اليوم ونتيجة الاهمال الحكومي لدعم المنتج الوطني، وتعطل القطاع الخاص والذي بسببه صار العراق بلداً مستهلكاً غير منتج، فإن أكثر ما يغـ ـزو أسواقنا هي المنتجات التركية، ومعروف في أسواقنا المحلية في الموصل أن المنتج التركي هو الأغلى ثمناً، من أثاث ومقتنيات وملابس وأطعمة مصنعة، ورغم ارتفاع ثمنه فإننا حين نشتري أي سلعة من السوق لا نشعر بالاطمئنان إلا أن يقول لنا البائع أن المنتج تركي، فحينها نعطي المال مهما كان (ونحن الممنونين!!)

ليس هذا هو الغـ ـزو العثماني الذي قصدته في العنوان، فنحن مضطرون بالاعتماد على الاستيراد ، نتيجة توقف الانتاج الوطني من الالبسة، والحاجات المنزلية، والمواد الغذائية وغيره..

لكن الذي غزا مجتمعنا ليس السلع فقط، إن سـ ـلاح الغـ ـزو اليوم هو الإعلام والإقتصاد، وتركيا أقوى منا إعلامياً وإقتصادياً، لذلك لم تكتف بغـ ـزو أسواقنا، بل غزت عقول الكثير منا بأفكارها وعاداتها عن طريق المسلسلات، الأتراك أصدروا لنا عاداتهم، وربما لم يصدروها هم بقصد منهم، بل قصدوا أن يحافظوا عليها ويعتزوا بها، ونحن من استوردناها بإرادتنا وبضعفنا، فإن كنا مضطرين أن نرتدي ما يصنعنون، ونأكل ما ينتجون، لماذا أخذنا عاداتهم وتخلينا عن عاداتنا؟

وأنا أنظر إلى صور ليلة حناء الأميرة إيمان ابنة ملك الأردن عبدالله الثاني، ومراسيم الحناء واعتزازهم الظاهر بهويتهم، من بخور، وقهوة عربية، واجتماع النساء للحناء في مراسيم تدل على الهوية الأردنية، شعرت بالحزن، وتذكرت القرف الذي أشعر به عندما أدعى إلى حفلات الحناء في مجتمعنا اليوم، المليئة بالتكلف والتصنع والتقليد وانعدام الهوية، فصار مراسيم تركية، فستان العروس أحمر، وقفطان العروس التركية، وكوشة تراثية تركية حمراء، وأغاني تركية لا أفهمها ولا يفهمها كل الحضور، ومزيد من القرف ...

عندما ننظر إلى صور أمهاتنا كانت العروس ترتدي ليلة الحناء فستاناً أسود اللون، ويرتدين العروسات اللاتي سبقنها بزفافهن بوقت قصير فستان حنائهن الأسود معها، ويرتدين فستان زفافهن يوم زفافها، فكل من ترتدي فستاناً أسود ليلة الحناء، وفستاناً أبيض ليلة الزفاف هذا يدل على أنها لا زالت عروساً قريبة عهد من زفافها.

متى سنتحرر من هذا الغـ ـزو؟

وهل ستظل آثاره من عادات دخيلة على عاداتنا أو بديلة لها حتى بعد أن نتحرر منه، كما بقيت آثار الغـ ـزو العثماني في لهجتنا من كلمات تركية دخيلة؟!

نحن مجتمع عربي موصلي، ولسنا أتراكاً ..