منذ زمن ليس بالبعيد لم تكن هناك قنوات متخصصة ببرامج الطفل وشؤونه ، بل كانت بضع برامج أو أفلام كرتونية تعرض في فترات ضمن فقرات محدودة يوميا في القنوات الأرضية أو الفضائية .
و لم تكن تتجاوز رموز تلك الرسوم الكرتونية غرس خلق كريم أو ترسيخ قيمة أو تهذيب تربوي أو إشارة إلى علاقة اجتماعية جميلة في حبكة قصة هادفة ،
عدا ما كانت تؤصله لغة الحوار في دبلجة المشاهد المتنوعة من أدب الحوار مع الفئات المختلفة ،أضف إلى ذلك أنها كانت بلغة عربية رصينة ونطق واضح صحيح .
يخرج الطفل بمتابعة مسلسله المعتاد بتهذيب تربوي مباشر أو غير مباشر ، و ملكة فريدة في فقه كلمات اللغة العربية الصحيحة وطريقة النطق بها فصيحا .
والمتأمل للوضع الذي آلت إليه بعض الرسوم الكرتونية المتحركة المتكرر عرضها على فضائيات العرب المتخصصة في سرقة عقول أطفالنا وحشوها بالغثاء ،
يجدها محض سفه وغث مكثف .. عديمة الفائدة إن لم تكن تشكل خطراً كبيراً على عقائد وأخلاق وقيم أطفالنا ، وتسلبهم براءة طفولتهم ونقاء فطرتهم .
فلا طائل ناجع يرتجى من هدر عقل الطفل في مشاهدتها بل لا تكاد تجد في مجمل متابعتها مزعة فائدة . سوى مستوى عال من السخف يملأ فراغ أوقاتهم وأذهانهم ، يهدف بصورة أو بأخرى إلى تشويه أفكارهم ، أو دس لوث الأديان الكافرة في عقائدهم ، ناهيك عن مستوى القرف الفظيع المتجسد في امتراء شتى أنواع القاذورات وإتيانها دون تحفظ.
ثم اللغة السقيمة التي لا تخلو من ألفاظ بذيئة أو إشارات ورموز ذات دلالات عقدية فاسدة تتزامن بعضها مع سلوك منحرف أو شاذ أحيانا . ونحن مازلنا نزج بهم في هذا الوحل الأخلاقي الشنيع ليرضخوا لهذا الحقن الفكري الفاسد دون اكتراث بل وبعلم منا أن من يصدرون إلينا هذا السقم يمنعون عرضه تماماً لأطفالهم فهم من يعلمون فساد بضاعتهم ، إلا أنهم يثقون بعدم كسادها في إعلامنا المتحضر المقلد . جل همنا ألا نهدر أوقاتنا بمتابعتهم والقيام بشؤونهم والاهتمام بحاجاتهم المختلفة .
فطالما كان الطفل لصيق شاشته فلن يزعج أمه أو يبكي على أبيه أو يؤذي إخوته .
ونكون بذلك قد أهدرنا صفاء عقولهم ، ونقاء فطرتهم ، وبراءة طفولتهم . ترى بعد ذلك أي جيل سننتظر !!
الكاتبة : نورة يوسف
صحيفة بلاغ : http://www.ry20.com/63315.html
-
norah_yosefأنتَ ما تتطلع إليه ، كاتبة صحفية - ( على ذمة قلم )