للأبيّ قضية يتخذها كمشجب ، وفي ضميره النابض مشجب يعلّق عليه أكثر من قضية ..
هو هكذا دوما ، يقتات على قضيته ليعيش، يعلق عليها همومه و تنهداته الهزيلة واستفاقات صباحاته الشاحبة ، يتوشح بصبر همومها الثقيلة وجراحها الغائرة تماما كما يتأبط انتصاراتها ، يضبط حياته على إيقاعاتها المتسارعة ، يهرب منه إليها ويرتديها كمعطف لترد عنه صقيع الفراغ وهجير الحياة..
وقد يحدث أن تهترأ القضية ، فلا يخلعها قبل أن يهترأ تحتها ، ذلك لأن ما بينهما ميثاق وجود متبادل وعهود فداء ووفاء وفناء ، ولابأس حينها أن يرتدي أكثر من قضية مادام في مشجب ضميره متسع كاف من الإنسانية والإباء..
وللانتهازي أيضا مشجب وألف قضية ، غير أن ولاءه لا يكون إلا لأنانيته ونفعيته الهابطة ، فهو يجيد ارتداء القضايا وخلعها دون عناء أو ضجر وذلك حتما بما تقتضيه مصلحته المقدسة وتسلقه الحثيث..
وأما الفارغ ، فلا مشجبٌ ولا قضية ، ولا حياة ولا كفاح ، لا ابتسام ولا بكاء، بلادة مطلقة، روتين قاتل ، وجمود مميت ..بل هو مجرد أسمال بالية مشنوقة على مشجب الضياع..
فأيّ هؤلاء أنت ؟!
كن أيّا ما تكون ، فقط لا تنس أن تكون مشجباً أو حتى أن تكون قضية..!
-
فاطمة بولعناناليوم حرف وغدا حتف