قطبية أم كلية؟
"استسلم لكل شيء ، تسلمه بقلب يعرف كيف يمكنه أن يقدر التجارب كلها "
نشر في 20 أبريل 2020 .
ما رأيك بمناصرة القضايا؟ مقاومة الحكومات بالثورات؟ محاربة السرطان بالغناء ضده ؟ مواساة الفاقدين أهلهم خلال الحرب بلعن الحرب أو دفعهم للإيمان بالقضية/ الدين ؟
الشر و الخير ؟ الشيطان و الملاك؟ الايمان و الكفر ؟ الثواب و العقاب؟ النجاح و الفشل؟ الحياة و الموت ؟
القطبية... طامة العالم، طامة الإنسانية، و طامة العقل البشري ، و حارمة السمو الروحاني ..
القطبية ... كل سؤال جوابه إحدى أحدهما ، سؤال جوابه نعم أم لا، سلب أم إيجاب.
" لا تكن فاشلاً ، كن ناجحاً" ، " لا تعش مريضاً ، عش صحيحاً " ، " لا تكفر، كن مؤمناً "، لائحة من النواهي و المرغبات ، هل برأيك هذا هو المطلوب ؟ هل تظن أنك باتباع هذه القائمة ستحصل على نعيم ؟!
ماذا عن الكلية ؟
أنا هي أنا ،و ولدت هنا لأجرب القطبين ..!
إذا كانت التجربة بنوعيها متوفرة فهل يعني ذلك إباحتها إن كانت شراً و إلزاميتها إن كانت خيراً؟
هناك شيء خاطئ واقع من فهم الناس عن الحياة ككل ، ثم يتحدثون عن الصراع؟!
إن كنت طرفاً شريراً أو طيباً فأنت سبب الصراع ، لأن الصراع قطبية .
يقول نجيب محفوظ:
الخير لا ينهزم و الشر لا ينتصر و لكننا لا نشهد من الزمان إلا اللحظة العابرة، و العجز و الموت يحولان بينن و بين رؤية الحقيقة.
جملة مكثفة بكل ما يمكنك أن تستخلصه من هذه الحياة، و في الحقيقة أن هناك من المحظوظين من رأوا ما يحول بينهم و بين الحقيقة ، أولئك الذين يتحدون مع الكلية التامة فيتناغمون ، لا يوجد شر هنا فلا حاجة للخير ، لا يوجد خير هنا فلا حاجة للشر.
تعالوا نتعامل مع الشر و الخير كالسالب و الموجب ، متى تسكن الذرة ؟ عندما يحدث تكافؤ في مداراتها فلا تصبح ذات شحنة بل تصبح "متعادلة".
و قد اهتمت الديانات بهذا الموضوع ، فيظهر في المسيحية بالمسيح الذي دفع عنا آثامنا بالصلب ، و يظهر في الإسلام في الشرع المختص بالأحكام بمعاقبة المذنب بطريقة معينة و تقديم خير موازن له ، يظهر بالديانات الهندوسية بفكرة الكارما و اعادة الولادة و تذوق نفس الإناء الذي أذاقه للآخرين .. كان شراً أو خيراً...
هل علمت لماذا أنت طيب/ة جداً و تفعلين الخير الكثير و لكن حياتك كلها مزدحمة بالمصائب و الأحزان و الأكدار ؟ هل علمت لماذا هو فاجر و لكن حياته رائعة للغاية و مريحة ؟ و بالطبع ليس هذا هو الحال و لكني أطرح النمط الشائع معرفته بين الناس و يدور حديثهم حوله ، فهناك أنماط أخرى فاجرة متقلبة بين النعمة و النقمة و هناك كذلك أنماط طيبة متقلبة... يوجد الكثير من الأنماط.. و أيضاً بالمناسبة يوجد الطيب المبارك له لكن الناس " الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً "، يجب أن نوازن شحنتك ستفعل الحياة كذلك إن لم تفهم ، لا يجب |ان تكون موجباً أو سالباً .. كن متعادلاً... أولئك المتعادلون المباركون .
كل هذه الجلبة .. كل هذه الديانات.. ليصل العالم لهذه الحالة "التعادل"، و أغفل الكثيرون ذلك و ظنوا أن معنى السلام في الخير و المحبة و غيرها من الأشياء، و ليست تلك الحقيقة ، إن السلام عندما يحل فإن أول ما يعدمه يكون الخير ..
الحب حقيقي في السلام و لكنه ليس بذلك الحب الذي نستخدم له هذه المفردة - أعني مفردة الحب - و لكنه حالة لانهائية متزنة ساكنة كتنفس منتظم في رئة الكون و متوسعة ، إنها النور و لكن ليس بالنور الذي نستخدم له هذه المفردة ، ستشربه روحك و تمتلئ.
أوقات طيبة و عام ممتلئ بالكثير ، أرجو أن يصنع كلاً منا وعيه الخاص و يستسقي معارفه و مشاعره من قلبه و عقله و روحه و لا يبحث عن الانتماء لغير ذاته الفريدة ، ابحثوا عن "التلاقي "، "الاجتماع" و "المشاركة" و لكن انتموا لأنفسكم فبذلك تتصلون مع روحكم العليا و تعرفون الكثير.. الكثير من الجمال و القدرة.
-
آيــآشخصٌ يحتضن ذاته برفق ~ مهتمة بالفنون ككل و بالكتابة.