يوميات متأمل - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

يوميات متأمل

حقيقة الزمن

  نشر في 28 فبراير 2018  وآخر تعديل بتاريخ 28 فبراير 2024 .

هل تساءلت يوما عن مفهوم الزمن ؟ هل تساءلت عن ماهيته ؟ هل تعتقد أن الزمن حقيقة مطلقة ؟

قد يكون المفهوم الذى يتبادر لذهنك عن الزمن ، هو مجموع ال ٢٤ ساعة التى تعرف بيوم الأرض ، ولكن أن ذلك المفهوم لم يلبث أن يتلاشى ويفقد قيمته ، حينما تدرك أن اليوم على كوكب زحل لا يتعدى ال ١٠ ساعات ، وأن اليوم على الأرض يختلف بالزيادة والنقصان عن باقى كواكب مجموعتنا الشمسية .

فى الحقيقة لم اعرف غموضا قد يحيط بشئ ، مثلما يحيط بالزمن وماهيته ..

ويبدو أنه لا وجود لحقيقة زمنية ، فالحكم نسبى ، وفرضية وجود زمن واحد للكون أصبحت فارغة المضمون ، عارية تماما من الصحة ، وذلك لاتساع الكون الشديد ، على أن الكون يتحرك ، وليس ساكنا كما ادعت النظريات القديمة .

ولكن لكى نحاول الاقتراب أكثر من مفهوم الزمن ، ومحاولة فهم ملابساته لا الإحاطة بها لأن ذلك درب من الخيال ، علينا أن نربط الزمان بالمكان ، فيوم الأرض يختلف عن يوم زحل نتيجة لبعد أو قرب كل منهما عن الشمس ، ومقدار حركة كل منهما فى ذلك المكان ، أضاف أينشتاين البعد الزمنى للمكان كبعد رابع اضافة الى الأبعاد المكانية الثلاثة : الطول والعرض والارتفاع ، وأوضح أنه لا يمكن فصل الزمان عن المكان ، فيما عرف بالزمكان ، فالفكرة الرئيسية لنظرية أينشتاين (النظرية النسبية) تكمن فى أن الحركة خلال المكان تؤثر على الزمن . وقد قام العلماء فى عام ١٩٧١ بتجربة عملية ، حيث أطلقوا صاروخا إلى الفضاء ووضعت فيه ساعة ذرية ، ونفس الساعة بنفس المواصفات كانت على الأرض ، وتمت مراقبة دقات عقارب الساعتين ، فكانت النتيجة هى تأخر دقات الساعة التى على متن الصاروخ عن مثيلتها فى الأرض ، بفارق وافق تماما قانون النسبية الذى وضعه أينشتاين ، وتأكد فعلا أن مقدارالحركة(السرعة) فى المكان يؤثر على الزمن ، فزيادة السرعة تعمل على ابطاء الزمن بفارق يمكن حسابه .

وأعتقد أن اثبات فكرة تباطؤ الزمن بما لا يدع مجالا للشك ، زاد من الأمور تعقيدا فيما يخص مفهوم الزمن ، وجعله أكثر ابهاما وغموضا ، فمثلا عندما تعرف أن ضوء الشمس يستغرق حوالى ٨ دقائق حتى يصل إلينا ، نتساءل هل ما نراه قبل مرور تلك الدقائق حقيقيا ؟ وهل يجعلنا ذلك نشك فى حقيقة الزمن ؟ هل زمننا زمنا وهميا ؟

فى الحقيقة لا نستطيع تفسير ذلك الغموض ، وكل ما نستطيع قوله أن الزمن يتباطأ نتيجة لانحراف الضوء أو انحنائه حول الأجسام بفعل الجاذبية ، وكلما كانت كتلة الجسم كبيرة ،كلما زادت جاذبيته ، مما يؤدى لانحناء الضوء حوله فيتباطأ الزمن ، وتلك الفكرة وضحها أينشتاين ، ودحض بذلك نظرية اسحاق نيوتن ، حيث قال نيوتن باستواء الكون ، وبذلك فإن الضوء يسير بطريقة مستقيمة ، وبالتالى فإن الكون سيكون له زمن واحد .. بينما أكد أينشتاين أن الكون غير مستوى ، وبأن كل خطوط الكون منحنية ، وبالطبع قدم أينشتاين قدم كل المعادلات وصاغ القوانين ، التى ثبتت صحتها بالدليل القاطع .

