مواقِع التواصل تقطعُ وشائج صلة الإنسان بالإنسان .
و خليفة الله في أرضه يحتضر ...
نشر في 07 فبراير 2019 .
كُرهي لمواقع التواصل فاق مداه يا صديقي ...
لستُ أدري لماذا لا أتعب من حبر قلقي في كل مرة من وجودي ككائن منخرط في أشهر مواقعها .
ربما لأن الإنسان يكتب عن أكثر الأشياء التي يُحبها أو آلمته بعمق .
مرة أخرى أعود لأخبرك أيها الحكيم أن انخراطي فيها آلمني بشدة ذات زمان من العمر مضى ، و لازال الألم باقيا و يمتد ، فتتعدد صوره و أشكاله بتعدد علاقتي بالإنسان .
يُشعرُني وجودي فيها بالبأسِ الشديد يا صديقي . لعدة أسباب و لاعتبارات شتى .
لأنها ببساطة تسرق مني أحبتي ، و تسرقني منهم أيضا ـ فتضيعُ اللحظاتُ ، و تنسل منَّا في غمرة اشتغالنا بها .
لازلت أتساءل لماذا أصبحنا مهووسين بالخيال ، و من ذا الذي صيَّرنا كائناتٍ بليدة ، تصبو إلى التواصل مع البعيد و حولها أناس قريبون كثر ممن يصبون إلى الوصال .
يا صديقي أنا أهذي الآن ... و لست أدري كيف السبيل إلى إقرائك خلجات فؤادي ،، أكاد أجن من فرط الحيرة و القلق .
غادرت لأن التفاصيل الصغيرة في ذلك العالم البئيس باتت تسبب لفؤادي ألما صامتا .
الرسائل الطويلة المفعمة بالإحساس التي يرد عليها الأصدقاء بكلمة أو كلمتين تطفؤ جذوته ،، التسجيلات الصوتية التي أبثها إحساسي بصدق فيصلني الإشعار بكونها سُمِعَت و طواها النسيان . أو يَرُدُّ عليها الصحب و الخلان في أحسن الأحوال بكلمات قليلة تطفؤ ببرودتها جذوة إحساسي مرة أخرى .
و تلك الكلمات و التسجيلات التي يصلني الإشعار بأنها وصلت فلا فكَّر أصحابُها في قراءتها و لا هم كلفوا أنفسهم عناء سماعها ، بل آثروا على العناء و الكلفة تركها معلقة في ذلك الركن ، حتى طواها النسيان مرة أخرى ....
و قائمة التجلياتِ تطول .
تلك الإشعارات و التفاصيل الصغيرة تقتل الحب من فؤاد الإنسان و تطفؤ جذوة حرارته على مهل .
و قد أطفأت من أعماقي الرغبة في ربط وشائج التواصل المقطوعة بيني و بين الإنسان .
أعترف و أقر بين يديك يا صديقي أن الإنسان أخمد بصنيعه جذوة الحب من فؤادي ، كما أخمَدتُ بصنيعي جذوة الحب من أفئدة الكثيرين .
أعترف أني آذيت الكثير من الأصدقاء الذين كانت المسافة تحول بيني و بين لقائهم ، فكانت تلك الوسائل اللعينة هي الرابط الذي حاولوا من خلاله وصلي ، لكني قطعت الرابط آنذاك لأني كنت متعبة ربما ، و لأنِّي كنت مشغولة ببلسمة جراحي ، و لملمة شتات روحي .
{لا أبرؤ نفسي } و لا أبرِّرُ فعلتي ، و لا أبحث عن مخرج يجعلها على قدر شناعة إذايتها للإنسان جائزة و مُستساغة .
آذيتهم، و ما أحسست بفضيحة فعلتي إلا عندما مسني ضرب من تلك الإذاية التي رميت بها الإنسان .
إن الله يمهل و لا يهمل يا صديقي .
دار الزمان ... و أحببتُ أناسا جرعوني من كأس القطيعة التي جرَّعتُ منها غيري على متن مواقع التواصل الاجتماعي ، و احتسيتُ من كأس المرارة قطرةً قطرة .
لا أشعرُ بالأسف لأجل فؤادي ، بل على العكس تماما أنا سعيدة لمرآهُ يألم و يتفجع .
و آسفة لكل الذين أفجعتهم ، و أسأل الله دائما أن يغفر زلاتي في حق عباده ، و أن يبدلهم عوضا عني صديقا يحب و يهتم و يُقدِّرُ و يُراعي رهف و رقة فؤاد الإنسان في حركاته و سكناته .
سأبتعد لأني أوذي الإنسان فيها و لأن الإنسان يؤذيني ...
إنني أريد أن أُريحَ العالم من اهتمامي ، و أريدُ أن أستريح .
أقلق قلقا شجيا و عميقا يُلازمني أنَّا حللت و ارتحلت . يُتعِبُني قلقي يا صديقي ، و هم و يا لأسَفِ فؤادي لا يُبالون .
يقتلني الجُمودُ أمام جموح الإحساس ، و أعلم أني أنا المخطئة و لا تثريب عليهم في أي شيء ... ما كان علي أن أقلق منذ البداية .
يلج الإنسان مواقع التواصل على سبيل المثال ،، و يصله إشعار رسالتي ، و يصلني الإشعار بكون تلك الرسالة قد وصلت ..
فمابالُ تلك الصديقة لا تجيب ؟ أتراها تكون بخير ؟ لقد مر من العمر يومان و لا مُجيب .. لكنها تلج الموقع في اليوم الواحد أربع مرات على الأقل ،، ما الذي يحدث إذن؟
أتسائل بسذاجة طفلة عن الجدوى ، و لا أفهم أن رسالتي قد وصلت و لا رغبة للإنسان في قراءتها إلا بعد ردح من الزمن غير يسير .
فيخمد قلقي أخيرا ، و أركب موجة اللامبالاة ، و أداري الأوجاع و أكتم سري ثم أمضي.
لكني أعودُ لأهدهد لنفسي في المساء و أقول لها : لا بأس ،، و أقاتل فظاعة الخراب الذي تبثه بين أفئدتنا هذه المواقع اللعينة بالحب و السلام .
لا خيار لدي يا صديقي ،، أنا مجبرة على التغاضي و مبادلة الإساءة بالحب و الإحسان مهما كان ذلك مرا لا يستسيغه وجداني .
مرات عديدة أكاد أضعف ... مرات أكاد أنجرف مع تيار "الأنا" الذي يجرف آلاف النفوس من حولي و يجرفني بنفسي أحيانا ، لكني أُقاوم ، و الله حسبي على ذلك الطريق ، نعم المولى و نعم النصير .
مواقع التواصل تقطع وشائج صلة الإنسان بأخيه ، و خليفة الله في أرضه يموت في اليوم الواحد ألف مرة ..
رِفقا بأحبتكم يا أصدقاء ، و لا تفِرّوا من الرد على الرسائل بحرارة تليق بمقام المحبين.
و اعتذروا بصدق إذا ما حالت الظروف القاهرة بينكم و بين إقراء التحية و السلام .
لا تسمحوا للإشعارات الصغيرة بقتل الحب الكبير ،، و لا تسمحوا لمواقع التواصل باغتيال كُلِّ جميلٍ في علاقة الإنسان بالإنسان .
-
حفصة"انتظرت الغد المشرق طويلا ... طال انتظاري ،و لم أفقد الأمل . فأقبل ذات يوم ك أجمل ما تكون إشراقة الصباح : صادحا بأعذب أنغام الحب ، و أنساني وجع انتظاري " حفصة . هنا أخط بعضا من فلسفتي في الحياة . مرحبا بكم جميعا ،طبتم و طابت أق ...
التعليقات
*** مواقع التواصل تقطع وشائج صلة الإنسان بأخيه. ( حقيقة .. فهى احيانا ... مواقع تقاطع وليس كما يقال تواصل ) ***
لكنك ايتها الكاتبة المتألقة ... حفصة قد وصفتى لنا الدواء بعد أن تفشى الداء .....
(رِفقا بأحبتكم يا أصدقاء ، و لا تفِرّوا من الرد على الرسائل بحرارة تليق بمقام المحبين.
و اعتذروا بصدق إذا ما حالت الظروف القاهرة بينكم و بين إقراء التحية و السلام .)
لكى منى اجمل تحية... واعز سلام ..