ابحث في اغراضي فاجد بطاقة ، بطاقة خضراء اللون ، امسكها ، اقرا اسمي ، لقبي وعنواني القديم مكتوب على صفحتها ، امضي في تقليبها تقع عيني على اسم وطن مكتوب بالخط عريض ، مكتوب انني انتمي اليه . .وطن لم اعرفه ، عجبت كيف انني لم اعرفه.
أيعقل انه نفس الوطن الذي اعيش فيه ..انتابتني الحيرة كيف انني اذكر لحظة حصولي عليها و اذكر ذاك الموظف الهزيل صاحب النظارة السميكة في حين انني لا اتذكر ذاك الوطن المكتوب بالخط العريض.
الاسم مألوف قد سمعته من قبل ، سمعته منذ كنت صغيرا ،سمعته مرارا و تكرارا ، الان تذكرت ،في حصة التاريخ ذكرو لنا ذلك الاسم ، لكنه كان لوطن عريق، ارضه شاسعة ، سماءه صافية ، شعبه طيب ،رجاله احرار قيل لي آنذاك انك من احفاد أولئك الرجال فأحببت وطني اول مرة من صفحات التاريخ و تعلق قلبي الصغير به .
بعدها بحثت عن ذاك الوطن ، بحثت عنه في شوارع المدن ، بين دكاكين الاسواق ، على نواصي الطرق ، فوق كراسي ،مع اصوات منبهات سيارات ، حين ارتشف القهوة في المنزل لكن لم اجد ما ابحث عنه .
لم اجد سوى اسم ينطق من افواه قذرة و في مناسبات قذرة ، اسم كرهته كلما خرج من افواههم ، يا ليتهم صمتوا او أصيبوا بالخرص .
أيعقل ان وطني هو نفس الوطن الذي يخرج من افواههم ، لا وطني ارضه شاسعة و هذا الوطن الذي يتحدثون عنه ارضه ضاقت على ساكنيها حتي هاجر الناس منه . وطني سماءه صافية اما هذا الوطن فسماءه ملبدة بالغيوم، ليس فيه سوى الظلام ،لم تعد قادرا فيه علي الرؤية ، وطني شعبه طيب هذا شعبه اسودت قلوبه من كثرة ما ظلم ، شعب علموه ان الطيبة ضعف فقرر ان لا يكون ضعيفا . وطني رجاله احرار و هذا الذي يتكلمون عنه رجاله كلهم مستعبدين .
لكم وطنكم ولي وطني حتي وان اخذتم اسم و علم وطني فلا يعني انهما نفس الوطن .
الاسم عندكم مجرد كلمة تطبعونها على الورق وصوت ترددونه في الاعلام من اجل اغراضكم القذرة ، لم تعلموا ان اسم وطني يعكس روحا ، روحا تهب كنسمات دافئة تحضن من حولها ، تحن عليهم ، تحتويهم ، تهب لهم الحب و الامان و علم وطني ليس قطعة من قماش تزينون بها شوارعكم بل هو علم يتضمن الوانا تعكس قيما وتاريخا سطر عليها .
لكن ما ادراكم انتم بكل هذا انتم مجرد مرتزقة لا تاريخ لكم و لا وطن ، سلبتم وطني كل شيء ..فعذرا يا وطني سأجدك يوما .واسترجع ما سلب منك. فقد اخترتك يا وطني.
وطن بحثت عنه كثيرا منذ ان احببته صغيرا ..وطن اخترته قبل ان اراه .