العاشق
لا أحد يعرف حكاية الرجل العملاق، الغريب، الذي حل بقريتهم البحرية الصغيرة، عندما يأوي الجميع إلى مراقدهم ودفئهم يبقى هو هناك على الشاطئ يتعقب النوارس. أصبح مادة ملهمة لمخيلة أهل القرية، نسجوا حوله حكايات وأساطير، منها ما جعلت منه مجرما سفاحا ، هاربا من وجه العدالة، ومنها ما جعلت منه غنيا مترفا زهد في الدنيا وما فيها، ومنها من رأت فيه وليا صالحا عالما بالغيب ويشفي من جميع الأمراض،. لم يعرف أحد سره،. حتى رجال السلطة ذهبوا بعيدا، وضعوا عنه تقارير مفصلة، عن تحركاته، ذهبت بعضها إلى اعتباره معارضا سياسيا خطيرا يندس بين الناس، وأخرى رجحت أن يكون جاسوسا أجنبيا متنكرا، يدرس طباع الناس... بعد فترة استطاع العملاق الغريب أن يدخل جميع بيوت القرية، استطاعت النسوة أن يستعملنه لقضاء كثير من أغراضهن، سخّرنه لجلب الماء من القرى البعيدة وتوزيعه على البيوت مقابل كسرة خبز وقليل من المرق و بعض الابتسامات المسروقة... حتى هو نفسه لم يستطع أن يصبر على حاله... في غفلة من الزمن صارحهن : " الرابح من المرا والخاسر من المرا، عندي مرا تتقول للزين بان ولا نبان، عندها عشرين عام في عمرها ... هذي خمسين عام ما شفتها... وباقية عندها عشرين عام في عمرها.. شفتو ، كون ما كان هذا العمر اللي فات وصحتي اللي افنات ، كون راني قطعت هذا البحر ومشيت لعندها..."
لم يكن الرجل العملاق الغريب سوى عاشق تليد بهدله الحب الغدار.