ثم بدأت المحاولات لاستغلال فكرة تباطؤ الزمن ، فتباطؤ الزمن يعنى أنك إذا حصلت على نسبة كبيرة من هذا التباطؤ فإنك قد تنتقل إلى المستقبل ، ولتوضيح الفكرة نرجع الى التجربة التى أجراها العلماء ، حينما أطلقوا صاروخا إلى الفضاء على متنه ساعة ذرية دقيقة جدا ، وبمقارنتها بساعة مطابقة لها تماما على الأرض ، حصل العلماء على نسبة تباطؤ زمنى للساعة التى على متن الصاروخ ، ولكن النسبة كانت ضئيلة ، فلو افترضنا أننا توصلنا لتقنيات معينة من شأنها أن تزيد نسبة التباطؤ إلى درجة كبيرة ، فسننتقل حتما إلى مرحلة زمنية أخرى وهى المستقبل ، بمعنى أنك ستسافر عبر الزمن ، وعلى الجانب الآخر أكد أينشتاين أنه لو تمكنا من السفر بسرعة تساوى سرعة الضوء لانتقلنا إلى الماضى .

وهنا بدأت الأبحاث ، وبدأ شغف لا ينتهى نحو فكرة السفر عبر الزمن ، وتصميم آلة لتحقيق ذلك .. مع العلم أن أينشتاين أكد من جانبه أنه لا يمكن الوصول لسرعة تساوى سرعة الضوء ، ولكن هذا لم يمنع العلماء من الشغف التام والفضول القاتل نحو تلك المسألة .

والسؤال الآن : هل السفر عبر الزمن شئ ممكن ؟؟

- الجواب : السفر عبر الزمن من الناحية النظرية شئ ممكن ، وحسب المعادلات فإنه يمكنك الانتقال إلى الماضى إذا تمكنت من السفر بسرعة تساوى سرعة الضوء ، بينما تستطيع الوصول لمحطة المستقبل إن تجاوزت تلك السرعة .. ولكن هل استطاع العلماء مع التقدم العلمى والتكنولوجى المتزايد يوما تلو الآخر السفر عبر الزمن ؟؟

والحقيقة ، لا لم يستطع أيا منهم منذ ولادة الفكرة ،وحتى يومنا هذا القيام بذلك ، ربما للسبب الذى أوضحه أينشتاين فى حياته ، حيث شكك من قدرة العلم فى امكانية السفر بسرعة تساوى سرعة الضوء ، لأنه فى حين الوصول لسرعة تساوى سرعة الضوء ستزيد كتلة الأجسام إلى كتلة لا متناهية ، وهذه الفرضية مستحيلة ، فليس هناك كتلة مطلقة ، ولكن شغف العلماء جعلهم مستمرين فى إجراء تجاربهم حتى اليوم ، متعللين أنه ربما مع التقدم العلمى المستمر ، ربما يتسنى لهم الوصول يوما لسرعة تساوى سرعة الضوء ، وربما قد يتجاوزونها .

على أن الفلاسفة كان لهم رأى يميل للمنطقية فى تلك التطلعات ، وطرحوا سؤالهم : إن كانت لديكم تلك التطلعات نحو السفر عبر الزمن ، متعللين بالتقدم التواصل والمستمر للعلم ، فلماذا لم يسافر إلينا أناس من المستقبل ، وهم بالتأكيد يمتلكون حضارة ومقومات علمية أعظم بكثير مما نمتلك نحن ؟؟

ولم يكتف الفلاسفة بذلك ، وإنما كان سؤالهم الآخر ، لو أمكنكم السفر إلى الماضى ، هل تستطيعون تغييره ؟؟ وضربوا مثالا أطلق عليه (مفارقة الجد) ، والمثال يقتضى أنه إذا سافر شخص إلى الماضى وقام بقتل جده فلن يكون لأبيه وجود ، إذا لن يكون بدوره هو الآخر له وجود ، وهذا ما يجعل فكرة السفر عبر الزمن فكرة سخيفة .. وهكذا توالت المفارقات بين الفلاسفة ورجال الدين من جهة والعلماء من جهة أخرى .


  • 1

   نشر في 28 فبراير 2018  وآخر تعديل بتاريخ 28 فبراير 2024 .

التعليقات

آلاء بوبلي منذ 6 سنة
يعطيك العافية الموضوع كتير حلوو وتعرفت على معلومات جديدة ما كنت بعرفها .. بالتوفيق
1

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا