معروف لدينا أن الخفافيش غامضة ومخيفة، وخاصةً بعد موجة الإدعاء القائم بانتقال ڤيروس كورونا عن طريقهم. ولكن ماذا لو حاولنا معرفتهم جيدًا؟
إذا ذكرت الخفافيش، ذُكر اعتقادنا بأنها فقط سوف تمص دماءنا، ولكن وجد أن ثلاثة من أصل ١٢٠٠ نوع من الخفافيش الذين يعتبرون مصاصي دماء، وواحد منهم فقط يمكنه مص دم الثدييات. ورغم خوفنا منهم إلا أن الأنواع مصاصة الدماء لها أهمية كبيرة في الطب؛ وذلك لاحتواء لعابها على مادة كيميائية تسمى (Desmoteplase) والتي تساعد بدورها على خفض معدلات ضغط الدم بالانسان، بل يتم اختبارها حاليًا لتُستخدَم في علاج السكتات الدماغية.
كما أن ٧٠٪ من الخفافيش تتغذى على الحشرات، وبالتالي تساعد في الحد من خطرهم وانتقال الأمراض. أعرف ما يدور بذهنك الآن في أنهم أنفسهم ينقلون الأمراض، ولكن دعني أخبرك أن هذا يحدث بنسبة ٥٪ وتحديدًا في نقلها لمعظم الڤيروسات، وسنتحدث عن ذلك بالأسفل ولكن دعني أستكمل الأهميات.
خفاش الفاكهة مثلًا —والذي يطلق عليه (Megabat) لضخامته— له دورٌ هام في عملية التلقيح النباتي، وذلك عن طريق التحول بين الأزهار والتغذي على رحيقهم وثمارهم، فينقل البذور التي تساعد النباتات على التكاثر، ولنذكر منها الخوخ والموز وحتى الصبار، الذي تنتج معظم ثمارهم بمساعدة ووجود الخفافيش.
ناهيك عن أن الخفافيش تعتبر مصدر إلهام قوي؛ فبوجود أجنحتها وأحزمتها الفريدة، أنتجنا رجل الخفاش الآلي، وحتى طائرات الطاقة؛ هل تعرف أنها الثدييات الوحيدة التي تطير بواسطة الطاقة؟
لا ننسى الاعتقاد السائد —والخاطئ بالتأكيد— بأن الخفافيش لا ترى، والحقيقة التي ربما لا تعرفها أن كل الخفافيش تبصر، بل إن بعضها لديه عينان كبيرتان للرؤية حتى في النور الخافت.
كما وعدتك سنتحدث عن الأمراض.. فرغم نسبتها الضئيلة في نقلها، ولكن هذا يظهر جليًا في مرضها هي أولًا، حيث الخفافيش التي لا تطير وتلك التي تظهر في وضح النهار.
التغيرات المناخية أيضًا تهدد وجودهم، فمثلًا بارتفاح درجات الحرارة في أستراليا عام ٢٠١٤، مات أكثر من ١٠٠,٠٠٠ خفاش. بالإضافة إلى متلازمة الأنف الأبيض (White nose syndrome) التي تنهي حياتهم في أمريكا.
الأمر بسيط.. الخفاش مهم جدًا بالنسبة لنا، والحفاظ علينا يتم أولًا بالحفاظ عليه، والذي يتم أولًا بالبعد عن درجات الحرارة المرتفعة جدًا، والتوقف عن أكله، والاهتمام بكهوفه، وكذلك معالجته جيدًا، فرغم كونه بطلًا إلا أنه يحتاج للإنقاذ وقتٍ ما.
-
فؤاد ياسر عامرطالب بكلية طب عين شمس، أهتم بالفنون والآداب، كما أؤمن بأن العلم هو الطريق الوحيد نحو التغيير.