يوميات متأمل - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

يوميات متأمل

المستقبل الغامض

  نشر في 02 مارس 2018  وآخر تعديل بتاريخ 28 فبراير 2024 .

يبدو أن وتيرة الأحداث تزداد سخونة ، ولعل آخرها هو فوز المرشح الجمهورى دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ، ذلك الحدث الذى هز كل الأرجاء السياسية العالمية ، فضلا عن الأجواء الأمريكية ، التى شابها القلق والتوتر ، حيث قامت بعض المظاهرات فى بعض الولايات لتنادى بعدم الاعتراف بترامب رئيسا ، وأن هذا من شأنه أن يؤدى بالبلاد إلى عواقب وخيمة على كل الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها.

ومن الجدير بالذكر أن فوز ترامب جاء بعد تنافس قد اشتد وطيسه ، وصولات وجولات مع هنرى كلينتون ، والتى كانت توقعات الفوز تصب فى جانبها ، حتى أن الرئيس السابق أوباما صرح بدعمه لها ، وأعلن من جانبه بأنه فى حال فوز ترامب ستمر البلاد بكارثة حقيقية .

ولكن السؤال الذى يطرح نفسه ما هو سبب كل هذا القلق المتزايد بشأن فوز ترامب ؟ وهل هذا القلق يأتى على مستوى المؤسسات السياسية أم فقط على المستوى الشعبى؟

وفى الحقيقة هذا القلق قد نلمسه من الطرفين ، فعلى المستوى المؤسساتى ، يرى أصحابه أن ترامب غير مؤهل لشغل أى منصب إدارى ،فضلا عن منصب الرئاسة ، فترامب ذلك الشخص الذى يفتقر للخبرة السياسية ، وحنكة الإدارة ، فهو الملياردير الأمريكى ، الذى تعرض للإفلاس ٤ مرات ، ولكنه إستطاع أن يعود ، وهو ذلك العنصرى ، الذى قد يؤدى تهوره إلى نتائج كارثية ، وهو ذلك الذى سيؤدى إلى انعزال الولايات المتحدة بعد أن كان لها الدور الرائد ،وهذا بسبب سياسته الانعزالية ، فهو أعلن أنه سيهتم بالشأن الداخلى الأمريكى ، ووجه انتقادات شديدة لجورج بوش بسبب حربه فى العراق ،التى كدبت أمريكا الخسائر ، وسياسة أوباما ، حيث يزعم أنه السبب الرئيسى وراء ظهور داعش .

ولا يتسنى لنا ونحن فى صدد الإجابة عن السؤال المطروح ، أن نستعرض بعض التصريحات التى أدلى بها ترامب ، والتى كانت سببا فى كثير من الانتقادات التى وجهت له ، فقد صرح ترامب بأنه سيخلى أمريكا من المهاجرين ، وبأنه سيبنى جدارا بين أمريكا والمكسيك ، ووصفهم بأنهم لصوص ، كما أدلى بأنه سيطرد المسلمين من أمريكا ، لأنه لم يعد يحتمل وجودهم بالبلاد، ولم تعد تحتمل أمريكا شرورهم ، فهم منبع الإرهاب وأصله ، وخاصة فى سوريا ، على أنه وفى وسط تصريحاته أعلن صراحة أن دول الخليج العربى لم تمثل سوى مجموعة من آبار البترول ، وأنها عليها أن تدفع لو أنها تريد الحماية من الولايات المتحدة ، أما عن حلف الأطلسى (الناتو) فيرى ترامب أنه لم تعد أمريكا بحاجة للحلف ، وقد حان الوقت لتتحمل أوروبا وحدها مسئولية حماية نفسها ، ويكفى أمريكا الاهتمام بشأنها الداخلى .

