حين يزداد مولود وسط عائلة ما ، يكون يوم ولادته يوم فرح و سرور و احتفال بنشأته ، إلا أنا فأنا باختصار طفلة غير مرغوب فيها منذ كنت قطعة لحم في رحم أمي ، كانت تتمنى عدم إنجابي لأنها لم تكن قادرة على رعايتي في الآن الذي أختي لا زالت طفلة لم تتجاوز بعد الثلاث سنوات .
في اليوم الذي ولدت فيه نشب شجار على اسمي ،أمي ترغب أن تسميني "فاطمة الزهراء" وجدتي تريد أن أحوز اسمها "خديجة" ، بعد معركة طويلة حسم الأمر بأن أسمى "فاطمة الزهراء" ، و هنا تبدأ قصتي ، جدتي طلبت من الجميع الإعتناء بأختي أكثر لكي لا تتآذى نفسيتها ، ثم تمادت بعد ذلك و طلبت منهم إحضار الهدايا لأختي بدلا مني ، لم تأخذني في حضنها ، و ذات يوم قرر محبوبي أن يخرج عن صمته ، الإبن الذي لم يجادل أبواه في أمر قط ، كان يطيعهما في كل شيء، قصدهما و طلب منهما الإعتناء بي كما يعتنين بأختي ، فأخبرته أمه أن يترك أختي تترعرع تحت ضلهما و أني أنا ابنتهما فاليفعلا بي ما يشاءان، ثم بعد مرور ثلاث سنوات من الإهمال الأسري توفيت جدتي ثم سرعان ما تبعها جدي ، و حين بلغت من العمر أربع سنوات توفي أبي ، ولم يتوفى لوحده بل أخذ معه روحي و الشخص الوحيد الذي أحبني ، و بعدها أخذتني أمي للعيش مع أهلها ، كان جدي من أمي يحبني كثيرا لأني كنت أصغر أحفاده ، فرحت كثيرا لأني حزت محبا جديدا لي ، لكن بعد فترة من الزمن خسرته ، لا لم يمت خسرته و هو على قيد الحياة ، بعد أن زال قناع عائلة أمي المنافقون ، نعم لقد ترعرعت وسط أناس يبتسمون في وجهك و في جوفهم خبث لا ينتهي ، آلموني و دمروا حياتي ، و تسببوا في كسر زجاجة أملي ، يوم أخذوا من قلب جدي حبه لي ، ستتساءلون لما أبحث عن الحب عند الجميع فأنا أملك أما من المفترض أن تحبني ، يؤسفني القول أن أخبركم أن أمي أيضا اختارت أن تحب أختي أكثر مني ، و حين سألتها عن سبب ذلك أجابتني قائلة " لقد حرموني منها منذ ولادتها ، و حين ولدتكي رعيتكي أربع سنوات و أهملتها لذا قررت أن أعوضها حنانا الآن" للأسف هي أيضا لم تحبني و أهملتني ، قررت بدل أن ترعاني أن تتسول الحب و الحنان من زوجة أبيها ، فهي الإنسانة التي انطبقت عليها مقولة فاقد الشيء لا يعطيه.
لم يحبوني في هذه الحياة رغم أني كنت أحبهم جميعا ، لكن بعد أن أحبني من هو أحسن منهم لم أعد أهتم لحبهم الذي لا يقارن بحب خالقي ، فحين يحبك خالقك يجعلك محبوبا لدى الجميع ، بالفعل فقد حزت قلب أساتدتي ، مدراء مدرستي، حتى الجيران ، و كل من كان يراني ، لدرجة أن جدي ذات يوم أخبرني أنه بعد أن ذهبنا من بيته ، حين تزوره عائلته لا تسألن عن أحد إلا عني .
نعم لقد ولدت يتيمة و عشت يتيمة و ترعرعت يتيمة، لكني اليوم لم أعد كذلك لأني أحببت نفسي و اعتنيت بها و لم أعد أتسول الحب من فاقديه ، تيقنت أن لا حاجة لي من حب مزيف فاكتفيت بحبي لنفسي ، ضاع من وقتي الكثير و أنا أنتظر حب عائلتي ، و الآن أحاول أن أستثمر وقتي في الإجتهاد و المثابرة بعد إصلاح و ترميم ذاك القلب الصادق الذي أحب الجميع و ما حاز إلا جرحا و أذى...
-
"البمكلاوي"ليس لي مؤنس في الحياة سوى قلمي ، به أستطيع التعبير عن ألمي ، لمعرفتي جيدا يكفي دخولك لعالمي.