مهاجر غير شرعي ..حكايات واقعيه
حكايات واقعيه
نشر في 22 فبراير 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
في هدأة الليل حيث ُ النجوم إستيقظت ، وشيعت الى القمر تحية مسائيه ، حدقَّ البوم الرمادي من بين خلل الشجر يرقبُ تكور القمر إذ بدا بدرا ً ، فنعب َ مرتين متتاليتين ونفش َ ريشهُ ثم َّ عادَ فضمه ُ ، ذرق فضلاتهِ التي هوت وأرتطمت بفروع الشجرة التي ربض َ عليها ، ودار برأسه ِ دورة ً كامله وأسترعى إنتباهه ضوءٌ يشبه نقطـة بيضاء آتيه من بعيد . نعب للمرة ِ الثالثه حركَّ جناحيه ثم طار بإتجاه ذلكَ الـضـوءْ .
بينمــا فرد البوم جناحيه ِ متجهـا ً للنقطة المضيئه المجهولـه ، إرتطمت الامواج البحريه بالشاطئ الصخري ، مخلفة خلفها رغوة ً بيضـاء هي الزبد إنعكس ضوء القمر عليهـا فبدت منتفخه تتحرك بطريقة ٍ عشوائيه وتتوقف حينـا ً بعد إلتصاقها برؤوس الصخور الصغيره على الشاطئ ، تناثرت فوقـه عدة أسماكٍ ميته ظلت تسبح مع حركة التيارات الموسميه حتى وصلت الى هذا الجزء منه وأستقرت غطى جزء من جسدها ذرات الرمل الدقيقـه .
عادت الامواج تضرب الشاطئ الصخري ، لينتشر الرذاذ مسافة أعلى تربو المترين الى أعلى ، ورغم هذا ظل َّ ابن آوى يقترب غاطسا ً أنفه ُ بالقرب من سطح الشاطئ يقترب أكثر من ، موقع الاسماك الميته .
إقترب البوم أكثر فأكثر من النقطة ِ المضيئه ، حتى بات على مقربة منهـا ولم تكن تلك النقطه إلا ضوء السراج الوحيد في الكوخ الخشبي الذي يقطنه ُ العجوز ، بخفة متناهيه هبط البوم على أحد القضبان الخشبيه الطافره من السقف ، وجثم بلاحراك ، كانت همهمة العجوز تصدر متتابعه إذ كان يغني إخدى إغنياته ِ التي يحفظها ويرددها غالبا ً ، وهو يحرك يد المقلاة ِ على الموقد ، يعد عشاء ً من صيد اليوم ، وكان صيده وفيرا ً ، وكالعادة ينوي الذهاب غدا ً صباحا ً الى السوق لبيع ِ ما زاد من حاجته ِ من السمك الذي إصطاده
أسفل البوم الرابض كان هنالك جحر ٌ للفئران الرماديه ، وهي التي تخرجُ ليلا ً للبحث عن طعامها في صندوق الفضلات المثبت بسلسله حديديه في احد جوانب الكوخ الخشبي . مدت الفأرة أنفها تشمشم ُ بحذر مختلف الروائح المنبعثه ، كان العجوز قد أنهى تناول عشائه ِ ، ورمى بحسك السمك في صندوق الفضلات ، في نفس اللحظة ِ وصل ابن آوى الى موقع الاسماك الميته ، خرجت الفأره بجسمها كله خارج جحرها ، وهمَّ البوم بالإنقضاض ِ عليها ، بينما كان العجوز ينوي وضع غطائه ِ فوق جسده الضعيف لينام ، وفتح ابن آوى فكه ُ ليقبض على اول سمكة ميته ، أتى صوت إطلاق رصاص أفزع الجميع ، توقفت يد العجوز عن سحب ِ الغطـاء ، وتراجع ابن آوى عن إلتهام السمك الميت ، فرت الفأرة الأنثى الى جحرها ، وطار البوم فزعا ً الى مكانه على الشجره .
لم يكن ذلك الصوت المدوي سوى رصاصة أحد الجنود وهو من خفر السواحل ، أطلقهـا بإتجــاه مهاجر غير شرعي شارف َ على الوصول الى الشاطئ قادمـا ً من إحدى البلدان العربيه ، دفنت الموجه الملونه باللون الأحمر القاني ملامح ذلك الجسد ، ولم يسـُــمع سوى صوت الموج يضرب الشاطئ ، وعاد نعيب البوم من جديد ، وفرَّ ابن آوى الى مكان أبعد ، وأجلت الفأرة خروجها لوقت آخر للبحث عن الطعام بحسب غريزة الخوف ، ونام العجوز بعد أن تردد في الخروج من كوخه لمعرفة ماجرى .
نفث َ الجندي الهواء من فمه في فوهة بندقيته ِ ، وعاد وعلقها على كتفه ، ولم يرى أحد وجه المقتول الغريق إلآ القمر إذ عكس ضوءهُ كله على ملامحه .
" تمت "
" يسارعبد الرحمن "
-
يسارعبدالرحمنيسارعبد الرحمن " للأدب العربي سحره تجرعتُ شيئا ً من إكسيره ِ الساحر "