التكلفة الحقيقية لإدمان الهاتف النقال
نشر في 11 غشت 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
تأليف: كاثرين برايس
ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو
ربما تستخدم هاتفك النقال كثيراً مثل الكثير من الأفراد. يقضي الناس ما معدله 4 ساعات يومياً في التحديق بهواتفهم وفق تطبيق يتتبع الوقت المنقضي على الأجهزة ولا يشمل ذلك الوقت المستغرق للقيام بأشياء أخرى مثل الإصغاء للتسجيلات الصوتية أو إجراء المكالمات الهاتفية. إن الاستغراق في مثل تلك النشاطات لمثل تلك الفترة الطويلة من الزمن سيغير الدماغ. وقد تكون مثل تلك التغييرات إيجابية إذا كنت تتحدث عن التأمل وسلبية إن كنت تقضي الوقت محملقاٌ بتلك الشاشة.
قمت على مدار السنوات الثلاثة الماضية بإجراء الأبحاث وتأليف كتاب عن علاقتنا بهواتفنا. واستنتجت أن وقت الهاتف يؤثر على كل شيء فينا إبتداءً من الذاكرة وحدة الإنتباه إلى الإبداع والإنتاجية والعلاقات الشخصية ومستويات الإجهاد والصحة البدنية والنوم. وباختصار إذا شعرت أن الهاتف النقال يغيرك، وليس بالضرورة نحو الأفضل، فلن تكون مجنوناً بل على صواب.
لقد صممت الهواتف والتطبيقات المرتكزة على الإعلانات ووسائل التواصل الإجتماعي بحيث يصعب التوقف عن استخدامها. وهو أساس مبدأ العمل فيها: كلما قضينا وقتاً وأهتماماً أكثر بها زادت كمية البيانات التي تستطيع تجميعها منا وبالتالي الإعلانات المستهدفة لنا. وقد برعت تلك الشركات في التلاعب بكيميائية أدمغتنا لدرجة لا ندرك معها أننا وقعنا ضحية للتحوير. ومن خلال بحثنا الدؤوب عن منشور جديد أو "تفضيل" جديد في انتظارنا قاموا "بتدجيننا" كي نربط دائماً بين فتح هواتفنا والحصول على جائزة- مما يجعلنا نرغب بالمزيد.
لقد أصبحنا مثل كلاب بافلوف الشهيرة التي دربت بحيث يسيل لعابها كلما سمعت قرع صوت الجرس. وعندما لا تمكن من فتح الهاتف ومتابعة المستجدات تفرز أجسامنا هرمونات الإجهاد مثل الأدرينالين والكورتيزول. لقد أصبحنا أكثر إضطراباً وإنفعالاً. نبحث عن هواتفنا في جيوبنا حتى وإن لم تكن هناك. ونظهر ما يسميه أخصائي الإدمان أعراض الإنسحاب.
وهذا لا يعني أن تلوم نفسك إن حاولت وفشلت في تغيير عاداتك مع الهاتف أو إن بدا لك أن العلاقة الصحية المستدامة مع الهاتف بعيدة المنال. لا شك إنها صعبة ولكنها ممكنة.
وهنا نعرض للطريقة الصحيحة لتغيير علاقتك:
- حدد ما تحب وما تكره.
هناك عناصر مفيدة وممتعة لاستخدام الهاتف وعناصر تشعرك بتضييع الوقت. ويجب أن يركز هدفك على الحفاظ على الأولى وتقليل التالية إلى أدنى حد ممكن.
-توقف عن القول" يجب أن أقضي وقتاً أقل في استخدام هاتفي."
إذ أن تلك الجملة مبهمة وعديمة المعنى وتماثل إلى حد ما القول بأنك ستأكل"بشكل أفضل". إذا رغبت بتغيير سلوك ما يجب أن تعلم في المقام الأول لماذا تود تغييره.-وماذا ستفعل بدلاً عنه. وإلا لما تابعت أكثر من فترة الإفطار.
أكتب ثلاثة إلى خمسة نشاطات تجلب لك المتعة والرضا والمعنى وربما كان ذلك شيء تود فعله ولكن لم تملك سابقاً الوقت الكافي للقيام به. ثم اسأل نفسك كيف يمنعك هاتفك من القيام بتلك الأشياء.
مثلاً أعلم أن قضاء بعض الوقت مع الإصدقاء يحقق لي المتعة وأعلم أيضاً أنني اعتدت على إرسال الرسائل النصية إليهم عوضاً عن التحدث معهم بشكل شخصي. ويؤدي ذلك إلى قضاء نصف ساعة محدودبة الظهر على هاتفي وأنا أقاوم التصحيح التلقائي الذي يظن أنني أتحدث عن البط. وعندما أنتهي من كتابة الرسائل أخيراً أدرك أنني صامتة و وحيدة في مطبخي وقضيت 30 دقيقة في طباعة ما يمكن قوله في 5 دقائق.
حدد هدف معين
عندما تكتشف أن هاتفك يمنعك من القيام بشيء تستمتع به تكون قد أصبحت مهيئاً لتحديد الهدف.( وتستطيع تحديد عدة أهداف إن رغبت بذلك.). وأحب هذا النموذج: " أرغب في قضاء وقت أقل في ......... ووقت أطول في ......."
