عندما تقابل شخصا لأول مرة , عندما تراقب المارة و أنت تنتظر الحافلة , او عندما تقرأ لكاتب جديد فأول ما تفعله و انت تصافح هذا الشخص الذي تقابله لأول مرة او تفكر فيه و أنت تركب الحافلة او تبحث عنه في الأنترنت بعد قراءة اول فصل في الكتاب , هو انك تصنف هذا الشخص، تضعه في فئة معينة لتتعامل معه او تفكر فيه او تحكم عليه وفقها . لماذا ؟
في عام 2010 قام محمد بحل معادلة رياضية حيرت العلماء منذ 300 عام . هل تمكن من حلها لأنه مسلم ؟ محمد التميمي ، هو عراقي ، هل حلها اذا لأنه عراقي ؟ عمره 16 عاما ، هل حلها لأنه مراهق ؟ لا .
في عام 2013 قام اسيد عبدالله بقتل بعض من افراد عائلته بعد ان تناول معهم الغداء . هل قتلهم لأنه مسلم ؟ من مدينة الموصل ، هل قتلهم لأنه موصلي ؟ 17 سنة . هل قتلهم لأنه مراهق ؟ يدرس في ثانوية المتميزين . هل قتلهم لانه متفوق ؟ لا
لا يمكن ان نعزي تصرفات الآخرين الايجابية او السلبية الى انتماءاهم للطبقة او التصنيف الذي اخترناه لهم . فكل انسان هو كائن مستقل الارادة و التفكير عن الاخرين . اي تصرف يبدر منه انما يصدر عن قرار اتخذه ، لا عن انتماءاته الدينية او الطبقية او الطائفية . عندما قام الشاب بحل المعادلة فذلك بسبب نبوغه في الرياضيات . و عندما ارتكب اخر جريمة ، ارتكبها لشذوذ في سلوكه . عندما نحكم على فعل مالفارق الذي سنجنيه من معرفة الخلفية التي قدم منها الفاعل ؟
مؤمن انت ب أن لكل مقام مقال ، لذلك لا تستطيع ان تتغلب على حاجتك الماسة لتصنيف الاخرين . غني ، فقير، مسلم ، مسيحي، راقي ، شعبي ، دكتور ، عامل ... الخ . لماذا لا يكون الناس مقاما واحدا ؟ انهم كذلك " كلكم لأدم و أدم من تراب " السنا كلنا كذلك ؟ اذا لماذا ابتدعنا المقامات و صنفنا الناس وفقا لها ؟ لكي يتناسب مقالنا مع مقامهم ! أ ليس هذا التفكير عنصريا ؟ ليس ذكاء اجتماعيا ان تعامل الغني بطريقة تحسسه بها بسطان ماله و تعامل الفقير بتعال يحسسه بفقر حاله . لا ليس ذكاء اجتماعي انه نفاق اجتماعي .
من الاسهل علينا و توفيرا للوقت و الجهد و الخيال ، ان نعود الى فطرتنا السليمة الى المساواة الى التراب الذي خلقنا منه . لما لا نتخلى عن التصنيفات و نحن نقابل شخصا لأول مرة ؟ لما لا نراقب المارة بمنظار الفرد لا الجماعة ؟ لما لا نقبل او نرفض الكتاب لأفكاره لا لانتماءات كاتبه ؟ لما ؟