الجزائر تعود إلى معسكر الشرق المتجدد - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الجزائر تعود إلى معسكر الشرق المتجدد

  نشر في 16 يوليوز 2023  وآخر تعديل بتاريخ 17 يوليوز 2023 .

مواصلة لمسعى تعزيز العلاقات الاستراتيجية المبنية على الثقة والمصالح المتبادلة مع حلفاء تقليديين، يشرع رئيس الجمهورية الجزائري عبد المجيد تبون في زيارة دولة إلى الصين، بداية من الاثنين 17 جويلية/ يوليو/ تموز الجاري.

ومنذ انتخابه رئيسا للجمهورية، قبل نهاية العام 2019، يبدي عبد المجيد تبون رفضا لمعاملة الجزائر كمستعمرة سابقة تبقى خاضعة لهيمنة فرنسا.

وفيما كانت الجزائر قد استأنفت، قبلها، جهودها للتخلص من هيمنة فرنسا تدريجيا، في مقابل رهانها على الصين، بعقد "اتفاق شراكة استراتيجية شاملة" معها سنة 2014، والانضمام إلى مبادرتها "الحزام والطريق" سنة 2018، جاءت متغيرات ظروف دولية وإقليمية لتخدم الجزائر في بلورة هذا التوجه أكثر من ذي قبل.

** الخروج من التبعية والهيمنة

وفرضت حرب أوكرانيا أزمة طاقة واقتصاد في أوروبا والعالم، فيما شرعت الجزائر في انتهاج سياسية المفاضلة في مراجعة صفقات توريد الغاز الجزائري لصالح دول معينة، وأيضا في منح مشاريع استثمار ضخمة إضافية للصين في قطاعات إستراتيجية، على حساب فرنسا.

ولما تأكدت مسألة عودة نفوذ روسيا والصين دوليا وإقليميا، وتوجههما لفرض نظام دولي جديد متعدد الأقطاب، فصلت الجزائر في خيار اصطفافها إلى جانبهما، وكان ذلك بمثابة قرار حتمي فرضته المرحلة وضرورة مواجهة هيمنة القطب الواحد.

ومنذ الأونة الأخيرة، يحرص الرئيس تبون، في تصريحاته وخطاباته، على تمرير هذه الرسالة إلى دول معادية كفرنسا ودول حليفة كالصين وروسيا.

** شراكة المصالح المتبادلة

واستأنفت الجزائر سياسة تقوم على مبدأ  بناء تحالفات وشراكات ثقة، وتعاون دولي يراعي إحترام السيادة والمصالح المشتركة للدول. وتحتكم الصين إلى هذا المبدأ في تطوير العلاقات المبنية على الثقة والاحترام والدعم المتبادل على قدم المساواة مع الجزائر.

وخلافا لفرنسا والولايات المتحدة ودول أوروبية، لا ترفض الصين القاعدة الاستثمارية (49 في المائة للمستثمرين الأجانب و51 في المائة للدولة الجزائرية) في إقامة مشاريع شراكة بالجزائر، وهي بذلك تقدم مساهمتها الفعالة والإيجابية في تحقيق تنمية وطنية مستقلة بعيدا عن الهيمنة.

وعلى هذا الأساس، شاركت الصين في إنجاز مشاريع ضخمة بالجزائر، ومنها المسجد الأعظم، وأجزاء من الطريق السيار شرق غرب، وعدد كبير من السكنات.

ومنذ السنة الماضية، منحت الجزائر الصين مشاريع ضخمة إضافية تتم بالشراكة في قطاعات استراتيجية أخرى. ومن هذه المشاريع، مشروع انجاز ملايين الاطنان من المخصبات الزراعية (بقيمة 7 مليارات دولار) لاستخراج الفوسفات الخام وإعادة تحويله إلى أسمدة زراعية، ومشروع استغلال خام الحديد من منجم غار جبيلات (بملياري دولار كقيمة أولية للمشروع).

** حلف "بريكس"

ويولي اتفاق "الشراكة الاستراتيجية الشاملة" بين الجزائر والصين أهمية كبيرة لمسألة التشاور المستمر لتنسيق المواقف حيال القضايا الدولية والاقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصة في ظل متغيرات دولية تطبخ لنظام دولي جديد.

وتلتقي رغبة الصين وروسيا في محاولة جعل مجموعة "بريكس" كواحدة من ركائز النظام الدولي الجديد، وهي قطب اقتصادي سياسي يضم، إلى جانبهما، كل من الهند والبرازيل وجنوب افريقيا، مفتوح على عضوية بلدان نامية أخرى رافضة لهيمنة قوى القطب الواحد، في وقت يطمح الرئيس عبد المجيد تبون إلى قبول عضوية الجزائر  في هذه المجموعة، وقد وصفها بكونها ذات "اهمية اقتصادية وسياسية كبيرة من شأنها إبعاد الجزائر عن الهيمنة ".

** مشروع "الحزام والطريق"

وبمنطقة شمال إفريقيا والساحل والصحراء، وبحكم دورها المحوري هناك، تعمل الجزائر مع الصين على بلورة مبادرة "الحزام والطريق"، والتي تربطهما منذ 2018، كمشروع ركيزة للتغلغل في المنطقة وفي أجزاء من افريقيا، في وقت بدأت روسيا تفرض تواجدها أمنيا وسياسيا في مالي ودول جوار، بشكل يزيد في تراجع الدور الفرنسي اقتصاديا وسياسيا وعسكريا بالمنطقة.

وتكريسا لمبادرة "الحزام والطريق"، تعمل شركات صينية جزائرية بالشراكة على إنجاز مشاريع ضخمة تربط الجزائر بدول إفريقية مجاورة، ومنها مشروع الطريق العابر للصحراء، ومشروع ميناء الحمدانية شمال الجزائر.

ولكون المبادرة، بمشاريعا الضخمة، تحتاج إلى تغطية امنية في منطقة تسودها نزاعات، بات من الضروري تكثيف التعاون العسكري بين البلدين، وهو ما تجلى مؤخرا في اقتناء الجزائر لأسلحة صينية متطورة، منها طائرات مسيرة، وأنظمة للحرب الإلكترونية، ومدفعية ذاتية الدفع، وصواريخ مضادة للطائرات والسفن.

** بالمختصر المفيد 

وبالنسبة لملاحظين، فإن زيارة الرئيس تبون إلى الصين، بعد زيارته إلى روسيا قبل شهر، تكرس انطباعا يفيد بأن الجزائر ماضية في توجه الانضمام إلى معسكر شرقي بدأ يتشكل من جديد.

عبد العالي خدروش Abdelali Khadrouche



   نشر في 16 يوليوز 2023  وآخر تعديل بتاريخ 17 يوليوز 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا