القدس كعاصمة لها في سابقة خطيرة لا تتواءم والقوانين الدولية، وهو الذي تفعله دولة الاحتلال نهاراً جهاراً أمام الملأ حالياً ولا يستطيع عربي واحد أن يخالفها وإن استعرض عضلاته لزوم التبرؤ.
التشاؤم الذي يراه عمرو موسى بالصفقة الصفعة ترفضه المؤسسة الحاكمة الفلسطينية جملة وتفصيلاً، ويراه حكام العرب قابلا للتطبيق مهما كان شكله وبكافة التنازلات التي باتوا أمام مصالحهم يرونها ممكنة، وقد باشروا فعلا بتطبيق مقدماتها على الملأ دون أن يطرف لهم جفن، وأداة الشرط التي استخدمها عمرو موسى (بإلا) إذا كانت هناك مفاجأة سارة..! تثير كثيرا من الضحك لسطحيتها، فطالما المسألة متعلقة بقضية فلسطين والوجود الاسرائيلي فوق أراضيها ووجودها الإقليمي في الشرق الأوسط بعامة وبوساطة أمريكا المنحازة كلياً لدولة الاحتلال فلن يحقق الفلسطينيون من خلال هذه الصفقة أي حقوق عادلة ولا حتى أشباه دولة، هذا الأمر هو المؤكد في كل الأحوال، والتخوف الذي يبديه موسى ليس فقط ذلك الحل الذي يجعل دولة مجاورة وطناً بديلاً يرفضه الفلسطينيون جملة وتفصيلاً، بل إنه يثير كثيراً من المخاوف لأنَّ هذا البلد يعاني الفقر الاقتصادي وفقر المياة ولا يفي احتياجات أهله، ولا يصلح لأن يكون وطناً بديلاً بأي حال، وقد استنزف حجم استيعابه وطاقة قدراته في استقبال الحالات الانسانية من المهاجرين، فالحل على نمط هذه الوتيرة لن يكون حلاً مقبولاً ولا مجدياً.. بل يكاد يكون مستحيلاً، وبالتالي محكوم عليه مسبقاً بالعجز.
إن إقامة نظام اقليمي جديد في منطقة الشرق الأوسط يُعيدنا إلى خطة أمريكا واسرائيل القديمة في خلق شرق أوسط جديد، كانت المخططات ترسم لها خارطة طريق خطيرة لخلق وضع اقليمي جديد للمنطقة، وموسى ربط تخوفه بالمؤتمر الوزاري في وارسو العاصمة البولندية الذي سيعقد تحت عنوان (تعزيز مستقبل السلام والأمن في الشرق الأوسط) ووضوح مدى ارتباط عنوان المؤتمر بصفقة القرن المعلن عنها دون أي تفصيلات مما يجعلها تتجاوز حجم الصفقة لتكون أمراً مفروضاً بالقوة المبطنة.
إن مؤتمر وارسو لرؤساء الوزارات وعنوانه يضع العرب أمام مرآة عاكسة تبين الجزء الحقيقي من الصفقة فهو سيسعى إلى تعزيز مستقبل السلام والأمن في الشرق الأوسط، فمعناه أنه سيصل إلى تفاهمات على إقامة نظام إقليمي جديد في المنطقة كانت سبقتها تفاهمات على مستوى أعلى ارتبطت بالحكام، مما يدل أن الصورة على وشك أن تتوضح.
ويظل السؤال قابلا للطرح من حيث القيمة في تقدير المواقف العربية.. كيف يمكن عربياً التصدي لصفقة القرن إذا ما كان الطرح الأمريكي سييعى إلى تصفية القضية الفلسطينية ويقفز عن حقوقهم الانسانية والوطنية؟
هذا السؤال سيظل معلقاً على بوابة العبور إلى الصفقة التي نتوقعها أن تكون بحجم الصفعة الكبرى.. فهل سنهتز من أثرها كشعوب بالقوة الكافية؟
-
hiyam damraعضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
التعليقات
ما أغنت عنا كثرتنا؟ صفعة بعد أخرى بالأمس القدس عاصمة للاحتلال واليوم ضم الجولان
ما أغنت عنا كثرتنا؟وأقصى طاقة للحكام تنديد واستنكار باستحياء شديد، وجري -قد أصبح صريحا في عهد النذالة- إلى التطبيع.
ما أغنت عنا كثرتنا؟ شعوب غارقة في الإستهلاك، أقصى ما تفعله تغيير صور البروفايلات وضغط زر الإعجاب.
الله المستعان