وعند اطلاعي على صندوق الرسائل عندي، وجدت رسالة دعوى من صديقي المقرب لحضور حفل زفافه، وكونه بذلك القدر من القرب الي، ما كنت لاخلف الحضور في هذا الحفل، وكيف لا وهو صديقي المقرب!!

كانت البداية في الاستعداد مع شراء هدية له، وكوننا نعيش في مجتمع متباهي، يتسابق الكل ليتربع عرش السخافة بهدايا غالية، انا الاخر لا املك سوى تلك الانفة في التباهي امام الحضور، كان علي ان اشتريها غالية الثمن، بل وددت في شراءها و تكون الاثمن من بين غيرها من الهدايا.

استطعت اشتراءها، وكانت ثمينة حقا، نصحني البائع بوضع ورق الهدايا عليها، و عرض علي بعض الاغلفة الثمينة ايضا، الوانها جميلة فاقعة، تسر الناظرين، لكني ان وضعتها ما كنت لاتباهى بهديتي، و ما كان لجمهور الحاضرين، الراغين و بفضول معرفة ما زهجت به كهدية لاقرب اصدقائي، هكذا طاوعتني نفسي الظالة في ان ازف هديتي دون غطاء يسترها من اعين أئمة الفضول و حراس عقيدة الهدايا،....

و كذلك تم، دخلت قاعة الفرح، و الكل يطلع الى هديتي باهضة الثمن، و الكل مندهش من عدم وضعي لغلاف،... ثم سرعان ما الفه البعض، و اندثر ذلك الانبهار، ثم اصبحت هديتي بخسة بعدما اطلع اليها الكل، و علم محتواها، و ان كان غاليا، بل لم يعد لهديتي معنى، و علمت من ذلك ان الناس سرعان ما تطاوعك في زلاتك، و قد يتشبه بك البعض، و يساعدك البعض في المضي قدماً في خطئك، و بعدها يرد شماتته كلها في كيانك انت، و تصبح سلعتك بخسة،...

بعد مدة لست أدري كم من الوقت مر، لكني وجدت دعوة لحضور عقيقة صديقي ذاته، علمت ان جمهور الحضور سيكون نفسه، استفدت من زلتي، وارتئيت ان أغلف هديتي وسط صندوق كارتوني ثم فوقه ورق هدايا غاي الثمن، دخلت كما في حفل الزفاف، استغرب البعض تغليفي للهدية، واكتفى فقهاء الفضول بغض ابصارهم عن هديتي، وانطلقوا في مرج من الاسئلة، كان أبرزها كيف ستكون هذه الهدية؟ و الظاهر انها الاثمن، فطريقة حملها و كذا الغلاف الغالي، و الذي يتستر عن طبيعة الهدية، كاف لابراز مدى غلاء سعرها، و بهض ثمنها،....

وكذلك تركت لصديقي وحده معرفة مضمون هديتي، وتركت لقارء هذه القصة ان يخمن قصدي.