مثلاً: "أرغب في قضاء وقت أقل بكتابة الرسائل النصية ووقت أطول مع الأصدقاء شخصياً." ولاحظ مدى اختلاف هذه العبارة عن العبارة المبهمة (والعديمة المعنى)"أرغب بقضاء وقت أقل على هاتفي".
حدد النجاح
ما الذي يجعلك تشعر بالنجاح؟
يجب أن تكون واقعياً.- وعلى الأغلب لن تنتهي من قراءة كتاب ما في جلسة واحدة أو تقضي عطلة نهاية أسبوع تمتلئ كل لحظة فيها بالمتعة والمعنى والإنتاجية. ولكن إذا شعرت بالسعادة لدى رؤيتك لصديق محدد تستطيع تحديد النجاح بتناول القهوة معهم في بحر الأسبوع القادم. وإذا رغبت بقراءة رواية تحدد هدفاً لقراءة فصلاً كل ليلة.
بسط الأمور
تستطيع تغيير عادة ما بالإرادة وحدها ولكن ذلك لن يكون ممتعاً وغالباً ما يؤدي إلى الفشل. والأكثر فعالية هو إزالة المحفزات من العادة التي تحاول تغييرها وإضافة محفزات جديدة للعادة التي ترغب بتأسيسها.
دعنا نقول أنك تود قراءة الكتاب قبل النوم ولكنك تنشغل عنه بسبب هاتفك. أولاً تخلص من المحفز: ضع هاتفك على الشاحن في غرفة أخرى غير غرفة النوم. (وإذا أضطررت اشتري منبه منفصل).
ثانياً أضف محفزاً جديداً:ضع الكتاب بجانب سريرك في البقعة التي شغلها سابقاً هاتفك النقال. وبهذه الحالة عندما تحاول الإمساك بالهاتف بشكل غريزي تصادف الكتاب محله.
وافعل الشيء ذاته مع هاتفك. أطفئ الإشعارات. وإذا رغبت بقضاء وقت أقل على وسائط التواصل الإجتماعي احذف التطبيقات. (عندها إذا رغبت حقيقة بتفقد حسابك على تويتر ستضطر للقيام بذلك عبر نموذج موبايل أقل إسعاداً.)
اهتم بشكل خاص بالشاشة الرئيسية على الهاتف: يجب أن تضم فقط الأدوات وليس الإغراءات. قم بترتيب وتعديل تطبيقاتك لتسهيل القيام بالأمور التي تود القيام بها حقاً وتصعيب الأشياء التي تشعرك بالغيظ.
قم بالتغيير ببطء
لن تغير عاداتك بين ليلة وضحاها. وليس من الواقعي محاولة تغيير كل عاداتك دفعة واحدة. إختر شيئاً واحداً تركز عليه في كل مرة. ربما تقضي خمسة دقائق في التحديق بنافذة بدلاً من التصفح عبر الهاتف. وربما تنتظر صبيحة هذا الأحد حتى بعد الإفطار لحمل هاتفك. وربما تتفحص بريدك الإلكتروني ثلاثة مرات هذه الساعة بدلاً من 20 مرة. هناك دائماً فسحة للتحسن وإذا سرت في الإتجاه الصحيح لن يكون أي إنجاز صغيراً للغاية.
أسس قواعد السلوك
إذا أخرج صديقك سيجارة ونفث الدخان في وجهك لن تشعر بالحرج عند الطلب منه التوقف عن ذلك لأننا نمتلك تفهماً مجتمعياً بأن مثل ذلك السلوك هو سلوك شائن. ولكن إذا سحب نفس الصديق الهاتف في وسط حديثك معه عندها سيكون النصح أكثر صعوبة لأننا لم نتفق بعد على "أتيكيت" معين لاستخدام هواتفنا. ولن يتغير ذلك قط إن لم نبدأ بالتحدث عنه لذلك يجب أن تبدأ بالحديث عنه.
والنقطة التي نحاول توضيحها هي: يجب أن يكون استخدام هاتفك خياراً واعيا.
وعندما يعترض الهاتف في المرة التالية حديثاً مؤنساً أجعل ذلك بداية المحادثة. اطلب من صديقك" متى تعتقد أنه من اللائق استخدام الهاتف. ؟ ومتى تعتقد أن ذلك غير ملائم؟"
تذكر أن الهدف هو ان تشعر بشعور طيب
إذا حقق حذف تطبيقات التواصل الإجتماعي هدفه بالنسبة لك فهذا أمر رائع. ولكن إذا افتقدت الفيس بوك أعد تنصيبه من جديد. وبتعبير آخر جرب الخيارات. لن تقيد نفسك بشكل اعتباطي. أنت تحاول تحديد ما تحب وما تكره. وفي النهاية يجب أن تتأكد أن استخدامك للهاتف يجب أن يكون خياراً واعياً.
لا تتضايق من التقصير
لن تحظى مطلقاً بعلاقة مثالية مع هاتفك. ولكن ذلك لا يضير. يجب أن تمتلك شعور واضح بماهية العلاقة الصحية والنأي بنفسك عن المزالق. وإذا حدث ذلك وعندما يحدث ذلك لا تلوم نفسك. فقط خذ نفساً عميقاً وتابع المحاولة.
المصدر:
https://medium.com/s/greatescape/the-real-cost-of-phone-addiction-5a57a9b1be8
August 8, 2018
ً
-
إبراهيم عبدالله العلومهندس زراعي. مترجم.