وعلى ذلك نفهم لما ترفض أغلبية الأوساط المؤسسية ترامب، على أن بعضا منها ساندته ، أما على المستوى الشعبى فنرى انقساما واضحا ، ولعلنا نعرف عدد المهاجرين لأمريكا من أصول مختلفة ، الذين بالطبع يخشون على مستقبلهم فى عصر ترامب ، وكذلك المسلمين الذى أصبحوا فى نظر ترامب مجموعة من الإرهابيين يجب طردهم ، كذلك بعض المواطنين يخشون على المستوى الاقتصادى للولايات المتحدة من جراء سياسات ترامب التى حكموا عليها مسبقا بالفشل .

على أن الجانب الآخر يرى فى ترامب العنصر الإيجابى ، الذى يخاطب شعبه بكل بساطة ، وبكل صراحة ، الذى يسعى للاهتمام بالشأن الداخلى ، بدلا من التطرق لسياسات جرت الولايات المتحدة لحروب لا طائل منها ، غير أنها كبدتها الخسائر فى الأموال والأرواح ، وولدت الأحقاد والضغائن ضد أمريكا .

ويبقى فى الصورة حالة الترقب الحذر من الشرق الأوسط ، الذى أصبح وضعه غامضا فى اللعبة ، بل على العكس أصبحت بعض دوله كما وصفها ترامب بالبقرة التى سيذبحها متى جف حليبها .

وبنفس الترقب تنتظر أوروبا السياسة الجديدة للولايات المتحدة ، وأشكال التعاون فيما بينهما .

فى الواقع يعيش العالم فى هذه الأونة فى حالة من التدهور الاقتصادى تتباين وتيرته من مكان للآخر ، ولعل تلك الظاهرة باتت جلية فى الولايات المتحدة الأمريكية فى السنوات الأخيرة ، وكان لابد من سبيل للخروج من عنق الزجاجة التى كادت تخنق الأجواء داخل أمريكا وخاصة بعد الخسائر التى تكبدتها بعد الحرب فى أفغانستان وفى العراق ، وأصبحت لديها قناعة أنها غير مستعدة لأية حروب أخرى .

ولكن كان الأمر المقلق بالنسبة للأمريكان ، هو ذلك النمو المتصاعد للصين ، والتى أصبحت الآن بالفعل عملاقا فى السوق العالمية ،حتى أصبحت منتجاته تغزو السوق الأمريكى نفسه ، بل وأصبحت دائنا للولايات المتحدة ، على أن أمرا آخر كان خطيرا بما يكفى ليثير حفيظة الأمريكان ، ففى الوقت الذى اضطرت فيه أمريكا لتقليل ميزانية الجيش فى عهد أوباما ، ترفع روسيا من الميزانية المخصصة للجيش بشكل ملحوظ ، وكان لابد من إعداد خطة مستقبلية من شأنها أن تخفف من وطأة تراجع الاقتصاد الأمريكى عن طريق توفير موارد جديدة تستخدم فى سد العجز الواضح .

وبالطبع لم ترى أمريكا ضالتها إلا فى الشرق الأوسط ، فبدأت تسعى حثيثا لبناء شرق أوسط جديد ، يخدم مصالحها بالطريقة التى تناسبها ، ومن هنا جاءت فكرة ثورات الربيع العربى ، حيث كان الهدف المعلن هو تطهير الشعوب العربية من الأنظمة الاستبدادية ، أما الهدف الأساسى هو تدمير البنية التحتية والاستيراتيجية ونظام الإدارة والمؤسسات ، وبمعنى أوضح نشر الفوضى فى تلك الدول ، مما يسهل فى إيجاد عملاء لها فيما بعد للتجسس على أسرارها العسكرية والتعرف على نظم الدفاع الصاروخية وغيرها من الأسرار العسكرية ، وبعد هذا يتسنى وبكل سهولة أن تغزو تلك الدول المفككة ، وبأن تغتضب ثرواتها ،مما يساعدها فى إعادة بناء أمريكا القوية التى تستطيع التصدى للعملاقين الروسى والصينى فى أى وقت .. ولكن هل نجحت أمريكا فى إرساء خطة الشرق الأوسط الجديد ؟؟ وهل هذا سيحدث دون تحرك من الدب الروسى؟؟

