نتنياهو في ذروة النشوة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

نتنياهو في ذروة النشوة

هيام فؤاد ضمرة

  نشر في 20 غشت 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

نتنياهو في ذروة النشوة

..هيام فؤاد ضمرة..

إسرائيل تعيش اليوم فرحة عرسها على دفوف الجزيرة العربية، لا تستطيع تمالك نفسها من الفرح، فقد نجحت اليوم بالذي نجحت فيه بريطانيا بالأمس، فكيف فاتتها الكيفية التي اخترقت فيها بريطانيا صفوف العربان في بداية القرن العشرين الماضي في خطتها الشيطانية لتدمير الامبراطورية الاسلامية.. ونتنياهو اغتسل من جديد من أثر دماء الشهداء العرب على يديه، وراح يرقص منتشيا لانتصاره على سوارح الغفلة في عمق الصحراء المنتعشة بالأبراج الناطحة لقامات السحاب، والبعض من العربان راحوا يكشفون عن عورات الغباء وهم يبدون ترحيبهم بما يظنونه السلام مع عدو السلام، فالعالم اليوم بات سلسلة مهزلات عربان، سطع 0

معذور نتنياهو وهو يحقق انتصاره على العرب بنفس الأدوات العربية التي تنفخ أوداجهم لكل عبارات الغزل التي وجد بها فعل السحر عليهم، فمنحهم أعاجيب الغزل الذي يرضي نفسهم العطشى،

كان نتنياهو لا ينام ليله ولا يهنأ له نهار، وهو دائم التفكير في طرائق تسجل له النجاح الذي يأمل، يستغرق أكثر وقته في ايجاد وسائل ناجعة لإيقاف الهجرة اليهودية المعاكسة، لأن الذين تم إغراءهم بالهجرة إلى فلسطين المحتلة من اليهود، ومنحوا وعود السلام والارتقاء الحضاري المتجدد، فقدوا الصبر وملوا مظاهر الخطر التي تحيطهم من كل جانب من أصحاب الأرض المسلوبة والوطن المحتل، وتبرز لهم من حيث لا يدرون هذه المخاطر لتحيلهم إلى فتات وشظايا، فلا يهنأ لهم عيش ولا تغفو هنية أعينهم، فمصالحهم مهددة كما حياتهم،

ولم يجد نتنياهو بد ودول عظمى تمنحه الدعم الكامل في اتخاذ اجراءات ما تراه دولة الاحتلال مناسباً، ويشكل منفذا آمناً إلى النصر وتغيير واقع بلاد العرب وإزاحة الحكام الخارجين عن الامتثال لأوامرهم.

فاستخدم نتنياهو طريقتين جهنمتين في آن معا، وأقول نتنياهو لأن الظاهر المرئي هي أمريكا ومناصريها من الحلفاء، وبالحقيقة هو نتنياهو وخبائث مخابراته الشيطانية، فلكل صندوق مفتاحة الذي يفتح مغاليقه بكل يسر، الأولى بالضرب تحت الحزام بلا رحمة، والتدمير الكلي أيضا بلا رحمة، فالحقد والعنف اليهودي يفوق معدلاته الطبيعية عند البشر، والثانية باستخدام وسائل الغزل والتقرب اللين من خلال اختراق العقول بغير المعقول،

ويكفي أن تهرس بأدوات الخراب واحد أو اثنين من الأقوياء باستغلال جماعات خائنة مشتراة بالمال والوعود، فيسارع الآخرون بالهرولة إليه لمصالحته وطلب وده.. وهذا الذي كان يجري في الدول العربية التي تم تدميرها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا من خلال بث الفرقة والنعرات وخلق جناجين متعاركين يدمران البلد ويعيثان الخراب قتلا وتدميراً.

إنها حالة من التنمر تلقى تأييدا من الغرب الحاقد مهما أبدى من حضارة، مما جعل دولة الاحتلال لا تلتزم بالمواثيق ولا الاتفاقيات وتضرب ضربات توسعها واختراقها للقوانين الدولية دون أدنى مهابة، وترى أي تنازل تقدمه من طرفها هو بمثابة اظهار لضعفها، ولهذا وقد نجحت باحتلال وطن ليس وطنها فمن المتوقع أن تتشبث بكل خطوة تحققها للأمام، وترفض التراجع خطوة واحدة إلى الخلف، فمن اليوم الأول لاحتلالها فلسطين وهي تدرب السكان العاديين وتحول كل يهودي إلى عسكري مقاتل مسلح بأفضل سلاح ليدافع عن أسرته ومكتسباتها.. بالمقابل كان العرب يتلظون بفقرهم وتهاونهم، ويفشلون باتخاذ وسائل دفاعاتهم من التدريب العسكري وتسليح الجيش.. فهل حقا العرب كانوا على استعداد للمواجهة وتحقيق النصر؟

فهل كانت دولة الاحتلال ستحقق كل هذا النجاح لولا جهود دول الاستعمار بريطانيا وفرنسا وأمريكا الذين أفردوا لها كل مساعدة ممكنة لتمكينها فوق أرض فلسطين؟، وقبولها كدولة جارة صديقة من ضمن دول المنطقة في الشرق الأوسط، واستخدامها كافة الضغوط لتركيع العرب على ما تريد، وكيفما هي تبغي..

والدول العربية بظروفها الجديدة الحالية بعد نجاح وسائل التفقير الذي مورس على الحكومات والشعوب.. هل كانت ستستطيع مواجهة عدو بإمكانيات دولة الاحتلال بما تملكه من آلة عسكرية بكل أنواعها؟.. وقد يقول قائل أنها أركعت دول المال والبترول وهي كلها ليست من دول الحزام الذي ممكن أن يشكل خطرا على دولة الاحتلال،

فأقول: أن الرئيس الأمريكي ومن بعده السيسي نجحا في فرش الأرضية التي تتيح لنتنياهو السير عليها بسلام، ونتنياهو يعلم أن محرك الأمور بيد الرئيس الأمريكي وما عليه غير الضغط على زر التشغيل فيحصل بطريقة غير متوقعة الانفجار الكبير، عدا عن الدور الذي لعباه ملك البحرين ورئيس دولة عمان وشكرهما عليه علنا في تغريدة له على تويتر، فالأمور باتت تلين بزيتها المحلي، ولهذا يحصد نتنياهو النصر دون أدنى جهد شخصي فملائكته باتت عربية.

فالذي يعتقد أن ما يحصل الآن من تطبيع هو السلام فهو مخطئ إلى أبعد حد، فدولة الاحتلال كونها كيان احتل بلدا ليس لها، وهيمنت بالطرق الخفية على قيادات الدول العربية، وتحكمت بإرادتها واخترقتها في عمقها، فلن يوقفها شيئ أبدا عن التغلغل والتوسع والسيطرة على القرار الخاص بالمنطقة كلها عن طرق الاقتصاد والتخريب القيمي للشعوب العربية، وستشهد المنطقة احتلالا من نوع جديد وبأسلوب مغاير عما عهدناه بالسابق، وستساق الشعوب الخليجية نحو سياحة استجمامية في اسرائيل لغايات المتعة وستنتشر من هناك المشاكل الأخلاقية وما تستجلبه من قضايا.. نسأل الله لطف النهاية


  • 1

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 20 غشت 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا