القَدَر
هَل الأقدار تتغيّر ..؟
نشر في 06 فبراير 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
{ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ }
كَيْف سيَستجيب ؟
وإن كَان كُل شَيء مُقدَّر ومكتوب فما فائدة الدُّعاء ؟
لَوْلَا التساؤُلات لمَا وُجِدت الإجابات ..
وقَد تبادر في ذهني سابقًا هذا التساؤُل
ولا أُنكِر أنّني كُنت أتجاهله مراراً خَوْفًا مِن أن أقع في الشّبهات ..
وبَعد حين ..
شاء الله أن أجِد الإجابة الشافية
وجدتها في السُّنَّة النّبويّة المُكمّلة لكتاب الله :
(( لا يرد القدر إلا الدعاء )).
شاء ربّي أن أجد هذا الحديث دون تخطيط منّي
ولكن كُل شي من جانبه كان مُدبّر ..
ليَطمئن قلبي، ويزداد تمسُّكي به، ولِأحرص على تحسين علاقتي معه أكثر ..
( الدعاء )
قد تربّي ابنائك أفضل تربية
لتجد كُل عملك ينهار عند أوّل محك
وربّما الثاني، أو الثالث ..
فكلّنا يعرف أن الإنسان لا يكتسب قِيَمه من الأسرة فقط
بل هناك : المدرسة، الأصدقاء، الإعلام والوسائل الحديثة من برامج وغيرها ..
مهما حرصت، ونبّهت، وألقيت المُحاضرات ..
فهذه كلّها أسباب لا تضاهي دعوة صادقة تدعوها لهم وتستجاب، فتحفظهم وتحميهم من شر أنفسهم والآخَرين ..
حتى عندما يتعلّق الأمر بك أنت !
اعلم أن كُل قدر تخشاه سيدفعه الله بدعائك، وإن كان مكتوبًا عليْك.
وكل ما تتمنّاه سيَسُوقه الله لَك بدعائك، وإن لم يكُن مكتوبًا لك ..
فكما أن هُناك قَدر نخضع له،
هُناك مشيئة تتحكّم بهذا القدر ..
وصاحب هذه المشيئة يُريد منّا أن ندعوه :
{ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ }
إذا كان الأمر كذلك ..!
فلِمَاذا بعض الدعاء لا يُستجاب !؟
إن لهذا الأمر عِدة أسباب
لكن دعني أذكر لك أهمّها :
وهُو أن الله بعلمه وحكمته يرى بأن رغبتك إن حقّقها لك ستضرك أو ستضر بها أناس آخَرين فيمنعك منها
وإن عَلِم أن تغيير قَدَرك لَن يكون خَيراً لك
فإنّه لَن يُغيّره مَا لَم يتغيّر ما بِداخلك أوّلًا ..
{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}
وهذا ليس منعاً من الله
الكرة لا تزال بملعبك والمطلوب منك هُو تغيير من نوع خاص ..
نوع يجعل قلبك مليء بالحب والسّلام والخير لنفسك وللآخرين ..
{إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا}
لابُد من وجود الخَيْر في قلبك لنفسك وللنّاس كافّة ..
أن تنظر لما عندك بنظرة رضا واستمتاع
أن تدرك أن الحياة رحلة جميلة ولطيفة والأرزاق فيها مقسّمة والزّيادة تكون من عند الله وليست في أن تنظر لما عند الناس وتتمنّاه لنفسك ..!
بعد ذلك يبدأ استحقاقك لتنال الخَيْر من الله ..
هذا أوّلًا.
أمَّا ثانيًا :
( الظّن )
مشاعرك وظنونك وأنت تدعوا ..
وفي ذلك نتذكّر الحديث القدسي :
( أنا عِند ظَن عَبْدِي بِيْ .. )
لذا فإن الظّن سلاح ذو حدَّيْن ..
فإنك حتى إن توفّر لديْك الشّرط الأوّل !!
وكان ظنّك بالله فيه شَك
فإنّ هذا يُضعف استحقاقك لفَضل الله ..
{الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ ۚ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ}
ولا أجد طريقة تقوّي بها ظنّك بالله أفضل مِن أن تتعرَّف عليه (بنفسك)
تتعرف عليه من خلال آياته وأحكامه ورحمته وعدله وقُدرته وتيسيره وبديع خلقه ..
واستشعار نعمته وفضله عليك في كُل تحسُّن يحدث لحياتك ..
ولِلْمَوْضوع أبعاد أخرى عِلمُها عند الله ..
أنا هُنا لا أُعقّد المَوضُوع
بَل أنّي أسعى لِأن تكُون المسألة واضحة،
خصوصاً لأُولَئك الّذين يدعون ربّهم ولا يرون لدعائهم نتيجة ..
( أخيراً ) :
الزم الدعاء وكأنّك لا ترى حلًا غيْره
فكُل علمك وقدراتك لا تضاهي بركة دعوة مُستجابة تدعوها فيشاء الله أن تتغيّر بها أقدارك، وأقدار من تحب ..
وهُناك فرق كبير بين أن يتولّى الله أمرك ..
وأن يُوكلك إلى نفسك وتحارب وتصارع في هذه الحياة وبالنهاية :
لا يأتيك إلا ما كتبه الله لك.
-
صالح الطويّانمُدَرِّب وكاتِب | الحَيَاة الطَّيِّبَة، هِي مَا أُرِيدهَا لِنَفْسِي، ولِلْعَالَمِين ..⚘