حياتنا عبارة عن جدول كبير، فعمرك تقسمه علي طريقة الجدول، في عام 2000 فعلت كذا، و في 2001 أنجزت كذا، و في 2002 أفضل عام في عمري، و عام 2005 أسوأ عام مر عليًّا،و كذلك الشهور في السنة الواحدة، و الأيام أيضا، نرسم جدولا، و نخطط فيه.

فمثلا يوم الجمعة الأجازة الأسبوعية، و السبت بداية العمل، و الأحد سأزور من أحب إلخ.

حتي في راتبك المكون من ألف جنيه مثلا، ترسم جدولا، و تقسم 300 جنيه مواصلات، و 200 جنيه مصروفات شخصية، و هكذا.

في الوزن الزائد نرسم جدولا و نضع خطة، فنقول: "جدول لتنظيم الأكل لمدة 4 أسابيع لأفقد 10 كيلوجراما من وزني"

جداولنا كثيرة، و تفكيرنا أكثر، و همومنا أكبر، فلماذا لا نصنع جدول مختلف ؟!

لماذا لا نصنع جدولا لتنظيم الفرح و الإنبساط في حياتنا.

وسط كل هذه الجداول ننسي إستمتاعنا بالحياة، فاصنع "جدول أسبوعي للإنبساط".

و من أساسيات هذا الجدول :

رياضة و موسيقي :

في مصر بمجرد أن يأتي علي ذهن الشاب ممارسة الرياضة فيقول "هنزل الجيم من الشهر الجاي"، و المشكلة هنا هي "عدم مجئ الشهر الجاي" و يستمر في المماطلة حتي يصل كرشه إلي كعوب قدميه، الرياضة ليست كمال الأجسام فقط، بل المشي رياضة هل تتخيل ذلك ؟!

أعتقد أن يوم الأحد مناسب لرياضة المشي فهو في بداية الأسبوع، ففي البداية نحتاج إلي تنشيط للجسد ليتحمل معاناة أيام الأسبوع المقبلة.

فرياضة المشى تعمل على تعديل المزاج والتركيز الفكرى والتقليل من التوتر العصبى وتقليل الشعور بالتعب عند بذل أى مجهود وتعمل على تقليل الشعور بالجوع وتقوى عضلات القلب وزيادة كفاءتها والتقليل من ضغط الدم والتقليل من مستوى الدهون الضارة فى الدم، كما أنها تعمل على تنظيم وزن الجسم وتنظيم النوم والخلود إلى النوم العميق(1).

إذن يوم الأحد و أنا عائد من العمل أمشي لمدة 30 دقيقة و أضع موسيقتي المفضلة في أذناي و أفكر في أحلامي و أهدافي.

الأطعمة المفرحة :

أنا من الأشخاص الذين يأكلون لتحسين مزاجهم، فإذا كنت كذلك، فاختر يوما في الأسبوع و ليكن الجمعة يوم الإجازة،فتأكل في مطعمك المفضل أو تدخل المطبخ بنفسك و تطبخ أكلتك الجميلة، و هناك من يعدل مزاجه أكل الفاكهة مثلا، فإن كنت من عشاق الفاكهة فاشتر فاكهتك المفضلة يوم الجمعة، استمتع بأكل المانجو و أنت تشاهد فيلم كوميدي، سيتغير مزاجك للأفضل بكثير و عن تجربة.

و هناك أطعمة معينة لتعديل المزاج يمكنك الإستعانة بهم، مثل : "الشوكولاتة، المكسرات، و الفراولة".

قيام الليل و الدعوة :

أعتقد حان الوقت علينا كشباب، لنقم الليل بركعتين فقط و في يوم واحد فقط (مفيش أسهل من كده)، و علي الرغم من سهولة هذا الموضوع إلا أننا نهمله.

فنحن نشاهد الأفلام و نسهر عليها بالساعتين و الثلاثة، و نسهر علي البلاي ستيشن، و نجري في الملعب ساعة في لعب كرة القدم، فلماذا لا نوفر القليل من مجهودنا، و نختار يوم واحد في الأسبوع نستيقظ فيه قبل الفجر بنصف ساعة و نصلي ركعتي قيام ليل، أعتقد أن يوم الخميس مناسب لهاتين الركعتين، فيوم الجمعة إجازة و بإستطاعتنا أن نسهر قليلا.

و بصراحة أقولها إذا كان هناك أشياء كثيرة تكون سببا في جلب الإنبساط في حياتك، لكن قيام الليل غير، فركعتين في جوف الليل و الدعاء لله بما تود أن يتحقق من أحلامك هو أصل الإنبساط و منبع الفرحة، و يكتمل هذا الفرح إن استيقظت و وجدت أن دعائك قد استجاب.

و هل هناك أجمل من قول الرسول صلي الله عليه و سلم : (ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، حتى ينفجر الفجر".

الصوم يحسن المزاج :

أجرى فريق بحثي بقيادة كوربي مارتن من مركز بنينغتون للأبحاث الطبية في لويزيانا، ونشرت في مجلة "جاما" للطب الباطني(2)، بحثا يفيد بأن الصيام عن الطعام يساعد كثيرا علي تحسين مزاج الفرد، لذلك من سنة الرسول صلي الله عليه و سلم صيام يومي الإثنين و الخميس من كل أسبوع، ففي البداية يمكنك أن تختار يوما واحدا بينهم، فبجانب تحسين الصوم للمزاج، فإن في اليوم الذي تصوم فيه تستحضر أيام رمضان المبهجة، و هذا يؤثر أيضا علي تحسين مزاج الفرد الصائم، فالعودة إلي الماضي الجميل تحسن المزاج ظائما و أبدا.

في النهاية أود أن أقول وسط جداول مشاغلك، لا تنسي أن تصنع جدولا تهتم فيه بحياتك و سعادتك و علاقتك بربك، فباستطاعتك أن تزود ما تشاء في هذا الجدول، ما ذكرته في المقال كانت العناصر الأساسية فقط.

لذا ابدأ من ألان و ارسم جدولك الخاص و استمتع بلحظات حياتك قليلا.