من مذكرات صاحب سعادة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

من مذكرات صاحب سعادة

  نشر في 06 مارس 2018 .


بدأت رحلتي /للسعادة/ حين زارنا صاحب السعادة زيارة تفقدية، وقف سعادته أمامنا بتواضع شديد، وعلى الفور وقفت احتراما له ولكنه ضغط على كتفي بيديه (الكريمتين) وأجلسني قائلا: استريح يا ابني ... أنا ما جيت أعطلكم عن عملكم، ابتسم أبو مشاري وأبو صالح وأبو راكان الواقفين خلف سعادته مباشرة .. ومن خلفهم (في الصف الثاني) ابتسم سعيد ومحمد واحمد بعد أن التفت إليهم الثلاثة في الصف الأول ليشاهدوا ابتساماتهم فيفعلوا مثلها، معقول هذا هو المهندس احمد؟ المهندس احمد الذي لا نستطيع أن نقابله في مكتبه إلا بعد اخذ موعد يستغرق أياما، يقف صف ثاني ويقال له ابتسم فيبتسم! أما الثلاثة الواقفين في الصف الأول خلف سعادته فهذه أول مرة أشاهدهم على الطبيعة ما عدا أبو مشاري أو المهندس سعيد الذي رأيته مرة وهو ينزل من سيارته البانوراما. 

التفت سعادته ناحية الصف الأول وقال مخاطبا أحدهم: هذه وش هي له؟ سكت الثلاثة ... والتفتوا إلى الصف الثاني الذي بدوره التفت للصف الذي خلفه وهكذا حتى وصلت الأعين إلى عم خليل وهو ممسك بدلة القهوة بيسراه والفناجين بيده اليمنى، حين رأى عم خليل النظرات تتجه نحوه تقدم من سعادته وصب له فنجان قهوة.

استغل المهندس سعيد انشغال سعادته بالقهوة وغمزني بطرف يده ... على الفور نهضت من على الكرسي ووجهت حديثي إلى سعادته: هذه طال عمرك أجهزة جديدة تمكنا من التواصل السريع والمباشر مع باقي مدن المملكة تواصل معلوماتي .. يعني شيء مثل الفاكس أو الانترنت بس بشكل مطور وآمن، لم أكد انتهي من حديثي حتى شاركنا أحد الواقفين من الصف الأول وتابع الشرح مضيفا أن هذه الأجهزة لم تكن لتتواجد هنا لولا متابعه سعادته واهتمام سعادته، سأل سعادته سؤالا لم يكن متوقعا: والجهاز الواحد منها كم يكلف؟ سكت الجميع فأجبت أنا : طال عمرك حوالي مية ألف ريال. رد سعادته: مبلغ كبير لكن طالما يفيد العمل فهذا هو المطلوب ... أي شيء لمصلحة العمل وفيه فائدة للموظفين وراحتهم نسويه ولو كلف الملايين. ثم رفع يديه (الكريمتين) مرة أخرى ووضعها على كتفي قائلا: يا ابني اجلس لا توقف. فأجبته: ما يصير طال عمرك اجلس وأنت واقف؟ فرد بكل تواضع: هذا مكتبك وأنت هنا تؤدي عمل لوطنك .. اجلس الله يهديك ولا تبينا نطلع؟ لا أبد طال عمرك .. وجودك يشرفنا. أثناء حديث سعادته معي كان الصف الأول والصف الثاني وحتى الثالث يتهامسون همسا مسموعا عن أخلاق سعادته وتواضعه الجم، خرج سعادته من المكتب ومن خلفه أعضاء الصف الأول... عند الباب توقف المهندس سعيد والتفت إلي وأشار بيده لي بعلامة الرضا. 

لم يمض أسبوع حتى نقلت إلى مكتب المهندس سعيد... دون أن أعرف ماهية عملي؟ بعد أسبوعين تم تعييني خبيرا في مكتب المهندس سعيد. الزيارة الثانية كانت لسعادة أكبر من سعادته الذي شرفنا قبل مدة، أخذ المهندس سعيد بيدي وأوقفني بجانبه في الصف الأول خلف سعادته. كل مرة يسأل سعادته سؤالا تقنيا ينغزني المهندس سعيد بطرف يده فانطلق شرحا وتحليلا لسعادته ولا أتوقف حتى ينغزني ثانية، حتى إن النغزة أصبحت عندي مصاحبه لكلمة (طال عمرك). عادة الأشخاص اللذين يتأثرون بالنغز تتحرك أيديهم تلقائيا في أي اتجاه وقد يضربون الشخص الذي أمامهم ويوجعونه وهم لا يشعرون، حركة تلقائية كردة فعل على النغزة، أما أنا فيدي لا تتحرك إنما لساني ... يردد طال عمرك مع كل نغزة. 

بعد سنة من تواجدي في مكتب المهندس سعيد أتاني طلب من مدير مكتب سعادته لأكون متواجدا معهم حسب رغبة سعادته. وبالرغم من وجود عشرات الخبراء والمستشارين في مكتب سعادته إلا أنه يريدني أن أكون معهم، والحقيقة أنني حاولت إيجاد تفسير لإصرار سعادته على ضمي للمجموعة التي لديه ولكن بلا جدوى، فمستشاريه كانوا أكثر من أحد عشر مستشارا وإلا لقلت إن سعادته ينوي إكمال الدزينة، أيضا مستشاري سعادته لم يكونوا ثلاثة عشر وأنا بانضمامي لهم أبعد النحس عن مكتب سعادته، كانوا ثلاثة وأربعين على ما أذكر ولكن سعادته أبعد ما يكون عن علي بابا صفة وشكلا، قبيل انتقالي لمنصبي الجديد قال لي المهندس سعيد مودعاّ: لا تنسانا يا مرآيا.

في مكتب سعادته تم تعيني مستشارا مع بقية المستشارين ولم يمض على وجودي شهرا واحدا حتى أصبحت نائبا لسعادته أقوم ببعض الزيارات نيابة عنه، وشاءت الصدف أن تكون أول زيارة لي لمكتبي القديم ، كنت أتحرك بين المكاتب وأمواج الصفوف البشرية تلاحقني مع كل حركة، اتجه ناحية اليمين فيتجهون ناحية اليمين، اتجه يسارا فيتجهون يسار، بالطبع توقفت عند نفس المكتب الذي كنت أجلس عليه في بداياتي، حين رآني الموظف نهض احتراما لي، رفعت يدي الشبه كريمتين ووضعتهما على كتفه طالبا منه الجلوس، التفت ناحية اليمين فرأيت جهازا جديدا؟ هذا وش هو له؟ لم يجبني أحد، وفجأة بدأت الصفوف بالانفراج وإذا بعم خليل أمامي يصب القهوة لي، قبل أن يبادر الموظف الجديد بالإجابة على سؤالي بادرت انأ بتوجيه السؤال لعم خليل، هذا وش هو يا عم خليل؟ << قاصدا الجهاز الجديد. فأجاب عم خليل بكل براءة: هذه قهوة طال عمرك، ضحكت بهستيرية ... وضحك من كان واقفا معي ... حتى الموظف الجديد ضحك بهستيرية ملفتة للنظر. سألته : انت وش اسمك؟ فأجاب: مرآيا !



   نشر في 06 مارس 2018 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا