عَبقُ الحُبِّ.
هلّا أحكي ما حملتُ.
نشر في 12 يوليوز 2020 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
إلى كل العيون الساهرة، وكل القلوب العامرة بشوق أحبابهم، أحكي...أحكي عن الليل طوله، وعن السهر تعبه، وعن الشوق ناره، وعن الكتمان ضعفي، وعن الصبر نفاذ صبري، فمع كل واحدةٍ من ذلك قصتي،أما بعد.
أما عن الليل فقد طالت ساعاته، ودقائقه، وثوانيه، وما زاد وغطَّي أنّ تلك الليالي كانت في ليل الشتاء، بل الشتاء القارص اللعين الذي يشعرك وكأن اناملك قد تثلجت، ورغم أن ليالي الشتاء طويلة بطبيعة الحال إلا أن السهر فيها كان يزيدها طولا، ويملئها خوفا، بل يجعل فيَّ منها خوفا، ورغم ذلك لا يأتيني النوم، فماذا لو كنتِ هنا...؟، ربما لم يتركني السهر ولكن سيؤانسني الأنسُ بك معك، فأسهر في عينيكِ وأطيل السهر، وأعيد أول الليل، كلما أعلنت الشمس عن شروقها بتحريك عقارب الساعة نحو السادسة مساءًا، وأتخيل كأنَّ الليل عاد من جديد، وأناملي التي تثلجت، ستذوب من حرارة قربك، وارتفاع دقات ناقوس قلبي، كما سيذوب الشمع من حولنا دون أن ندرك ذلك، من طول الساعات التي ستمر دون أن نشعر بصوت عقارب الثواني في ساعة الحائط المُعلَقة فوق أريكتنا،فأما الليل لو تأتي - ليل الشتاء - يصبح كليل مايو أو يوليو بل أقصر من في ساعاته التي تمر على عجلٍ.
أما عن الشوق، فلا كلام كاتبٍ يعشق الكتابة، يستطيع وصف ناره، وأنا الذي بين أضلعي النار لا أستطيع وصف ما يفعل بي الشوق دونك، كأنَّ الناس من حولي، ومرور الأيام هي التي تحرق صدري و شوق قلبي إليك يشتعل، كما تشتعل النيران في الهشيم،ورفقتك هي الماء الباردة، المُلطِفة، التي تزيل ما حدث وكأنَّ شيئًا لم يكنْ، ولن يكون، إذا لم يكنْ لي من بعدك نصيب ثانيةً.
وأما عن الكتمان فضلوع صدري تحكي عنا، عني أولا، فكنت أكِنُّ كل سرٍ وددتُه قولا إليك وما وجدتكِ، وعنها ثانيةً، فقد تآكلتْ من كثرة عدم البوح لأحد دونك، وإنْ كنتُ أتحدث إليك من خلف جدران حجرتي، فهل كنتِ تَسمَعِيْنْ...؟ وهل لو كنتِ تسمعين، هل كنتِ ستُسْعِفِيْنْ مَنْ أضْعَفَه حملُ الكلام إليك حتى تأتي، فإذا أتيتِ... فسأحْكي عنكِ منكِ إليكِ، كأنَّ شيئًا لم يَكُنْ، بل كأنَّ شيئا لم يُكَنّ.
وعن الصبر، فلم أعد أفهم هل ما أنا فيه هو صبر، أم أنني صابرٌ فقط لأني لا أملك شيئًا لأفعله، فجلستُ هكذا مكتوفَ الأيدي، أنتظر لميعاد غير محدد، أرى أن الأيام عندما تمر تقرّبني منه، ولكن لا أعلم لتلك الميعاد تاريخًا، أو مناسبة، وعن نفسي في الموقف، أرى أن الإستسلام لأمرٍ، يصورنا وكأننا نصبر، ولكن الأمر لم يكن هكذا، وأننا حين لا نجد ولا نعرف ما نفعله في أمرٍ، نستسلم لما هو قد يأتي بعد ذلك، بحكم القدر - أولاً وآخرًا-ولا نلفظ بكلمة وربما يزدحم صدرنا بالفضفضة، ولكن نؤجلها حتى يأتي من كان له السر عن باقي البشر، وماذا إن لم يأتِ...؟ وماذا إن علمتُ أنه لم يأتِ...؟، فسيظل ما كان له له، ربما تأتي فرصة وأخبره بذلك كله.
أحمد الشحات (السَّنْدَرِيُّ)