قالوا انك في الغضب تستيطع اكتشاف حقيقة الإنسان ، عن بواطنه وما تحتويها من غموض. تكشف عن تناقض البواطن مع الظواهر، ها أنا اكتشف ذلك معك عندما تأكّد لي أنّي في لحظة كنت سببا بأنّك لم تَعِشْ سعادتك وحياتك، وأنّك لم تستطِعْ أن تأخذ قرارك في أن تكون مع من تحبها أو لا تكون معها. كنت تقول إنّي حبيبتك وشريكتك، وأنني أنا من حلمت بها سنوات عمرك. غضبك كشف بأنّني ما كنت سوى محطة تبث لها شجونك وأحزانك وتشبع غرورك.

حاولت أن تظهر كلّ ما تستطيعه لتكون غير أنت، غير حقيقتك رغم عباراتك المستمرّة بأنّك لا تستحقّني وأنّك تستغلّني ونسيت أن زلات اللسان تظهر ما يخفيه القلب. غضبك لم يعطك فرصة لتكمل مشوارك في خداع نفسك قبل أن تخدع من حولك، لقد كان غضبك أكثر جرأة في كشف تناقضاتك وغرورك، تشتّتك وضياعك بين أن تحقّق كلّ شيء وأن تملك كلّ شيء ولم يكن تفكّيرك إلاّ بنفسك. أنانيتك جعلتك كطائرا مزهوا بجناحيه، يعلن مدى تشدّقك بأنّه سيملك كلّ شيء. قلت بأنّ عباراتك وغضبك هي تعبير عن شدّة حبّك وقهرك بأن ترى حباً حقيقياً نابعاً من قلب موصولٍ بقلبٍ لا تستطيع أن تقدّم له شيئا.

غضبك كشف لك بأنّه صعب أن تأكل بكلتا اليدين لأنّك ستختنق وتموت كمدا دون أن تحصل على مبتغاك. كلّ شيء له ثمن. وثمن جرحك للآخرين كبيرا، ستلقاه عندما تجد نفسك وسط أناس لا يستحقونك ولا تستحقّهم وخسرت من أحبّك بصدق. ليس تممن عليك ولكن هو درس نتعلّمه كلّنا في حياتنا، حينما نبيع الغالي بالرّخيص ونعطي أنفسنا عذرا تلو العذر، وتنسى أنّ الرّجولة أخلاق وإحساس بالمسؤولية وعقل بصير وقلب صافٍ نقيّ يستطيع كالمنخل أن يفرّق بين الغثّ والسمين.

فشكرا للغضب لأنّه قدّم للبشريّة خدمة كبيرة لمن يفهم معنى الحكمة، امتحن المرء وقت غضبه لا وقت رضاه.

فيا حبيبي غضبك كشف القناع وحولك من إنسان إلى ذئب.