لا أدري متى اكتشفت ان العالم مكان بشع إلى هذا الحد،
و لا متى تيقنت اني سيء الحظ فقط،
ما اعرفه
هو اني أشعر بهذا الشكل منذ زمن طويل جدا ، من سنوات كثيرة عجزت عن عدها،
انظر في المراة فأصاب بالغثيان،
اتكلم فانتقد بشاعة صوتي،
افكر فاعاتب نفسي على غبائي،
اتصرف فاندم على تصرفاتي،
أشعر بالقبح و العجز والغباء ،
في كل مرة افكر او اتكلم او اتصرف فيها،
كم وددت ان احبني،
كم تمنيت أن أراني انسانا جميلا يليق به الحب،
كم انتظرت ان اتغير ، أو يغيرني احد او تغيرني الايام،
لكن مضت السنوات و اي من هذا لم يحدث،
لم افق من كوابيسي السوداء على حلم وردي،
ربما لم تكن كوابيسي بهذا السواد،
او لا وجود لحلم وردي اصلاً،
انا لست متأكداً،
الحقيقة اني لا أعرف، و لا يهمني ان اعرف،
المهم اني مشوه من الداخل،
مهشم و ضعيف
لم تزدني صفعات الحياة الا مراراً،
و لم تتركني جراح التجارب الا شبحاً،
و كل المعادلات لم تفلح معي،
ضربات امي كانت توجعني، و توعدات ابي تخيفني، و نظرات جدي تفزعني،
تربيتهم المزعومة في المدرسة و البيت و الشارع افلحت مع جميع الصغار و فشلت معي،
كل من اعرف و نشأ مثلي، و جد طريقه في الحياة الا انا،
تلك التجارب المريرة ملئتهم بالعزيمة و العناد و جعلت منهم كائنات قوية كالفولاذ،
لكنها شوهت قلبي،
العقاب اساء لي اكثر مما افادني،
و حلاوة الرضا لم تمحو مرارة القسوة،
و التوعدات اخافتني و حولتني الى كاذب،
و انا كنت طفلاً عاقلاً و صادقاً بطريقة غريبة،
لكني لا اتلقى مكافاة على صدقي،
بل علقة ساخنة و كلمات لاذعة تقلل من شأني و تشعرني بالمهانة و الذل،
و ها انا اليوم رجل على مشارف الخمسين،
و اذا بي اكتشف انني كنت محظوظا بالفعل،
و ان حياتي كانت عبارة عن فرص ثانية كثيرة ،بدأت فيها في كل مرة من جديد و لكنني للاسف تعاملت معها بنفس الطريقة و ضيعتها كلها،
لقد تغير العالم فعلا من حولي ٣٦٠ مرة في العام و ٢٤ ساعة في اليوم لكنني قررت ان اطل عليه من نافذة واحدة و في وقت محدد كل يوم ، و اتوقع نتيجة مختلفة
كان العالم يتحرك و يتغير و انا اراقبه و احكم عليه من زاويتي البعيدة الضيقة ، و تلك كانت المشكلة،
من الجيد ان ما بقي من العمر لا يساوي ما قد مضى،
لانني لن اتمكن من العيش بهذا الخزي لوقت طويل،
و عزائي الوحيد اني لم اترك ندوبا في اولاد يتعذبون من بعدي،
اولئك الأطفال الذين من شدة خوفي عليهم،
لم ارتبط بامهم،
لم انجبهم،
لم ات بهم اصلا للحياة،
حتى لا يتذوقوا يوما مرارة ما عانيته
-
كاتبةJournalist, feminist and writer