يجب ألا نغفل حقيقة وجود تضارب فى المصالح بين الكتل السياسية العالمية ، هذا التضارب ظهرت حدته بشدة فى الآونة الأخيرة ، وبخاصة بعد مسلسل الثورات العربية ، ولكن الحلقة الأهم فى هذه الثورات هى سوريا ، والتى فجرت الأزمة بشكل واضح ، وأصبح الصراع بين الأقطاب صراع من أجل البقاء ، وهذا ما سيؤدى فى الغالب إلى نشوب حرب عالمية .

ولكن ماهى تلك الأقطاب المتصارعة ؟؟ وعلام تتصارع ؟؟ وما الذى يجعل سوريا تحديدا مهدا ومرتعا خصبا لتلك الصراعات؟؟

وبداية يجب أن نتفق أن الصراع يتلخص فى بسط النفوذ على الشرق الأوسط ، حيث يمثل مطمعا حقيقيا للأطراف المتناحرة ، فها هى تركيا ،ترى فى الشرق الأوسط حلما لاستعادة قوتها بعد سقوط الدولة العثمانية ، وتكوين خلافة إسلامية جديدة على غرار سابقتها العثمانية ، وهنا تجدر الإشارة إلى أنه بعد انهيار الخلافة العثمانية ، عمدت أمريكا والدول الغربية إلى تقليص دور الأتراك ، والحد من قوتهم ، عن طريق تهجير المسلمين فى الدول المجاورة لتركيا والتى كانت تنتمى فيما قبل للخلافة العثمانية ، وتكوين دويلات صغيرة تنتمى للمسيحية ، وبالطبع أصبحت تلك الدويلات حليفا للولايات المتحدة ، وبذلك ضيق الأمريكان الخناق على تركيا ، ولذلك هى تأمل أن تفتح البوابة السورية لبسط نفوذها على الشرق الأوسط وتكوين الخلافة .

وبالطبع إيران لن تقبل بذلك ، فهى الأخرى لديها نفس المطامع فى منطقة الشرق الأوسط ، وقد نجحت ولو جزئيا فى إدراج العراق ضمن خطتها ، وكذلك فى اليمن بمساعدة جماعة الحوثيين، وتطمح لذلك فى سوريا ، على أن مساعيها فى مصر والبحرين باءت بالفشل .

ولكن أمريكا ستتصدى لأى محاولة من جانب إيران ، أو تركيا فى بسط النفوذ على الشرق الأوسط . ونحن نعلم أن أمريكا لن ترفع يدها عن الشرق الاوسط ، حيث ترى فيه حلا لمشاكلها الإقتصادية ، وحتى ترفع من إمكانياتها العسكرية والتى بها تستطيع التحدى للخطرين الروسى والصينى .

وأما عن الجانب الروسى ، فلن يسمح بدوره أن تؤسس أمريكا لنفسها قاعدة فى الشرق الأوسط ، كما أن إيران حليف قوى لروسيا ، ولن يعطى الروس الفرصة للأمريكان للتصادم مع إيران .

أما عن دول أوروبا والتى تدخل مع أمريكا فى حلف الناتو ، فهى بالطبع ستعزز من موقف أمريكا ، لكى تساعدها فى التصدى للخطرين الروسى والصينى .

وفى الأخير فالصراعات العالمية تتزايد وتيرتها ، وهذا ينبئ بحرب عالمية ثالثة وشيكة ، قد تستخدم فيها الأسلحة النووية ، مما يخلف دمارا شاملا وواسع النطاق ، وكل الخبراء يؤكدون على مواجهة محتملة بين المارينز الأمريكى والدب الروسى .


  • 2

   نشر في 02 مارس 2018  وآخر تعديل بتاريخ 28 فبراير 2024 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا