عندما يوصف الأدب بقلة الأدب - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

عندما يوصف الأدب بقلة الأدب

هبة عبد الحكم تكتب

  نشر في 26 ماي 2016 .

عندما يوصف الأدب .. بقلة الأدب

منذ كانت أوائل سنوات عمرنا الفكري والثقافي ، لجأ أكثرنا الي قراءة كلاسيكيات الأدب الشهيرة ، وكان أغلبها تلك التي عولجت معالجة درامية وتحولت الي افلام سينمائية و مسلسلات تليفزيونية ، فيفرض علينا قالباً ذهنيا معين يحدده المخرج و حاشيته حتي اعتادت اعيننا علي مشاهد الاغراء والقبلات و أعتادت حواسنا علي تصويرات الأدباء السابقين ، وربما يكون منا من أعاد قراءة أسطر المشاهد الحارة مرات ومرات ، ويتوقف عدد مرات الإعادة علي نسبة الهرمونات المتأرجحة في الشرايين ، لكننا ما كنا نشعر ابدا بالإسفاف و الإبتذال ، فمن منا لم يقرأ روائع إحسان عبد القدوس و بطلات رواياته المتحررات اللاتي سلكن كل طرق الانحراف والرذيلة ، بل و أحياناً ما كنا نتعاطف معهن في ظروفهن التي قادتهن إلي طريق السقوط ، و من منا لم يقرأ أسفار نجيب محفوظ التي تعرفنا فيها علي ملامح حياة الغانيات وكواليس الحانات وسيطرة القوادين وتفاصيل الليالي الحمراء وفساد رجال العلم والسلطة والدين ، ومن منا لم يهيم مع أشعار نزار قباني والمرايا والشراشف والنهود و السيقان والفاتنات العرايا ، و كذا إبداعات يوسف ادريس و يحيي حقي وغيرهم .

فهناك من يتسع وعائه " للإيروتيكية " أو أدب الجنس يقرأه و يستسيغه ، و يكون ذلك مقبولاً من القاريء العربي ، ولا يفاجئ القارئ بهذه النوعية لسببين رئيسيين ، أولهما : أن فطرتنا البشرية هي من تفرض وجود الجنس حين يتوافر رجل و أمرأة ، فإذا كان بالقصة أو الرواية إمرأه غير محرمة علي البطل تظهر هنا بوضوح احتمالية وجود الجنس ، أما السبب الثاني : فهو الموضوعية في استخدام الجنس والوصف العاطفي في حال يحتمل المضمون ذلك ، وحين يكون المشروع الإبداعي أدب حقيقي يحتاج فقط لبعض ( الإكسسوار ) ما تقتضيه الحبكة والتصويرات الأدبية ، حينها يكون حكم القارئ لصالح الكاتب تماماً ، فيستسيغ ذلك في إطار خيال الكاتب و أدواته ، ويقبلها في إطار أدبي مزين بالشاعرية والرومانسية ، بل و ربما يبرر للكاتب ضعف الحيلة في وصف مشهد عاطفي دون تلميحات جنسية .

لكن هذا القارئ أيضا لا يغفر للكاتب أبدا كسر التابوهات بلا مبرر فيبسط نفوذه بالحكم علي ذاك الأدب بوصفه ( قلة أدب ) ، خاصة حين يكون البوح بصورة جريئة واضحة بها تمرد علي التقاليد قد تصل لذكر الأعضاء والأفعال الجنسية بلغة شعبية دارجة ، فيتحول حينها الأدب من أدب جنسي إلي أدب إباحي وشتان ما بين الإثنين ، ففي الأخير يتناول الجنس بصورة مبالغ فيها بلا قيود ولا حدود بتوسع لا مبرر له ولا طائل من وراءه سوي الشهرة والتجارة ويصنف وقتها الأدب تحت مسمي أدب ( السبوبة ) ، أدب يخاطب به الكاتب جسد القارئ لا عقله مما يقلل من جودة عمله الإبداعي رغم احتمالية تحقيقه مبيعات أعلي لكنه سيظل في تاريخ كاتبه أدب أسود بلا معطيات ابداعية ، حتي و ان حاول تغليف عمله بمسمي أدب الواقع الذي يتناول مشكلات المجتمع من حوله ، فيخترق المحرمات للتعبير عن مشكلات الانسان الطبيعية التي يعد الجنس أهمها ، لكنه في حقيقة الامر يجني ثمار فقره اللغوي والإبداعي ، حين يلجأ إلي ارخص السلع لبيعها ، وهنا يضمن لنفسه فقط القارئ المراهق المعقد نفسياً المكبوت جنسياً ، فلا مجال لأدبه الضعيف الذي لا يفرق كثيرا عن المتاجرة بالجنس بيعاً وشراء ، وحينها ينتج لوناً من الأدب يمكن تسميته ( أدب الأبواب المغلقة ) .


  • 10

   نشر في 26 ماي 2016 .

التعليقات

يعني ايه كسر التابوهات بلا مبرر من له الحق في التبرير من عدمه
واذاكان القصد "الالفاظ الشعبية الدارجة" ان طبقة تتحدث بها فلما العيب علي الكاتب وليس العيب علي الاصل !!
كنت اعتقد من العنوان انه تحرير من سلطوية النخبوية ولكن نفسها سلطة ان نختار لك ان تقرا ذلك ونرفضلك هذا وذلك الكاتب سيكون تاريخه اسود وهذا سيكون في ركب العظام
0

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا