كنت كلما التقيت صديقا زميلا من وظيفتي السابقة، أجد لديهم سؤالا واحدا من إثنين، أحدهما هو ما إذا كنت نادما على قرار تركي الوظيفة.
جوابي الذي لم أكن أفصح عنه دائما هو: بغض النظر عن صوابية القرار من عدمه لا يمكنني أن أندم على قرار اتخذته، أي قرار.
لعلك، مثل كثيرين، تقول بأنك ارتكبت أخطاء كثيرة، ولو عاد بك الزمن إلى الوراء لن تكرر ذات الأخطاء.
حقا؟ الأمر ليس بهذه السهولة.
أولا لا يمكنك العودة إلى الوراء. لا ترهق نفسك بالندم وتعايش مع قرارك.
ثانيا، لا تعطي، في هذا السياق، وزنا كبيرا لحكمة أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين! لا تتوقع أن نفس الموقف سيتكرر بحذافيره، فالمتغيرات كثيرة وقرارك السابق الذي كان خاطئا آنذاك قد يكون هو القرار الصائب لو تكرر الموقف مع مجرد تغيير بسيط.
عموما، لنفترض جدلا أن الموقف السابق قد تكرر بشكل مطابق تماما. أنت تقول بأنك لو صادفت نفس الموقف لن تكرر نفس الخطأ. لكن هذا لا يكفي؛ فقد ترتكب بسهولة تامة خطئا مماثلا. لأن المشكل، في الغالب، ليس في القرار في حد ذاته بل في آليات اتخاذ القرار لديك.
إذا بقيت تفكر بنفس المنهاجية وتحلل بنفس الأسلوب، فسيكون قرارك خاطئا، على الأرجح، حتى لو كان مختلفا تماما عن سابقه.
ولنفترض جدلا أنك تملك القدرة على السفر إلى الماضي لتغير قرارك السابق. هل ستضيع عمرك في العودة المتكررة إلى ماضيك لتصحح باستمرار أخطائك المتواصلة؟ متى إذن ستعيش حاضرك ومستقبلك؟
ما فات قد فات. لا يمكن تطبيق الحكمة أو المعرفة بأثر رجعي. تعلم من الفشل قدر ما تستطيع، ثم تقدم إلى الأمام ولا تشغل بالك بالماضي.
لا أندم على قراراتي/أخطائي الكثيرة لأن إدراكي أن تلكم القرارات خاطئة ما كان ليتحقق لولا اتخاذها كما هي. لا يوجد قرار خاطئ أو صائب إلا بعد أن تنفذه. بعد التنفيذ وليس قبله.
حين تجد أن قرارك ظهر بعد أيام أنه خاطئ، لا تقل أنك لو عدت لنفس الموقف لن تكرر نفس الخطأ. بل حسن آليات اتخاذ القرار لديك وواصل التقدم إلى الأمام، متذكرًا أن القرار الصائب يأتي من تراكم الخبرات، والخبرة تأتي أساسا من القرارات الخاطئة.
التعليقات
أجابها "كلمة واحدة" قالت ما هي؟
فقال "التجربة" فسألته ثانية: "و كيف تكتسب التجربة؟"
أجاب: "بكلمتين فقط" قالت : ماهما؟ قال:" قرارات خاطئة ".
كل القرارات سواء الخاطئة أو الناجحة هي ما ستحدد التطور الشخصي أو المهني للفرد
الفرق هو في كيفية التعلم من القرارات الخاطئة
شكرا أستاذ محمد
و التجربة هي من توضح لنا الأمر بالنهاية.
خصوصا قرار ترك الوظيفة فهي تجربة حدثت معي شخصيا و قلت في نفسي أني لو أتيحت لي الفرصة فلن أقوم بذلك مجددا. لكني بالنهاية تعلمت أكثر من ما لو لم اتخذ ذلك القرار .
في النهاية يبقى لديك الإختيار أن تجعل من نفسك شخصا أفضل أينما كنت و تجعل كل القرارات في مصلحتك بالبحث عن طرق و مصادر أخرى
كما أن الثقة في النفس في إتخاذ قرارات أفضل في المستقبل هي وليدة النجاح.
شكرا أستاذ محمد على المقال