أن التقنيات الالكترونية الحديثة ساهمت بشكل فعال في رفع وعي كثير من الناس في الكثير من القضايا المعاصرة . وكما ساهمت التقنيات الالكترونية الحديثة في ثورات الربيع العربي بشكل مباشر وواضح . وهناك من نجح في ثوراته وهناك من عاد إلي الأسوأ والفرق بسيط بينهما هو أن المجتمعات التي نجحت كانت مستعدة لخوض الاختبار الصعب وأخرى لم تكن كذلك .

            ويتوجب علينا في الوقت الحاضر التركيز على هذه التقنيات الحديثة في تعزيز مفاهيم الشفافية والمساءلة والمشاركة ونشر الوعي بالهدف 16 من اهداف الالفية للتنمية المستدامة والذي نصه " التشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة لا يُهمّش فيها أحد من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وإتاحة إمكانية وصول الجميع إلى العدالة، وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع على جميع المستويات " .حيث تأثير التقنيات اصبح واضح وكبيرا على جميع افراد المجتمع والصغير قبل الكبير والمتعلم و غير المتعلم اصبح الجميع شبه مدمنين عليها . وباستخدام التقنيات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي بنشر الفيديوهات القصيرة لا تتجاوز ال3 دقائق لنشر الوعي بأهمية الشفافية في جميع مستويات الادارة و بالحقوق , و أن من حق أي مواطن في أي مستوى مساءلة أي مسؤول في أي مستوى إداري بما يخص أي تصرف أو تصريح أو تعامل أو معاملة أو سياسة أو بطريقة تصريف المال العام . و أن تعزيز مشاركة المواطن مشاركة فعالة في إدارة أموال الدولة واقتصادها وسياساتها الداخلية والخارجية وهو ما سيحد من تأثير الدولة العميقة على المدى البعيد . كما ستعمل المشاركة على دمج جميع افرد المجتمع بدون تهميش أي فئة تهميشاً عرقياً أو مناطقياً أو مهنياً أو طائفياً أو مذهبياً أو عشائرياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً أو سياسياً أو حسب نوع الجنس الذي خلق به . والفجوات ناتجة عن غياب مشاركة المجتمع أو اشراكه في صناعة التغيير الذي يريده ستختفي بفتح المجال للمواطنين للمشاركة في صناعة التغيير. أن المجتمع إذا حقق مبدأ المشاركة سيتحدى كل العواصف مهما كانت ومهما كان مصدرها، وسيقل الضغط والتحديات التي يواجهها المجتمع المدني من أنظمة الحكم في نشر الوعي والمطالبة بالحقوق البسيطة للأفراد لان الفرد سيكون على دراية ووعي بحقوقه و بمبادئ الشفافية والمساءلة والمشاركة ، وبممارسة صلاحياته سواء كأفراد ومؤسسات بكل شفافية وبالتالي الحق في المساءلة لتقليص حالات الفساد والحروب .

               و أذا قمنا بالتحليل القوي والدقيق و ربط الواقع بالأحداث التاريخية نجد أن التهميش التاريخي لبعض فئات المجتمع وتهميش روايتهم للأحداث بطريقتهم وبأفكارهم وكلماتهم تؤدي الى فجوات كبيرة في التاريخ وفي تسلسل الاحداث فيه، فالتاريخ عبارة عن تسلسل للقرارات المتخذة من قبل الحكام و الشعوب. و أذا روى لنا الحاكم منظوره الخاص المتوقد بعيدا عن الشعوب والفئات المهمشة فيها و عن نظرتهم ، ينشئ ثغره للدارسين والمحللين والباحثين فيه ولا يجعلنا نستفيد منه بتفادي أخطاء الماضي. وهذا نتيجة حتمية لغطرسة الاستحقاق لدى المجموعة الحاكمة للدول ونتيجة حتمية لعدم وعي الشعوب بمبادئ الشفافية والمساءلة والمشاركة في صناعة القرارات .

                  وبما أن في عصر السرعة و التقنيات الالكترونية الحديثة والسهلة التي يستطيع الجميع استعمالها ابتداء من ربه البيت الامية و الاطفال بجميع الفئات العمرية و الى اكبر دكتور في الجامعة . ومن اصغر عامل في النظافة الى اكبر مسؤول في الدولة فأن نشر الوعي من خلال الفيديوهات القصيرة والممتعة للجميع بمفاهيم الشفافية والمساءلة والمشاركة والهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة هو من سيصنع الفرق في المستقل القريب . ووجب عليا التنويه هنا أن وسائل التواصل الاجتماعي قوية في التأثير تجعل التغيير الاجتماعي أسهل في التنظيم ولكن صعب في التنفيذ لأنها وحملات التوعية الرقمية عظيمة . لكن تغيير العقول هو حجر أساس تغيير السياسية وهو يحتاج إلى الجهد واللقاءات الجماعية الكثيرة والمشاركة الجماعية المؤمنة بالفكرة في كل الخطوات ابتداءً من التوعية في حد ذاتها وانتهاءً بصناعة القرارات . ولأن الحركات اليوم هي حركات سريعة لا تتسم بالوعي الكامل وبتشرب الافكار الجديدة مما يودي الى سرعة الانهزام واليأس . ويجب أن نتغلب على ذلك بالتحرك بمنظور أبعد من التجمع بشكل كبير و بسرعة فقط ، حيث يجب أن نجد طريقة لنفكر بشكل جماعي و دون تهميش أي فئة و باتخاذ قرارات جماعية بمشاركة الجميع ، ولنقدم سياسات مقترحة قوية ويكون رأي متفق عليه من الجميع وباقتناع الجميع وللوصل إلى الخطوات السياسية السليمة والتي تستخدم كوسيلة للضغط بأيمان واقتناع تام ، لان كل هذه النوايا الجيدة والشجاعة والتضحيات بمفردها لن تكفي أذا لم يشارك الجميع في نشر الوعي بأبسط طريقة لدية وبالتعبير بمفرداته البسيطة والمستخدمة في كلامة ومحادثاته اليومية .

نوري أسعد

رائدة من رواد معهد الفضاء المدني