نزلت من سيارة أبيها التي توقفت أمام جامعة القاهره ،وقفت لتنتظر صديقتها المقربة " سحر" حتي يدخلا معاً ، إنه عامهم الجامعي الأول.
هناك من كان هذا عامهُ الأول ايضاً ولكن كمعيد وليس كطالب، وقف ليشرب شيئاً من الكافتريا حتي يهدأ قليلاً قبل أن يدخل ليشرح للطلبة للمره الأولي .
حتي رآها تقف متوترة ، تحتضن حقيبتها ، يبدو أنها بالصف الأول .
كانت فتاة رقيقة ذات ملامح هادئة وبريئة لها عينان واسعتان تشبها حبتا البندق ، وبشرتها الخمرية زادتها جمالاً وبرائة .
قطع شروده صوت عم محمد : القهوة اهي يا أستاذ ياسين.
- شكراً يا عم محمد .
................................................
- اتأخرتي كدا ليه يا سحر حرام عليكي .
-معلش والله يا رهف الطريق كان زحمه أوي .
- طيب تعالي ندور علي مدرج "ب" ده.
- أنا تعبت يا رهف و رجلي وجعتني استني نسأل أي حد .
- طب استني نسأل الولد اللي جاي علينا ده .
- لو سمحت ماتعرفش مدرج "ب" تجاره فين .
" شرح لهم طريق المدرج ، لكنه لم يستطع أن يخفي ابتسامته أنها طالبته "
...........................................
- الحقي يا رهف شايفه اللي أنا شيفاه .
- مش ده اللي لسه سألينه علي مكان المدرج ؟
- ايوه وطلع هو الدكتور يا رهف ، هنسقط من قبل ما نبدأ ، ما تيجي نمشي قبل ما يشوفنا .
- هو احنا عملنا ايه يعني ، احنا سألناه علي مكان المدرج بس ومكناش نعرف انه الدكتور يعني .
- بعدين ما هو اللي شكله صغير وقمر كدا انا كنت هعرف منين .
- خلاص اسكتي يخربيتك يمكن ماياخدش باله .
.................................
" كان يبحث عن وجهها من بين الطلبة حتي رآها بين الحاضرين ، ابتسم لها و بدأ يعرف نفسه للطلبة "
- ازيكوا يا شباب كل سنه وانتو طيبين ، أنا دكتور ياسين هدرسلكو مادة الإداره .
.......................
- شايفه يا سحر بيبتسملنا ازاي ، شكله عرفنا .
- عرفنا ايه يبنتي بس ، ده زمانوا بيفكر هيسقطنا ازاي .
- يعني حبكت معاكي يا سحر تسأليه هو من بين كل الناس .
- اهو اللي حصل بقي .
- خلاص احنا بعد المحاضره نروح نعتذرله .
....................................
"ما إن انتهت المحاضرة وبدأ الطلبة في إخلاء القاعة ، وبدأ ياسين في لم أدواته لينصرف ، حتي وجدها تتقدم إليه هي وصديقتها ، ابتسم إليهم حتي يرفع عنهم الحرج ويهموا بالحديث "
- دكتور أنا ورهف كنا عايزين نعتذر لحضرتك عشان الصبح ، احنا مكناش نعرف إن حضرتك ...
- حصل خير يا آنسه...
- اسمي سحر يا دكتور .
-مافيش حاجه تستاهل انكو تتوتروا كدا ، المهم تكونوا استفدتوا من محاضره انهارده ، ولو احتاجتوا أي حاجه أنا موجود في مكتبي .
- آه يا دكتور شكراً لحضرتك .
.................................
- مدي يا سحر هنتأخر علي المحاضره .
-هنتأخر علي المحاضره بردو ؟
- بيوحشني أوي يا سحر ، بستني كل محاضره عشان اشوفه .
- وآخره ده ايه يا رهف بس .
- معرفش يا سحر ، بحاول اغض بصري عنه طول الوقت بس غصبن عني مش بيطلع من قلبي .
- ربنا يراضي قلبك بيه يا رهف و افرح بيكي معاه قريب .
- يارب يا سحر يارب .
.................................
" كان يبحث عن وجهها بين الحاضرين ، لينظر إليها خلثه ، ليملأ بها محيطاته العاشقة المُتيمة بها ، منذ أن رأيتها أول مره وهي تسرق مني نومي وأحلامي و تفكيري "
"لا أدري كيف ومتي وقعتُ فيك ، أشعر وكأن روحي تناجيك الآن ، في حضره قلبك ، تسكن كل جوارحي ، لم تعد تخنقني كلماتي التي لا أبوح بها إليك ، فأرواحنا ربما تتناجي الآن ،
فكتبت إليك ربما تصلك حروفي ..
" تحيه بروحك يا عزيزي ، ألم تشتاق إليّ أو لرواياتي التي أكتُبها من أجلك ، أما أنا فأشتاق كثيراً ".
...............................
- خليكي هنا يا رهف هروح بسرعة هاجيب لينا أكل وحاجه نشربها وهاجي بسرعه .
- طيب بس متتأخريش .
" كان ياسين يجلس في مكتبه في مكان يسمح له برؤية حبيبته ، ولكن لم يكن هو فقط من يراقبها ، كان هناك وليد وشلته ،
كان وليد من نوع الشباب هذا الذين يغرقون في ثراء أبيهم ، يقضون أوقاتهم مع الفتيات ، ولم يعتد أن يريد شئ ولا يحصل عليه ، كان وليد يتكأ علي سيارته الفارهه و يحملق في رهف "
وليد: مين الصاروخ اللي واقفه هناك دي .
أحمد : هي صاروخ فعلا و مصاحبه بت قمر كانت هنا من شويه .
وليد : لأ البت دي دخلت دماغي ، بس شكلها محترمه كدا ومش هعرف أوقعها بسهوله .
أحمد : بس أنا جاتلي فكره ، و تجبلك البت دي لحد عندك كمان .
.................................
أحمد : السلام عليكم يا آنسه .
رهف : وعليكم السلام .
أحمد : حضرتك رهف صاحبه سحر .
رهف : اه مالها سحر .
أحمد : أصلها اغم عليها في الكافتريا وتعبت وزمايلنا نقلوها مستشفي قريب من هنا و هي عايزاكي .
رهف : ايه ! يا حبيبتي يا سحر ، مستشفي ايه دي .
أحمد : تعالي أنا هوصلك ، ماتقلقيش هي بقت كويسه .
............................
وفي الخارج كان وليد ينتظر في سيارته ، حتي تأتي رهف وأحمد وينفذوا خطتهم ، لكن كان هناك ياسين يراقب كل هذا و الشرر يكاد يطق من عينه لم يعهد رهف تتحدث ابداً مع الشباب ، كما انها كان يبدو عليها الهلع عندما حدثها بشئ ما ، لكنه في النهاية قرر أن يمشي خلفهم ليريح قلبه من هذا العذاب .
وهو خارج من مكتبه اصتدم بسحر و هي تلقي عليه السلام ، لم يعيرها انتباه وأكمل طريقه ، ثم عاد إليها وقال .
- مين اللي رهف مشيت معاه دلوقتي ده .
- رهف مشيت مع شاب ! لأ طبعا رهف مش بتكلم شباب أكيد في حاجه غلط .
- تعالي معايا بسرعة طيب .
ركب سيارته وخلفه سحر التي انقبض قلبها و سالت دموعها قلقاً علي صديقتها الوحيدة.
- هو حضرتك واخدني علي فين .
- أنا ماشي ورا العربية اللي ركبت فيها رهف مع الشابين دول .
- ايه ركبت مع شابين !
ابطأ سيارته عندما توقفت السياره التي يراقبها ، توقفت في شارع جانبي مشبوه لا يمشي فيه أحد .
رهف : هي فين المستشفي دي .
بدأ وليد أن يضع يده علي جسمها ، لينتهك حرمه جسدها البرئ ، ظلت تصرخ بكل قوتها و تقاوم هذا السافل ، سمع ياسين وسحر صرخاتها المكتومة ، حتي نزل من سيارته وطلب من سحر أن تبقي في السياره .
ليجد وليد يمزق ملابس رهف .
لم يشعر بنفسه إلا وهو يفتح باب السياره ويشد منها وليد ويضربه يشده ويضرب رأسه في سقف سيارته وبدأ ينزف حتي سقط علي الأرض ، وفر أحمد هارباً "
جاءت سحر وأسرعت إلي صديقتها بعد أن سترت جسدها و انزلتها من سيارة وليد و أدخلتها الي سياره ياسين واحتضنتها و انخرطا في بكاء مرير .
كان ياسين يقف في الخارج الدماء تحتقن في وجهه ، يكاد أن ينفجر غضباً ، ما الذي اتي بها في سياره مع شابان بمفردها ، سيجن من التفكير .
أخيراً دخل سيارته وأوصل الفتاتان إلي بيت رهف دون أن ينطق بكلمة "
انقطعت رهف عن كليتها لعدة أسابيع ، كيف تُريه وجهها مره آخري بعد ما حدث ، حتماً ظن أني فتاة سيئه الآن ، بكت حبيبها ، قلبها يحترق شوقاً لرؤيته ، تريد أن تذهب إليه وتشرح له أنها مظلومة، وتصرخ وتقول له أنها تحبه بل تعشقه.
- مش كفايه كدا يا رهف وتنزلي الجامعه بقا .
- مش هقدر ابص في عنيه يا سحر .
- روحي واشرحيله اللي حصل .
- لأ طبعا مش هعمل كدا .
" لم يراها من يومها ، تركته في حيرته وغضبه منها ، يريد أن يعرف الحقيقه لتهدأ نفسه ، يشتاق إليها كثيراً ،مرت عليه هذه الأسابيع كأنها سنوات ، يكتفي بسؤال سحر من وقت لأخر عن صحتها لتجيب أنها بخير ، لم يجرؤ علي أن يسالها بأي شئ يخص هذا اليوم ، اختار أن يعيش هذه الحرب التي بداخله .
ليفاجئ بسحر تدق باب مكتبه في يوم وتستأذن الدخول .
- صباح الخير يا دكتور .
- صباح النور يا سحر ، اتفضلي .
- دكتور كنت عايزه اتكلم معاك في موضوع .
- اتفضلي يا سحر سامعك.
- رهف ملهاش ذنب يا دكتور ، هما السفله دول ضحكوا عليها وقالولها إني تعبت ونقلوني المستشفي ، لما لقوا إنها مش بنت سهله ومش هتيجي معاهم بسهوله عملوا عليها التمثيليه دي ، رهف لا يمكن تعمل كدا ابداً ، الحمدلله إن حضرتك شوفتهم ولحقناها في الوقت المناسب .
.................................
- رهف ..
- نعم يا بابا .
- في دكتور من الجامعة عندك اسمه ياسين قاعد بره .
- دكتور ياسين عندنا ؟
- ايوه وطلب إيدك مني .
- انت بتتكلم جد يا بابا .
- البسي بس وتعالي اقعدي مع الراجل .
دخلت لتجده بجوار أبيها ، بإبتسامته الجذابة التي طالما عشقتها ، يرتدي حلة أنيقة زادته وسامه ، وبجواره باقة من الزهور الحمراء ، كانت تشعر أنها خفيفة كالفراشة ، تكاد تطير وتحلق معه بعيداً ، جلست إلي جانبه ، قدم إليها الزهور ، لا هو قدم إليها قلبه وأحلامه التي تسكنها ، كانت ترتدي فستاناً أرجواني وحجاب أبيض ،كانت كالأميرات ، عيناها تلمع وكأني سقطت في بحر من العسل .
- موافقه يا بابا .
" أوافقك يا عزيزي ، فإن كانت قد وصلتك كلامتي ، وإن كنت قد سمعت مناجاه روحي لك ، فأنا أحبك "
#ندي_نديم